درس خارج اصول استاد اشرفی

90/07/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 موضوع البحث: تحقیق مقدمات کلام النائینی

قد مضی حکم المحقق النائینی(ره) بنجاسة الماء فی الحادثین (الملاقات مع النجس و حدوث الکریة) فی جمیع الصور و انه قوله مبتن علی ثلاث مقدمات:

الاولی: عدم جریان الاستصحاب فی معلوم التاریخ

الثانیة: استفادة شرطیة احراز الکریة قبل الملاقات لعدم التنجس من الروایات، فلو کانت الکریة متأخرة عن الملاقات او مقارنة لها یتنجس الماء اذ الاستصحاب تکون بلااثر و الاصل مثبت فلا یحکم بطهارة الماء

الثالثة:‌ عدم احراز المخصص الوارد علی العام یوجب ان یکون عموم العام الالزامی حاکم .

قال المحقق النائینی(ره): انه اذا استثني من حكم الزامي عنوان وجودي، يفهم منه العرف ان احراز هذا العنوان جزء للموضوع، فلو لم يحرز العنوان المذكور يرجع الي حكم العام، فاذا قال المولي لعبده: لاتاذن في الدخول علي الا للعالم مثلا، يفهم منه العرف ان الموضوع لجواز الاذن هو احراز عنوان العالم. و المقام من هذا القبيل، لانه حكم في الشريعه المقدسه بوجوب الاجتناب عن الماء الملاقي للنجاسه، واستثني منه ماء الكر، فيفهم العرف منه ان الموضوع لعدم وجوب الاجتناب هو احراز الكريه. و في صوره عدم احراز الكريه يرجع الي حكم العام، وهو وجوب الاجتناب .

و فرّع على هذا الأصل فروعا كثيرة :

منها: ما لو علمنا بقلة ماء و كريته ، وشككنا في أن المتقدم هو الكرية حتى يحكم بنجاسته فعلا للملاقاة ، أو القلة حتى يحكم بعدم نجاسته ، فيتعارض استصحاب عدم الكرية حين الملاقاة باستصحاب عدم القلة ، وبعد التساقط لا يمكن الرجوع إلى قاعدة الطهارة ، لما تقدم من الأصل ، فيحكم بالنجاسة . وكذا الكلام في الماء الذي ليس له حالة سابقة ، كالمخلوق دفعة فرضا ، أو الماء الذي لا نعلم حالته السابقة.

و منها: ما لو شككنا في كون دم أقل من الدرهم ، فيحكم بوجوب الاجتناب عنه ، لان المستثنى من وجوب الاجتناب عن الدم هو الأقل من الدرهم ، ويفهم منه العرف أن المستثنى هو احراز كونه أقل من الدرهم ، فمع عدم الاحراز يرجع إلى حكم العام لا للتمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، بل لان المستثنى هو احراز كونه أقل من الدرهم بحسب فهم العرف .

و منها: ما لو شككنا في كون امرأة من المحارم ، فيحكم بحرمة النظر إليها ، لان المستثنى من حرمة النظر هو احراز كونها من المحارم بحسب فهم العرف ، فمع عدم الاحراز يرجع إلى حكم العام - انتهى ملخص كلام المحقق النائینی ( قدس سره ) .|

و قد انتهی کلامنا الی تحقیق هذه المقدمات

اما بالنسبة الی مقدمته الاولی: فقد استشکل الاستاذ فیه معللا بجواز جریانه عند ملاحظته بالنسبة ‌الی مجهول التاریخ لصیرورته مجهولا حینئذ.

و الحق مع المحقق و هو عدم جریان الاستصحاب فی معلوم التاریخ اذ الفهم العرفی لا یساعده و لاأقل من الشک فیه و المستأنس من ادلة الاستصحاب هو ان الشیء المتیقن السابق محکوم بالبقاء طوال زمان الشک فیه، و لا نرفع الید عن الیقین الا اذا علمنا برفع الحالة السابقة.

اما الثانیة: فقد استشکل الاستاذ فیه ایضا قائلا برجوع الضمیر فی «لاینجسه» الی الماء لا الی الماء الکر فلا تفید الروایة الشرطیة المذکورة.

و الحق ظهور رجوع الضمیر الی الماء الکر لا مطلق الماء کما استفاده المحقق مضافا الی ما أیده الاستاذ سابقا من ان القیود فی القضایا ترجع الی الموضوعات .

