بحث الفقه الأستاذ مصطفي الأشرفي‌شاهرودي

46/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- موجبات الوضوء ونواقضه- ناقضية الريح والنوم.

الثالث: الريح الخارج من مخرج الغائط إذا كان من المعدة صاحب صوتاً أو لا، دون ما خرج من القبل، أم لم يكن من المعدة كنفخ الشيطان، أو إذا من الخارج ثم خرج.

الرابع : النوم مطلقاً ، وإن كان في حال المشي إذا غلب على القلب والسمع والبصر ، فلا تنقض الخفقة إذا لم تصل إلى الحد المذكور.[1]

ناقضية الريح للوضوء

لا يخفى أن قوله «ضرطة تسمع صوتها، أو فسوة تجد ريحها»[2] ليس دخيلاً في الموضوع وإنما هو لرفع الاشتباه عما ينفخه الشيطان، وإلا كان علم بالنفخة الحاصلة من هضم الغذاء فلا حاجة إلى السماع أو استشمام الريح، ويدل على ذلك صحيحة معاوية بن عمار «إن الشيطان ينفخ في دبر الانسان حتى يخيل إليه أنه قد خرج منه ريح، فلا ينقض الوضوء إلا ريح تسمعها أو تجد ريحها»[3] وكذلك رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله[4] ورواية علي بن جعفر[5] (ذيلها) ورواية المعتبر[6] .

والشاهد على أن المدار بنفس الريح أحاديث حديث الأول[7] و الثاني[8] من زرارة والسادس[9] و الثامن[10] كلهم من الباب الثاني.

وحيث وقع عبد الرحمن بن الحجاج وزرارة تكلمت في أحوالها وما ذكره المحقق الأردبيلي النسبة إلى عبد الرحمن من انتمائه إلى الكيسانية وبذلك أخدش في بعض الروايات التي وقع عبد الرحمن في سنده لكنه أراه عمل في بعض فتاواه بروايته.

وتكلمنا أيضاً في أحوال زرارة واهتمامه بحفظ ما سمعه من الصادقين عليهماالسلام.

ثم ذكرنا الروايات التي صرحت بناقضية الريح للوضوء كموثقة عمار الساباطي[11] وصحيحه علي بن جعفر[12] المصرحة بأنه إذا علم الإنسان بخروج الريح لكنه ثم يسمع صوته ولم يشم ريحه فأمر الإمام بإعادة الوضوء والصلاة. وكذلك ما نقله صاحب الوسائل عن كتاب المعتبر للمحقق الحلي الظاهر في كون سماع الصوت واستشمام الريح ليسا دخيلين في الموضوع إلا من جهة الطريقية.

ثم تكلمنا في ناقضية النوم وقلنا باتفاق أصحابنا على الناقضية سوى أنه نقل عن الصدوق ووالده عن النقض لمن نوم جالساً. وذلك للنقل الصدوق الرواية الظاهرة في ذلك ولكنه لم يصرح بذلك في فتواه، وإنما نسب القول به إليه لأجل ما ذكره في أول كتابه «الفقيه» من أنه لا يذكر في ذلك الكتاب إلا ما هو حجة بينه وبين الله تعالى ويفتي بمضمونه.

لكن شيخنا الاستاذ الحلي نقل عن كتاب ابن الصدوق اتفاق الإمامية على ناقضية النوم للوضوء ولو كان والده أو جدّه لم يقولوا بذلك بل قالا بعدم ناقضية النوم في حال الجلوس لنقل ذلك لأنهما من أكابر علماء الشيعة.

ثم لا يخفى أن النوم الذي يكون ناقضاً للوضوء هو نوم القلب بحيث لا يدرك الإحساسات الواقعة في جوانبه فلا يكفي نوم العين، نعم لا باس بدلالة نوم الأذن وعدم سماع الأصوات على نوم القلب أيضاً. والشاهد على ذلك صحيحة زرارة[13] المذكورة وغيرها من الأخبار المصرحة بذلك.

ثم لا فرق في ناقضية النوم بين كونه حال الاصطجاع ام أو الجلوس أو القيام حتى حال المشي كما سمعناه أن بعض الجمالين نيامون مع الجمال راكباً وحتى راجلاً.

تفصيل البحث سيأتي في الأيام الآتية إن شاء الله.

المصادر

    1. العروة الوثقى، السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، المتوفى: ۱۳۳۷ ه.ق. الناشر: مكتب آية اللة العظمى السيد السيستاني، المطبعة : ستاره، عدد الأجزاء: 2.

    2. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، المتوفى: ۱۱۰۴ه.ق. التحقيق: الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، دار احياء التراث، بيروت–لبنان، عدد الأجزاء: 20.


