درس خارج اصول استاد اشرفی

90/09/20

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: الوجه في تقديم الامارات علي الاستصحاب

انه لا اشكال و لا خلاف في تقدم الامارات و الادلة الاجتهادية علي الاصول العملية التي من جملتها الاستصحاب و انما الكلام في وجه تقديمها و انه من باب التخصيص او الحكومة او الورود .

فعليه اذا شككنا في بقاء طهارة ماء مع قيام البينة علي نجاسته لا تصل النوبة الي دليل «لاتنقض اليقين بالشك» فيحكم بنجاسته بمقتضي الامارة و لا فرق في تقديمها عليها بين ما اذا قامت في الموضوعات او الاحكام و لا شک فی ان الاصل الاولی فی التکالیف هو عدم ثبوت التکلیف بمقتضی استصحاب عدم التکلیف اما اذا قام حجة شرعي كقول العادل او الاجماع علي حرمة شيء او وجوبه لاتصل النوبة الي استصحاب عدم التكليف فيقدم الامارات علي الاستصحاب و علي سائر الاصول العملية كاصالة الطهارة و الحلية و البرائة و الاحتياط و التخيير، بالطريق الاولي .

و الذي يهمنا في المقام هو وجه تقديم الامارات علي الاصول العملية فنقول:

نقل الشيخ في الرسائل ان المحقق القمي قال بتقديمها من باب التخصيص و التوفيق و الجمع العرفي بين الادلة و ذهب صاحب الكفاية الي كونه من باب الورود و اختار الشيخ و المحقق النائيني و سيدنا الاستاذ الخوئي القول بتقديمها من باب الحكومة .

و بداية لابأس بتوضيح اربع مصطلحات ليظهر الفرق بينها و الصحيح من الاقوال في المقام فنقول:

التخصص: هو خروج بعض الافراد عن تحت الموضوع تكوينا و وجدانا بلاحاجة الي التعبد كخروج زيد الجاهل عن «اكرم كل عالم» .

الورود: و هو ما يقابل التخصص لكونه خروجا موضوعيا عن تحت الدليل بمؤنة التعبد لا بالوجدان فانه مثلا بعد التعبد بحجية قول العادل - و ان لم‌يحصل منه اليقين بمؤداه- يقدم علي دليل البرائة العقلية و هو «قبح العقاب بلا بيان» لانه يصير بيانا فيخرج منه بعد ذلك وجدانا لتحصيل البيان في المقام فلاتصل النوبة الي التمسك بدليل البرائة العقلية.

فعليه اذا قام قول العادل مثلا علي حرمة العصير العنبي يصير هذا الخبر بيانا بالتعبد ثم يخرج من تحت البرائة العقلية وجدانا. فالتعبد انما نحتاج اليه في اصل اثبات الشيء و بعده يكون الخروج عن تحت الدليل وجدانا .

و لذا ذهب الشيخ و الآخوند الي القول بتقديم الامارات علي الاصول العقلية الثلاثة من باب الورود حيث ان «عدم البيان» الذي يكون موضوع البرائة العقلية يرتفع بتحصيل البيان و «احتمال العقاب» الذي يكون موضوع الاحتياط العقلي يرتفع بقيام الحجة الشرعية و «عدم الرجحان و التحير» الذي يكون موضوع التخيير العقلي يرتفع بتحصيل المرجح .

التخصيص: و هو خروج حكمي مع التسلم علي وجود الموضوع فانه بعد الاقرار بان قوله «اكرم كل عالم» يشمل زيد العالم يخرج منه زيد بدليل المخصص «لاتكرم زيد العالم» و هكذا النسبة بين قوله تعالي «احل الله البيع» و قوله عليه السلام « نهي النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) عن بيع الغرر» لكون البيع الغرري من جملة البيع فيكون الخروج عن تحت حكم العام حكمي لا موضوعي .

الحكومة: و هو علي ما فسره الشيخ في مبحث التعادل والتراجيح و إرجاعه اليه في المقام عبارة عن كون الدليل الحاكم ناظرا و مفسرا و شارحا للدليل المحكوم بحيث لو لم‌يكن الدليل المحكوم، اصبح الدليل الحاكم بلا مفهوم و بلا معني معقول و مثل له بقوله (عليه السلام) « لا ربا بين الوالد و الولد» و قال انه حاكم علي قوله تعالي « و حرم الربا» فان الآية هي حكم واقعي و اولي للربا و هو الحرمة و الدليل الثاني المسمي بالحاكم نفي الربا بين الوالد و الولد سواء كان الزيادة في القرض او الربا و من المعلوم ان الدليل الحاكم لايكون نفيه تكوينيا بإخباره عن نفي وقوع الزيادة حينئذ؛ ضرورة وقوعها بين الوالد و الولد؛ بل المراد من قوله عليه السلام هو انشاء التكليف فيكون المراد منه نفي حرمة الربا بينهما فيفسر الدليل الحاكم ان المراد من الدليل المحكوم هو حرمة الربا فيما سوي هذا المورد .

و هكذا بالنسبة الي قوله (عليه السلام) «لاشك لكثير الشك» فانه حاكم بالنسبة الي ما يبين حكم الشك في الصلاة‌ من الروايات كقوله (عليه السلام) «اذا شككت فابن علي الاكثر» فمن المعلوم ان كثير الشك يشك كثيرا فلايمكن نفي الشك عنه فيكون المراد من نفي الشك عنه؛ ان الشارع لم يجعل لشكه حكما فلاينبغي الاعتناء به في الصلاة و وجه التقديم هو تقدم ظهور الكلام المفسِّر و الشارح علي المفسَّر و المشروح كما يقدم ظهور يرمي علي ظهور الاسد في قوله «رأيت اسدا يرمي» لظهور «يرمي» في الرمي و النبال لكونه من صفات الشجاع و يفهم منه بان المراد ليس الحيوان المفترس فيحمل معني الاسد علي خلاف ظاهره و هو الشجاع فعليه كما يقدم ظهور القرينة علي ذي القرينة و يوجب صرف المعني من الحقيقي الي المجازي في ذي القرينة بحيث لو لم‌يكن ذو القرينة تكون القرينة لغوا كذلك في الحاكم و المحكوم فان الحاكم هنا بمنزلة القرينة علي ان المراد من المحكوم هو ما فسره الحاكم .

فبالجملة ذهب الشيخ الي ان الوجه في تقديم الامارات علي الاصول التي من جملتها الاستصحاب هو الورود فلو قامت أمارة علي طهارة ماء كان نجسا سابقا او علي عدم وجوب صلاة الجمعة مع ان الاستصحاب يقتضي الطهارة و الوجوب فيهما، فان الأمارة لاترفع الشك بالوجدان بل يحكم بالفعل بطهارة الماء و وجوب صلاة الجمعة .

و اعترض الآخوند علي كلام الشيخ بان الدليل الحاكم لا يكون شارحا و مفسرا لقوله‌ (عليه السلام) «لاتنقض اليقين بالشك» او قوله (عليه السلام) «كل شيء لك حلال» فلايكون التقديم من باب الحكومة بل يكون من باب الورود. و للكلام تتمة

و الحمد لله