اما الثالثة: فقد استشکل الاستاذ فیه ایضا و قال: اما بالنسبة الی ما أسسه من الأصل:

فإنه إن كان مراده ان الموضوع للحكم الواقعي هو الاحراز، فيلزم منه انتفاء الطهارة واقعا في صورة الشك في الكرية، لكون موضوع الطهارة الواقعية هو احراز الكرية على الفرض، فلو توضأ بماء مشكوك الطهارة مع الغفلة ، يلزم الحكم ببطلان وضوئه، ولو انكشف بعد الوضوء كونه كرا في الواقع. و هذا شئ لم يلتزم به أحد .

و إن كان مراده ان الموضوع للحكم الظاهري هو احراز الكرية، وان الحكم الظاهري مجعول طريقا إلى الحكم الواقعي نظير وجوب الاحتياط . و ان قوله علیه السلام: " إذا بلغ الماء قدر كر . . . الخ " منحل إلى بيان حكمين، أحدهما: الحكم الواقعي وموضوعه الكر الواقعي . ثانيهما: الحكم الظاهري الطريقي، وموضوعه احراز الكرية ، فكل ما لم تحرز كريته محكوم بالانفعال ظاهرا .

ففيه ان استفادة الحكمين من مثل قوله عليه السلام: « إذا بلغ الماء قدر كر . . . » دونه خرط القتاد، فانا لانفهم منه بعد مراجعة العرف إلا حكما واحدا واقعيا، و هو ان الكر لا ينجس بملاقاة شئ من النجاسات.

و أما ما فرعه على الأصل المذكور من الموارد، فالحكم فيها وان كان كما ذكره، إلا أنه ليس مبنيا على ما ذكره من الأصل، بل مبني على جريان الأصل الموضوعي، ففي مثل المرأة المرددة بين الأجنبية والمحرم، يحكم بحرمة النظر إليها لأصالة عدم كونها من المحارم، فان النسب من الأمور الحادثة .

و كذا الكلام في الفروع الاخر. غاية الامر أن الأصل الموضوعي يختلف باختلاف الموارد، ففي بعض الموارد يكون من قبيل أصالة العدم الأزلي - كما في المرأة المرددة - وفى بعض الموارد يكون من قبيل أصالة العدم النعتي - كما في المثال المذكور في كلامه - من الشك في كون أحد عالما مع قول المولى لاتأذن في الدخول علي إلا للعالم، فالأصل عدم كونه عالما، فإنه حين تولده لم يكن عالما يقينا، والأصل بقاؤه على ما كان .

و اخیرا فی مسألة الحادثین ـ ملاقات النجس مع الماء و تتمیم الماء کرا و الشک فی المتقدم منهما و المتأخر- ثلاث صور:

الأولی: کونهما مجهولی التاریخ فحینئذ یتعارض الاستصحابان و یتساقطان و المرجع اصالة الطهارة .

الثانیة: کون الملاقات مجهول التاریخ فقط فحینئذ استصحاب عدم الملاقات الی بعد الکریة جار فیحکم بطهارة الماء و لا یجری الاستصحاب فی معلوم التاریخ

الثالثة: کون الکریة‌ مجهول التاریخ فقط فحینئذ لا اثر لاستصحاب عدم الکریة الی بعد الملاقات اذ جزء من الموضوع ثبت بالوجدان و هو الملاقات و الآخر و هو عدم الکریة حین الملاقات بالاصل فیحکم بنجاسه الماء .

هذا محصل کلامنا فی المسألة فتحصل من جمیع ما ذکرنا سابقا و آنفا ان جریان الاصل فی الصور الثامنة مشروط بشروط:

الاول: العلم بوجود الحالة السابقة للمستصحب وجودیة کانت ام عدمیة، بسیطة کانت کالتقدم ام مرکبة ککون الموت سابقا علی الاسلام .

الثانی:‌ ترتب الاثر الشرعی علی المستصحب فلو ترتب الاثر علی لازمه العقلی لایجری الاستصحاب.

الثالث: عدم وجود المعارض للاستصحاب فی المقام و الا یتعارض الاستصحابان و یتساقطان .

الرابع: عدم العلم الاجمالی بکذب احدهما کما اذا کان لکل من التقدم و التاخر اثر و احتملنا التقارن فعندئذ لامعارضة بین استصحاب عدم التقدم و استصحاب عدم التأخر اما اذا علمنا اجمالا بعدم التقارن فیکذب احد الاصلین الآخرَ.

فاعلم ان الاتفات الی هذه الاربعة من المقدمات سیحل حکم جمیع الصور المتصورة فی الحادثین ان شاء الله .

و الحمد لله