[1] العروة الوثقی، 1/141و142.
[2] محمد بن الحسن بإسناده عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يوجب الوضوء إلا من غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها، أو فسوة تجد ريحها. وسائل الشيعة، الباب1 من أبواب نواقض الوضوء، ح2، 1/175.
[3] محمد بن الحسن بإسناده عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن الشيطان ينفخ في دبر الانسان حتى يخيل إليه أنه قد خرج منه ريح، فلا ينقض الوضوء إلا ريح تسمعها أو تجد ريحها. ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية ابن عمار مثله. المصدر، الباب، ح3، 1/175.
[4] محمد بن علي بن الحسين باسناده عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله، أنه قال للصادق عليه السلام: أجد الريح في بطني حتى أظن أنها قد خرجت، فقال: ليس عليك وضوء حتى تسمع الصوت، أو تجد الريح، ثم قال: إن إبليس يجلس بين أليتي الرجل فيحدث ليشككه. ورواه الشيخ بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي، عن أحمد ابن هلال، عن محمد بن الوليد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله مثله أقول: وتقدم في حديث الوسوسة في النية ما يدل على هذا المعنى. المصدر، الباب، ح5، 1/175.
[5] عبد الله بن جعفر في (قرب الإسناد) عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي ابن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال، سألته عن رجل يتكئ في المسجد فلا يدرى نام، أم لا، هل عليه وضوء؟ قال: إذا شك فليس عليه وضوء. قال: و سألته عن رجل يكون في الصلاة فيعلم أن ريحا قد خرجت فلا يجد ريحها ولا تسمع صوتها، قال: يعيد الوضوء والصلاة ولا يعتد بشئ مما صلى إذا علم ذلك يقينا.ورواه علي بن جعفر في كتابه. المصدر، الباب، ح9، 1/176.
[6] وروى المحقق في (المعتبر) عنه عليه السلام قال: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شئ أم لا لم يخرج من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.أقول: ويأتي ما يدل على ذلك. المصدر، الباب، ح10، 1/177.
[7] محمد بن الحسن باسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن عمر بن أذينة، وحريز، عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك، أو النوم. المصدر، الباب2 من أبواب نواقض الوضوء، ح1، 1/177.
[8] وعن المفيد، عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام: ما ينقض الوضوء؟ فقالا: ما يخرج من طرفيك الأسفلين: من الذكر والدبر، من الغائط والبول، أو مني أو ريح، والنوم حتى يذهب العقل، وكل النوم يكره إلا أن تكون تسمع الصوت. ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد مثله. ورواه الصدوق بإسناده عن زرارة مثله إلى قوله: (حتى يذهب العقل). المصدر، الباب، ح2، 1/177.
[9] وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سهل، عن زكريا بن آدم، قال: سألت الرضا عليه السلام عن الناصور أينقض الوضوء؟ قال: إنما ينقض الوضوء ثلاث: البول، والغائط، والريح. ورواه الشيخ، عن المفيد، عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن الصفار، عن أحمد بن محمد. ورواه الصدوق في (عيون الأخبار) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد مثله. أقول: الحصر إضافي بالنسبة إلى الناصور ونحوه، وكذا بعض أحاديث الحصر أعني ماله مخصص، لم يظهر كونه من باب التقية. المصدر، الباب، ح6، 1/178.
[10] وفي (عيون الأخبار) بالاسناد الآتي من الفضل، قال: سأل المأمون الرضا عليه السلام عن محض الاسلام فكتب إليه - في كتاب طويل -: ولا ينقض الوضوء إلا غائط، أو بول، أو ريح، أو نوم، أو جنابة. المصدر، الباب، ح8، 1/179.
[11] محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، قال: قلت له الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال: يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن، فإذا نامت العين و الاذن والقلب وجب الوضوء. قلت: فإن حرك على جنبه شئ ولم يعلم به؟ قال: لا حتى يستيقن أنه قد نام، حتى يجيئ من ذلك أمر بين، وإلا فإنه على يقين من وضوئه ولا تنقض اليقين أبدا بالشك، وإنما تنقضه بيقين آخر. المصدر، الباب1 من أبواب نواقض الوضوء، ح1، 1/174 و 175.
[12] عبد الله بن جعفر في (قرب الإسناد) عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي ابن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال، سألته عن رجل يتكئ في المسجد فلا يدرى نام، أم لا، هل عليه وضوء؟ قال: إذا شك فليس عليه وضوء. قال: و سألته عن رجل يكون في الصلاة فيعلم أن ريحا قد خرجت فلا يجد ريحها ولا تسمع صوتها، قال: يعيد الوضوء والصلاة ولا يعتد بشئ مما صلى إذا علم ذلك يقينا. ورواه علي بن جعفر في كتابه. المصدر، الباب، ح9، 1/176.
[13] المصدر، الباب، ح1، 1/174 و 175.