درس خارج اصول استاد اشرفی

90/09/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: تعارض الاستصحابين

انتهي كلامنا الي ان التعارض بين الاستصحابین قد يكون من قبيل السبب و المسبب و قد يكون ناشئا من العلم الاجمالی بمخالفة احدهما للواقع

اما المقام الاول: كما اذا غسل ثوب نجس بماء طاهر شك في بقاء طهارته فانه بمقتضي استصحاب الطهارة في الماء يحكم بطهارة الماء و يكون الاستصحاب سببيا و بضم كبري «كلما غسل بماء طاهر فهو يطهر» يحكم بطهارة الثوب و لاتصل النوبة الي الاستصحاب المسببي و الحكم ببقاء نجاسة الماء .

ان قلت: ما هو المحذور في جريان الاستصحاب في المسبب دون السبب و الحكم بنجاسة الثوب و بالتالي الحكم بنجاسة الماء ؟

قلنا: ان هناك عام و هو قوله (عليه السلام) «لاتنقض اليقين بالشك» و فردان منه و هما اليقين بطهارة الماء و الشك في بقائه و نجاسة ‌الثوب و الشك في بقائها و تكون نسبة‌ هذا العام اليهما بالسوية ولكنه جريان الاستصحاب في السبب يوجب الحكم بخروج الفرد الثاني و هو المسبب بالتخصص؛ لان الماء اذا صار محكوما بالطهارة بمقتضي الاستصحاب، يطهر كلما يغسل به شرعا فلايشك حينئذ في ارتفاع النجاسة عن الثوب بعد غسله بمثل هذا الماء و يكون الحكم بطهارة الثوب و رفع اليد عن اليقين بنجاسته، نقض اليقين باليقين بالطهارة .

اما اذا جرينا الاستصحاب في المسبب دون السبب؛ فانه يلزم منه خروج الفرد الاول و هو الماء المشكوك طهارته عن تحت «لاتنقض اليقين بالشك» بالتخصيص من دون مخصص اذ جريان الاستصحاب في المسبب يوجب الحكم ببقاء نجاسة الثوب و لازم ذلك كون الماء نجسا حين الغسل و عدم شمول «لاتنقض اليقين بالشك» له من دون مخصص .

ثم ان المحقق النائيني طرح سؤالا و أجاب عنه فی فوائده فقال

ان قلت: ان تصوير حكومة الاصل السببي علي المسببي انما يفرض فيما اذا كان في المقام دليلان متمايزان و هما الدليل الحاكم و الدليل المحكوم كما تراه في حكومة دليل «لاربي بين الوالد و الولد» علي دليل «حرم الربي» و لكن المقام ليس فيه الا دليلا واحدا و هو قوله عليه السلام «لاتنقض اليقين بالشك» الا انه يشمل فردين في المقام و هما اليقين بطهارة ‌الماء و الشك في بقائه و اليقين بنجاسة الثوب و الشك في بقائها و حكومة الاصل السببي علي المسببي هنا عبارة عن حكومة فرد من العام علي فرد آخر منه.

قلنا: ان القضايا الحقيقية الكلية تنحل الي القضايا المتعددة بتعدد افراده فان قوله «اكرم كل عالم» ينحل الي «اكرم زيدا العالم» و «اكرم بكرا العالم» و «اكرم عمروا العالم» و ... و هكذا قضية «لاتنقض اليقين بالشك» فانها تنحل الي قضايا متعددة التي تكون كل منها دليلا منحازا عن الآخر فكانه دل ورد دليل علي انه «لاتنقض اليقين بطهارة الماء بالشك في طهارته» و دليل آخر علي انه «لاتنقض اليقين بنجاسة الثوب بالشك في طهارته» فعليه لامحذور لمثل حكومة الاصل السببي علي المسببي .

هذا تمام كلامنا في تعارض الاصل السببي و المسببي

اما المقام الثاني: و هو ما اذا كان تعارض الاستصحابين ناشئا عن العلم الاجمالي بكذب احدهما فانه ينقسم الي قسمين

الاول: ان يلزم من جريان الاستصحابين في اطراف العلم الاجمالي مخالفة عملية .

الثاني: ان يلزم من جريان الاستصحابين في اطراف العلم الاجمالي مخالفة التزامية .

اما القسم الاول: كما اذا وقعت قطرة بول في احدي الآنيتين المسبوقتين بالطهارة فانه لوخلي و طبعه يجري الاستصحاب فيهما لتمامية اركان الاستصحاب من اليقين بالطهارة و الشك في طرو النجاسة و لكنه لايمكننا الحكم بطهارتهما معا و استعمالهما فيما كان الاستعمال مشروطا بالطهارة كالوضوء بهما او الوضوء باحدهما و شرب الآخر او الوضوء باحدهما و تطهير الثوب للصلاة بالآخر لاستلزامه مخالفة عملية للعلم الاجمالي بنجاسة احدهما فيترتب علي جريانهما معا اما ان يكون الوضوء باطلا او ثوب المصلي نجسا او الشرب حرما .

فهنا يتساقط الاستصحابان لئلا يلزم منهما ترخيص الشارع المعصية لانه قبيح و لايصدر منه القبيح قطعا سواء كان ترك الواجب او الاتيان بالحرام و ترخيص احدهما دون الآخر ايضا ترجيح بلامرجح و لا يكون ايضا لجريان الاستصحاب في احدهما دون الآخر لابعينه مصداقا خارجيا؛ لان الشيء مالم يتشخص لم‌يوجد .

اما القسم الثاني: كما اذا وقع المطر في احدي الآنيتين المسبوقتين بالنجاسة و طهرها فان الحكم بنجاسة كل منهما بمقتضي الاستصحاب و الاجتناب عنهما لايعد مخالفة عملية و لايوجب ترخيصا لمعصية و لذا ذهب الآخوند في المقام الي جريان الاستصحابين و لكن الشيخ و المحقق اختارا القول بعدم جريانهما.

ما هو ثمرة القول ؟

تظهر الثمرة فيما اذا لاقي اليد احدي الآنيتين فانه علي مذهب الآخوند يجب تطهير اليد لانهما محكومان بالنجاسة و وجوب الاجتناب عنهما ولكنه لايجب تطهيره علي مختار الشيخ و الميرزا لعدم الحكم بنجاستهما و عدم جريان الاستصحاب فيهما الا ان الشيخ قال بان العلة هي قصور شمول «لاتنقض اليقين بالشك» لاطراف العلم الاجمالي اثباتا و المحقق علله بقصور الدليل عن الشمول ثبوتا لا اثباتا و سيأتي البحث فيه ان شاء الله .

و الحمد لله