46/03/20
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: فقه الطهارة/ الاستنجاء/ خصوصية الاستنجاء بالأحجار إذا لم يتجاوز عن مخرج الغائط.
العروة الوثقى: يجب غسل مخرج البول بالماء مرتين، والأفضل ثلاث بما يسمى غسلاً، ولا يجزئ غير الماء، ولا فرق بين الذكر والأنثى والخنثى، كما لا فرق بين المخرج الطبيعي وغيره معتاداً أو غير معتاد، وفي مخرج الغائط مخير بين الماء والتمسح بالأحجار أو الخِرَق إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء، وإلا تعين الماء، وإذا تعدى على وجه الانفصال كما إذا وقع نقطة من الغائط على فخذه من غير اتصال بالمخرج يتخير في المخرج بين الأمرين، ويتعين الماء فيما وقع على الفخذ، والغسل أفضل من المسح بالأحجار، والجمع بينهما أكمل، ولا يعتبر في الغسل تعدد بل الحد النقاء وإن حصل بغسلة، وفي المسح لا بُدّ من ثلاث وإن حصل النقاء بالأقل، وإن لم يحصل بالثلاث فإلى النقاء، فالواجب في المسح أكثر الأمرين من النقاء والعدد، ويجزىء ذو الجهات الثلاث من الحجر، وبثلاثة أجزاء من الخرقة الواحدة، وإن كان الأحوط ثلاثة منفصلات، ويكفي كل قالع ولو من الأصابع، ويعتبر فيه الطهارة، ولا يشترط البكارة، فلا يجزىء النجس، ويجزىء المتنجس بعد غسله، ولو مسح بالنجس أو المتنجس لم يطهر بعد ذلك إلا بالماء إذا لم يكن لاقى البشرة بل لاقى عين النجاسة، ويجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر بمعنى الأجزاء الصغار التي لا ترى لا بمعنى اللون والرائحة، وفي المسح يكفي إزالة العين ولا يضر بقاء الأثر بالمعنى الأول أيضاً.[1]
قال الماتن: و في مخرج الغائط مخير بين الماء والتمسح بالأحجار أو الخرق.
الوجه فيه: صحيح زرارة، عن أبي جعفر قال: لا صلاة إلا بطهور، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله، وأما البول فإنه لابد من غسله.[2] فإنه قوله «يجزيك» يدل على جواز الاجتزاء بالتمسح بالأحجار لا تعينه، وعلم جواز الغسل بالماء بل هو أفضل مضافاً إلى المطلقات والأخبار الواردة في كفاية الغسل بالماء كموثقة عمار، عن أبي عبد الله في حديث، «قال: وإن خرج من مقعدته شئ ولم يبل فإنما عليه أن يغسل المقعدة وحدها ولا يغسل الإحليل.»[3] وفي جملة أخرى منها: «إنما عليه أن يغسل ما ظهر منها يعني المقعدة وليس عليه أن يغسل باطنها.»[4]
قال الماتن: إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء.
لا ريب في أنه إذا خرج الغائط وتلوث الرجل أو الفخذ وبالجملة غير مخرج الغائط، فحكم الغسل بالماء، ولا يكفي الأحجار فيه، فإن الأحجار مختصة بالمخرج.
إنما الكلام في خصوص المخرج، فما هو حد كفاية الأحجار أو التمسح بالخرق فيه؟ فإذا تلوث حواشي المخرج بالمقدار المتعارف المعتاد، فهل يكتفي فيها بالتمسح؟ ظاهر عبارة الماتن حيث قال: «إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء» عدم الكفاية بالنسبة إلى خارج محل الاستنجاء، بينما أن الظاهر من جميع -منهم صاحب الحدائق -هو المقدار المتعارف من أطراف حلقة الدبر، وعدم كفاية التمسح بالأحجار مع إطلاق الروايات، يحتاج إلى الدليل.
و كما أن يقوم إجماع ولا نحتمله حيث أن لازمة تخصيص روايات الأحجار، حملها على المورد النادر. وما عن علي عليه السلام؛ كنتم تبعرون بعراً وأنتم اليوم تثلطون ثلطاً فاتبعوا الماء الأحجار.[5] (نسبه الى علي، ابن قدامة في المغني[6] و ابن أثير في النهاية[7] و ابن منظور في لسان العرب[8] ، و نسب إلى الحسن البصري[9] ) مدفوع بأن أخبار الأحجار وردت في عصر الأئمة و هو عصر السعة و الرخاء، متاخراً عن عصر علي. و قد تعارف التلوث بأطراف المقعد ومع ذلك وردت التمسح بالأحجار في رواياتهم.
قال الماتن: و الغسل أفضل من المسح بالأحجار، والجمع بينهما أكمل.
أما أفضلية الغسل فهي رواه جميل عن الصادق في قول الله عز وجل: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ[10] إنه كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار.[11]
المصادر
القرآن الكريم.
العروة الوثقى، السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، المتوفى: ۱۳۳۷ ه.ق. الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني، المطبعة : ستاره، عدد الأجزاء: 2.
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، المتوفى: ۱۱۰۴ه.ق. التحقيق: الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، دار احياء التراث، بيروت–لبنان، عدد الأجزاء: 20.
جامع أحاديث الشيعة في أحكام الشريعة، حسین الطباطبایي البروجردي، المتوفی: 1380ه.ق. المطبعة: المهر بقم المقدسة، 1373 ه.ش. 1415ه.ق. عدد الأجزاء: 26.
المغني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي، المتوفى: 620ه.ق. الناشر: مكتبة القاهرة، تاريخ النشر: 1388ه.ق. 1968م. عدد الأجزاء: 10.
النهاية في غريب الحديث والأثر، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير، المتوفى: 606ه.ق. التحقيق: طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي، الناشر: المكتبة العلمية - بيروت، 1399ه.ق. 1979م. عدد الأجزاء: 5.
لسان العرب، أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعي الإفريقي، المتوفى: 711ه.ق. الناشر: دار صادر–بيروت، الطبعة: الثالثة، 1414 ه.ق. عدد الأجزاء: 15.
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين، أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي، المتوفى: 587ه.ق. الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الثانية، 1406ه.ق. 1986م. عدد الأجزاء: 7.