درس خارج اصول استاد اشرفی

90/08/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: تصدي المحقق النائيني لتوجيه كلام الشيخ في رد مرجعية العقل لتشخيص الموضوع

ان الکلام فی تعیین الضابطة في مرجعيت العقل أو العرف أو الدليل الشرعي لتشخيص الوحدة بين الموضوعين في القضية المتيقنة و المشكوكة فيها؛ نشأ من اختلاف العلماء فی جریان استصحاب الحکم فی بعض الموارد ففيما اذا صار الكلب مثلا ملحا أو ترابا بسبب وقوعه في المملحة أو دفنه في الارض، یقع الكلام في جريان الاستصحاب بعد هذا التبدل و التغيير في الموضوع.

او اذا احترق الخشب النجس و صار رمادا فهل یحكم بنجاسته عند الشك في حكمه بمقتضي الاستصحاب ام يكون التبدل في الموضوع مانعا من جريانه .

و هكذا بالنسبة الي زوال التغير الموجب لنجاسة الماء فانه اذا زال التغير بنفسه فهل يرتفع حكم النجاسة عن الماء لاحتمال كون التغیر سببا للنجاسة حدوثا و بقاءا او يحكم بنجاسته للاستصحاب .

و هکذا یقع الکلام فی جریان الاستصحاب عند الشک في بقاء عدالة مرجع تقليد للشک فی بقاء الموضوع .

و السر فی الاختلاف فی الجمیع هو الشک فی التبدل فی الموضوع و بما ان الاتحاد بین القضیة المتيقنة و المشكوكة فيها، شرط في جريان الاستصحاب و الاتحاد منوط بوحدة الموضوع يقع الكلام في موارد يحتمل معه تبدل الموضوع .

ثم انه مر الكلام في رد مشخصية العقل بانه يلزم منه عدم جريان الاستصحاب بالمرة عند عروض اي تغيير و لو كان قليلا لدقة‌ العقل في المحاسبة فيري كل تغيير و لو كان من الحالات موجبا لتغيير الموضوع و لا شك في ان سبب الشك في بقاء الحكم هو تغير ما، الذي حصل في موضوع الاول فلو ان ثوبا نجسا شككنا في طهارته بسبب احتمال نزول المطر عليه؛ لم يكن الموضوع الاول باقيا اذ الموضوع كان الثوب النجس مع العلم بعدم اصابة المطر به و الثاني هو الثوب النجس مع الشك في اصابته المطر و انهما متباينان موضوعا .

هذا ما رد به الآخوند مرجعيت العقل لتشخيص الموضوع و وحدته .

اما الشيخ فقد رد مرجعيت العقل بان لازم ذلك عدم جريان الاستصحاب في الشك في المقتضي اذ الموضوع غير متيقن البقاء فيه دون الشك في الرافع .

مثال: اذا كان الزيت الموجود في المصباح كافيا لاضائته بمدة ساعتين فشك بعد ساعة في بقاء ضيائه فحينئذ لايكون الشك الا من حيث عروض مانع كهب ريح او غيره من الموانع و الا كان المقتضي للاحتراق موجودا لمدة ساعتين فهنا عند الشك يجري الاستصحاب

اما اذا شك في بقاء ضيائه للشك في اقتضائه للاحتراق فلا يجري فيه الاستصحاب لتبدل الموضوع بالدقة العقلية .

و استشكل علي رد ملازمة الشيخ بانه مطابق لما اختاره من المبني في الاستصحاب من عدم جريان الاستصحاب عند الشك في المقتضي دون الشك في الرافع مع ان كلامه في رد الملازمة يوهم انه اختار جريان الاستصحاب في الشك في المقتضي ايضا .

اما المحقق النائيني الذي يتصدي غالبا لتوجيه كلمات الشيخ قال ان مراد الشيخ من الرافع هنا غير ما اراده في اول بحث الاستصحاب فلا ينافي كلامه هنا كلامه هناك فان للرافع في كلامه اطلاقان

و حاصل كلامه علي ما ذكره مصباح الاصول: أن الرافع تارة يطلق و يراد به ما يقابل المقتضي، فيراد به ما يمنع عن تأثير المقتضي لبقاء المقتضى بعد تأثيره في الحدوث، سواء كان وجوديا أو عدميا.

و هذا المعنى مراد الشيخ(ره) في مقام التفصيل بين موارد الشك في المقتضي و موارد الشك في الرافع في حجية الاستصحاب، فإذا كان شئ باقيا بنفسه إلى الأبد - ما لم يقع شئ موجب لارتفاعه كالنجاسة والطهارة - وشككنا في بقائه، فلامحالة يكون الشك شكا في وجود الرافع، فيجري الاستصحاب.

و إذا شككنا في بقاء شئ لاحتمال انتهاء أمده لا لاحتمال وجود رافع له - كخيار الغبن بعد الاطلاع والتأخير في النسخ - فلايجري الاستصحاب، لكونه من موارد الشك في المقتضي.

و أخرى يطلق الرافع و يراد به ما يقابل المانع، فيراد به الامر الوجودي الذي يوجب رفع شئ عن صفحة الوجود وإعدامه بعد حدوثه، و المانع عبارة عما يمنع عن حدوث الشئ.

و بعبارة أخرى المانع عبارة عن ما أخذ عدمه في حدوث شئ، والرافع عبارة عما أخذ عدمه في بقاء شئ بعد حدوثه، كالطلاق بالنسبة إلى علاقة الزوجية .

و هذا المعني من الرافع مراد الشيخ ههنا و النسبة بين الرافع بهذا المعني المقابل للمقتضي اعم من الوجودي و العدمي كما تقدم بخلاف الرافع المقابل للمانع فانه مختص بالوجودي كالمانع .

هذا ملخص ما ذكره في توجيه كلام الشيخ [1]

و علي اي تقدير فقد اجمع العلماء علي عدم كون العقل هو المرجع في تعيين الموضوع و اتحاده في القضيتين .

و الحمد لله


[1] - مصباح الاصول ص237.