درس خارج اصول استاد اشرفی

89/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: تحقیق الحال فی الاحکام العقلیة

مثل الشیخ(ره) فی الرسائل بأن العقل اذا حکم بقبح الصدق الضار و کان الضرر موجودا فی الصدق فحکم العقل موجود قطعا و ان لم یکن الضرر موجودا فینتفی حکم العقل لان الملاک فی حکمه هو الضرر و قد انتفی ومنه یظهر انه من دوران الامر بین النفی والاثبات .

ولو فرضنا استنباط الحرمة الشرعیة من حکم العقل فحکم الشرع تابع لحکم العقل وجودا و عدما کما ان حکم العقل بالقبح تابع لوجود المناط و هو الضرر فی المثال، فاذا انتفی حکم العقل ینتفی حکم الشرع ولا سبیل للاستصحاب.

اما اذا لم یکن المستند لحکم الشرع هو حکم العقل کحکم الشارع بحرمة الکذب مثلا فیبقی الحرمة مادام الکذب باق و اذا انتفی بعض القیود الغیر المقومة للذات یستصحب الحکم بالحرمة کما اذا فرضنا ان الموضوع للحرمة، هو الکذب الضار فزال الضرر، یبقی الحرمة بالاستصحاب لبقاء الموضوع عرفا.

اورد الآخوند و المحقق النائینی(ره) علی الشیخ(ره) بان من الممکن وجود المصالح والمفاسد الأخری فی الموضوع، لم یدرکها العقل وحکمه کان مستندا الی وجود بعض القیود التی لها الدخل فی المفسدة الخاصة و لعل بعض القیود لا دخل لها بالحکم او ادرک القبح مثلا عند وجود قید خاص کفعل ذی مفسدة مضر ببدن الفاعل، یوجب ایذاء الاهل و الجار، فهذه المجموعة توجب الحکم بالقبح فی منظر العقل اما اذا فُقد قیدٌ، عجز العقل عن تشخیص المفسدة وان کانت القیود الباقیة کافیة للحکم بالحرمة عند الشرع کارتفاع قید العلن اذا کان متخذا فی موضوع حکم العقل فارتفع وکانت المفسدة موجودة بعد ارتفاعه و لذلک قال الآخوند و المحقق النائینی(ره) ان الحکم الشرعی لا یرتفع دائما بارتفاع الحکم العقلی لامکان مع بقاء الموضوع عرفا بقاء المناط فالاستصحاب المتخذ موضوعه من العرف، جار اذا کان الباقی هو الموضوع عند العرف. فما ذهب الیه الشیخ فی المقام من عدم جریان الاستصحاب، غیر صحیح.

مناقشة الاستاذ الخوئی علی ما أورداه الآخوند و المحقق النائینی(ره) علی الشیخ(ره)

توضیح المناقشة یتوقف علی بیان مقدمة فقال:

الاحکام العقلیة بالنسبة الی استنباط الحکم الشرعی علی نحوین

الاول:المستقلات العقلیة، التی احاط العقل بجمیع جوانب الموضوع و ادرک ملاک المصلحة و المفسدة بالکامل ثم یحکم بحسنه وقبحه کادراک حسن الاحسان الی الناس وقبح الظلم و التعدی الی حقوق الآخرین فحکم بأن الاحسان حسن و ان الظلم قبیح وهذا هو المعبرعنه بالعقل العملی و هو محل الخلاف بین العدلیة و الاشاعرة. فالعدلیة ذهبوا الی ان العقل یدرک الحسن و القبح وعلیه یعتقد بعدالة الله تبارک وتعالی و باستحالة صدور القبیح منه بینما الاشاعرة ذهبوا الی القول بأن العقل لا یدرکهما و الحسن ما حسنه الشارع و القبیح ما قبحه الشارع وهذا القول مستلزم لتعطیل العقل و تحصیل العلوم فهو باطل بل کما ان العقل النظری یدرک البدیهیات کاستحالة الجمع بین الضدین، کذلک یدرک فی الفلسفة العملیة ان بعض الامور قبیح لا ینبغی فعلها عن العاقل فضلا عن الله و بعض آخر حسن ینبغی ان یفعل. فهذه تسمی بالمستقلات العقلیة التی یستقل العقل بکشفها.

الثانی: کشف العقل ما له دخل فی الاحکام الشرعیة فیما اذا صدر الشرع حکما ثم تبین علة الحکم فیری العقل تلک العلة موجودة فی مکان آخر فیحکم تبعا للشرع کما اذا حرم الشرع الخمر للاسکار ثم رأی العقل الاسکار فی الحشیش و البنج فیحکم بقبح استعمالهما و حرمتهما.

و الفرق بینهما واضح فالعقل فی القسم الاول، یکشف الحسن و القبح مستقلا ثم حکم الشرع تابع له و متخذ منه. اما الثانی، فحکم العقل متأخر عن حکم الشرع فی مقام الصدور فکلام الآخوند والمحقق(ره) یصح فی القسم الثانی لامکان عروض النقصان فی تشخیص الملاک فیری جزء العلة، علة تامة للحکم، کما اذا کان المناط الواقعی فی حکم الشرع بحرمة الخمر، اعظم من اسکاره و لکن العقل یراه تمام السبب للحکم بالحرمة فتسری الی الحشیش و البنج و حکم بحرمتهما فهذا المورد الذی ادرکه العقل، الحکم من القدر المتیقن من الدخالة فی الحکم و لعل هناک مفسدة أخری لم یعثر علیها العقل.

اما القسم الاول فالمفروض فیه: ان الاهمال فی الواقعیات محال فالعقل ادرک قبح ضرب الیتیم وان الملاک فی الحرمة هو الظلم و ان التعدی الی حقوق الآخرین ظلم فینتفی الحکم بقبحه اذا انتفی موضوع الظلم والمفروض ان حکم الشرع تابع فقط لتشخیص العقل هنا ولا حکم للشرع ولا مستند له هنا الا من جهة حکم العقل والملازمة بینهما، فلا یعقل فیه الاختلاف بین حکم العقل والشرع ولا یتصور بقاء حکم الشرع المستند الی حکم العقل بعد زوال حکم العقل فاذا کان هناک حرمة أخری فی العمل فهو ناش عن مفسدة أخری عند الشرع غیر ما هو مستند الی ما ادرکه العقل بل ناش عن ملاک آخر فالحق مع الشیخ و لا یجری الاستصحاب فاذا ادرک العقل استحالة اجتماع الامر و النهی وانه لا یجتمع حرمة الغصب و الامر بالصلاة و ان القبیح لا یمکن ان تصبح العبادة وحکم الشرع ایضا استنبط من هذا الحکم العقلی ، فحینئذ اذا لم یحرم الغصب بالنسبة الی المحبوس ینتفی حکم العقل بالاستحالة و ینتفی حکم الشرع بالحرمة ایضا لاستناده الی حکم العقل و سیأتی توضیح آخر للمقام.

و الحمد لله