درس خارج اصول استاد اشرفی

89/10/05

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: فی الصحة و الفساد

من الاحکام الوضعیة التی یبحث فی انها هل من المجعولات الشرعیة ام لا، الصحة و الفساد. و لا ریب فی انهما من الاحکام الوضعیة المتعلقة بالعمل بل تتعلق بغیرها من الامور التکوینیة ایضا فیقال الخِلُّ او التفاح صحیح او انه فاسد و لاشک فی ان مثلها منالامور التکوینیة، لیست من الوضعیات المجعولة بل انها تتصف بالصحة عندما یوجد فیها ما یُترقَّب منه من الآثار عند وجود الاجزاء و الشرائط و الا تتصف بالفساد فالبحث عنهما فی الامور التکوینیة خارج عن اطار الکلام و انما الکلام فی الصحة والفساد الوصفین المتعلقین بافعال المکلفین کالصلاة و الصوم و الحج و النکاح و الصلح و الاجارة .

ثم ان العلماء اختلفوا فی کونهما من المجعولات الشرعیة او المنتزعات من مطابقة العمل مع الواقع التی لیست بمجعولة بالإصالة او التفصیل بین تعلقهما بالعبادات و المعاملات فتکون مجعولة فی الثانی دون الاول او التفصیل بین الاوامر الاضطراریة و الظاهریة فیکونان مجعولین و الاوامر الواقعیة و المعاملات الواقعیة فیکونان غیرمجعولین.

ثم انه ینبغی التعرض للتعاریف الواردة للصحة و الفساد فی کلمات الفقهاء فتارة عرفوا الصحة، بمطابقة العمل مع ما هو المطلوب من الخصوصیات لدی الشارع و أخری بما کان مسقطا للاعادة و القضاء و ثالثة بما یترتب علیه المقصود کالزوجیة فی النکاح و الملکیة فی البیع و... و ما لم‌یکن داخلا فی هذه التعاریف الثلاث، سموه الفاسد و لا یخفی التلازم بین هذه التعاریف فاذا طابق العمل مع ما هو المطلوب لدی الشارع فهو مسقط للإعادة و القضاء و یترتب علیه، المتوَقَّع من الآثار.

و کیف کان ذهب جماعة الی ان الصحة و الفساد غیر مجعولین شرعا بل العمل تتصف بالصحة عند مطابقته مع المأمور به و بالفساد اذا لم یطابقه و واضح ان المطابقة مع الواقع و عدمها امران تکوینیان لا حکمان شرعیان و اعتباران قانونیان. فعلیه الصحة و الفساد فی اعمال المکلفین کالصحة والفساد فی التفاح و الخل من الامور التکوینیة فکما ان ماهیة الصحة فیهما، هی مطابقتهما مع ما یترقب منهما، کذلک الصحة فی عمل المکلفین هی مطابقتها مع الواقع و ما اعتبره الشارع. فحینئذ ما طابق الواقع یترتب علیه الاثر و یسقط به الاعادة و القضاء و یحصل ما هو المقصود من العمل و عندما لا یطابق الواقع و القیود المعتبرة الشرعیة تتصف بالفساد و لا ینطبق علیه احد الملاکات الواردة فی تعریف الصحة و الفساد و لذلک ذهب عدة الی ان الصحة و الفساد امران تکوینیان منتزعان من مطابقة العمل مع الواقع و عدم المطابقة کما یستفاد ذلک من کلام الشیخ فی الرسائل.

اما الاخوند فی البحث عن النهی عن العبادات فی الامر السادس من المقدمات فصل بین العبادات و المعاملات قائلا بکونهما من المجعولات الشرعیة فی المعاملات اذ معنی الصحة فیها هو ترتیب الاثر الشرعی علی المعاملة و حکم الشارع بنفوذ المعاملة فی المقصود و معنی الفساد هو عدم ترتب الحکم الشرعی و ما هو المقصود فی المعاملة. فالبیع مثلا عند تقدم القبول علی الایجاب او تعلقه بما لا‌یملک او کونه غرریا لا یترتب علیه اثر شرعا فیحکم علیه بالفساد شرعا. اما اذا تعلق بما یملکه البایع یترتب علیه الاثر «احل الله البیع». و لکنهما فی العبادات من الامور التکوینیة التی لا حاجة الی الجعل فیهما اذ المطابقة و عدمها امران تکوینیان .

یمکن ان یقال: ان الصحة و الفساد وصفان للموجودات الخارجیة و انهما من ماهیة واحدة للاشیاء کتفاحین من ثمرة شجرة التفاح التی تتصف احدهما بالصحة عند السلامة من الآفات و اخری بالفساد عند عروض الآفة فیه، فانهما وصفان جزئیان للموجود الخارجی فلا یکونان مجعولین شرعا لا فی العبادات و لا فی المعاملات لان العبادة اذا طابق الواقع بحسب الخارج فهو صحیح و اذا خالف الواقع فهو باطل و فاسد و هکذا البیع و الشراء و النکاح و غیرها من المعاملات فالبیع مثلا اذا طابق البیع الشرعی و ما امر به الشارع فهو صحیح و الا باطل فما الفرق بین العبادات و المعاملات مع انهما وصفان للعمل الجزئی الخارجی؟

فنقول: یرد عدم الفرق بینهما، بان الشارع رتب الاثر علی کلیات من المعاملات تأسیسا ام امضاءا فقال «احل الله البیع و حرم الرباء» فصحح کلی البیع و هو المعاوضة الرائجة فی الاموال المتعارفة بین الناس و رتب علیه آثارا و لم یرتب علی کلی الربا الذی هو معاملة المبیع بنفس النوع مع الزیادة. فنری ان الشارع رتب علی بعض اقسام المعاملات الاثر و اعتبره صحیحا دون الاخری الذی لم‌یرتب علیه الاثر و اعتبره فاسدا. فنکاح الشغار فاسد لان الشارع لم‌یمضه ولکن امضی النکاح غیر الشغار لغیر المحارم و رتب علیه الاثرفهو صحیح.

فمعنی الصحة هو ترتیب الاثر شرعا و معنی الفساد هو عدمه، فیتضح کونهما مجعولین شرعا فی المعاملات و بما ان القضایا الشرعیة علی نهج القضایا الحقیقیة و ینحل الحکم بحسب الافراد، یفسد افراد نکاح الشغار بحکم الشارع اینما یحقق فی الخارج و بالعکس امضی الشارع کلی البیع و افراده مثل البیع بین زید و عمرو و الامر فی الامضاء و الابطال بید الشارع.

هذا. اما فی العبادات، فالجامع لجمیع الاجزاء و الشرائط متعلق الامر و الفاقد لبعضها لیس متعلقا للامر، فلایتصور للصحة و الفساد المعنی المذکور فی المعاملات لان الوجوب مثلا تتعلق بالمرکب من الاجزاء و الشرائط و الفرد الخارجی للصلاة اذا طابق الکلیُ المأمورَ به فهو صحیح و الا فاسد فعلیه ان الصحة و الفساد فی العبادات غیر مجعول فی الکلی و الجزئی . اما الکلی لانه متعلق الامر و لامعنی لصحته و فساده و اما الجزئی لان الصحة و الفساد منتزعان من مطابقته مع المأمور به و عدمها الذین هما امران تکوینیان. الی هنا بیان کلام المحقق الخراسانی فی التفصیل بین العبادات و المعاملات .

و الحمد لله