46/04/17
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: فقه الطهارة- موجبات الوضوء ونواقضه- ناقضية النوم- منطقة النوم.
الرابع : النوم مطلقاً ، وإن كان في حال المشي إذا غلب على القلب والسمع والبصر ، فلا تنقض الخفقة إذا لم تصل إلى الحد المذكور.[1]
ناقضية النوم للوضوء
أولاً ذكر الروايات مما به تمسك لما نسب إلى الصدوق من عدم بطلان الوضوء بالنوم جالساً.
لا يخفى ظهور عدة من الروايات في اعتبار نوم القلب والسمع والبصر منها صحيح زرارة[2] ورواية سعد[3] .
1. ما نسب إلى الصدوق و والده مخالف لظاهر الآية بعد تفسيرها بالقيام من النوم بضميمة صحيحة زرارة عن الإمامين حيث سألهما عما ينقض الوضوء فقالا: ما يخرج من طرفيك الأسفلين؛ من الذكر والدبر، من الغائط والبول، أو مني أو ريح، والنوم حتى يذهب العقل.[4]
وثانياً لعل نظرهما في الحصر بغير النوم -كما ذكره الحدائق- في قبال القيء والقلس والقبلة والحجامة والمذي والوذي والرعاف مما يخرج أو يصدر من الإنسان في قبال العامة لا الانحصار بالأربعة.
ثم لا يخفى أن المستفاد من الروايات أن النوم الغالب على القلب والمستتبع لذهاب العقل وتعطيل الحواس هو حقيقة النوم وأمارته وعدم السمع والبصر لا أن حقيقة النوم عدم السمع والبصر حتى ينقض بالأعمى والأصم والشاهد على ذلك رواية زيد الشحام[5] وفي آخرها: إن علياً عليه السلام كان يقول: من وجد طعم النوم فإنما أوجب عليه الوضوء. وما بمضمونه[6] .
2. يظهر من الروايات أن النوم الناقض للوضوء هو حقيقة النوم سواء عرض في أي حالة من الحالات من القيام والقعود والاضطجاع وغيرها وما ورد من عدم الوضوء عند النوم قاعداً مما روي مرسلاً عن موسى بن جعفر عليهما السلام «لا وضوء عليه ما دام قاعداً إن لم ينفرج.»[7] وغيرها من الأحاديث الأربعة[8] قاصرة الدلالة أو السند وراجع تقريرات الشیخ الغروي[9] .
وبذلك يظهر أن النوم الناقض للوضوء هو النوم المستولى على القلب المستتبع لذهاب العقل وتعطيل الحواس عن احساساتها ويستكشف تلك الحقيقة من النوم الغالب على البصر والسمع لا أن عدم السمع والبصر بنفسهما نوم حتى ينقض بفاقد الحاستين، بل هما في الإنسان السالم علامة لذهاب الدرك والعقل الذي هو حقيقة النوم، ويشهد لذلك رواية زيد الشحام المذکورة « سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفقة والخفقتين، فقال: ما أدري ما الخفقة والخفقتين، إن الله تعالى يقول: بل الإنسان على نفسه بصيرة إن علياً عليه السلام كان يقول: من وجد طعم النوم فإنما أوجب عليه الوضوء.» وما رواه عبد الرحمن بن الحجاج المذکورة «سألت أبا عبد الله عليه السلام وذكر مثل ما تقدم في رواية زيد الشحام إلا أنه قال: من وجد طعم النوم قائماً أو قاعداً؛ فقد وجب عليه الوضوء.» وما رواه عبد الله بن المغيرة ومحمد بن عبد الله قالا: سألنا الرضا عليه السلام عن الرجل ينام على دابته؟ فقال: إذا ذهب النوم بالعقل فليعد الوضوء.
أقول: لا يخفى أن عدم البصر والسمع ليسا متحدين مع النوم بل هما علامتان أو الملازمان لحصول النوم عادةً وإلا فالمدار على نوم القلب وهو عدم درك القلب وهو مقارن عادةً مع الامن مع الأمرين لاسيما عدم درك الأذن بحسب ذاته فإنه أولاً متأخر عن نوم العين وثانياً ملازمة تقدم غض العين على عدم سماع الأذن بل على نوم العين بحسب العادة بل ربما لا يغمض العين في النوم لأجل مرض ومعذلك يحصل النوم له.
المصادر
1. العروة الوثقى، السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، المتوفى: ۱۳۳۷ ه.ق. الناشر: مكتب آية اللة العظمى السيد السيستاني، المطبعة : ستاره، عدد الأجزاء: 2.
2. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، المتوفى: ۱۱۰۴ه.ق. التحقيق: الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، دار احياء التراث، بيروت–لبنان، عدد الأجزاء: 20.
3. التنقيح في شرح العروة الوثقى، الخوئي، السيد أبوالقاسم، المتوفی: 1413ه.ق. المقرر: الشيخ ميرزا علي الغروي، الشهید: 1419ه.ق. عدد الأجزاء: 9.