46/03/19
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: فقه الطهارة/ الاستنجاء/ عند التعدي، تعين الماء/ إجزاء الماء عن التمسح بالأحجار.
العروة الوثقى: يجب غسل مخرج البول بالماء مرتين، والأفضل ثلاث بما يسمى غسلاً، ولا يجزئ غير الماء، ولا فرق بين الذكر والأنثى والخنثى، كما لا فرق بين المخرج الطبيعي وغيره معتاداً أو غير معتاد، وفي مخرج الغائط مخير بين الماء والمسح بالأحجار أو الخِرَق إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء، وإلا تعين الماء، وإذا تعدى على وجه الانفصال كما إذا وقع نقطة من الغائط على فخذه من غير اتصال بالمخرج يتخير في المخرج بين الأمرين، ويتعين الماء فيما وقع على الفخذ، والغسل أفضل من المسح بالأحجار، والجمع بينهما أكمل، ولا يعتبر في الغسل تعدد بل الحد النقاء وإن حصل بغسلة، وفي المسح لا بُدّ من ثلاث وإن حصل النقاء بالأقل، وإن لم يحصل بالثلاث فإلى النقاء، فالواجب في المسح أكثر الأمرين من النقاء والعدد، ويجزىء ذو الجهات الثلاث من الحجر، وبثلاثة أجزاء من الخرقة الواحدة، وإن كان الأحوط ثلاثة منفصلات، ويكفي كل قالع ولو من الأصابع، ويعتبر فيه الطهارة، ولا يشترط البكارة، فلا يجزىء النجس، ويجزىء المتنجس بعد غسله، ولو مسح بالنجس أو المتنجس لم يطهر بعد ذلك إلا بالماء إذا لم يكن لاقى البشرة بل لاقى عين النجاسة، ويجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر بمعنى الأجزاء الصغار التي لا ترى لا بمعنى اللون والرائحة، وفي المسح يكفي إزالة العين ولا يضر بقاء الأثر بالمعنى الأول أيضاً.[1]
قال الماتن: إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء، و إلا تعين الماء، وإذا تعدى على وجه الانفصال كما إذا وقع نقطة من الغائط على فخذه من غير اتصال بالمخرج يتخير في المخرج بين الأمرين، و يتعين الماء فيما وقع على الفخذ، و الغسل أفضل من المسح بالأحجار، و الجمع بينهما أكمل، و لا يعتبر في الغسل تعدد بل الحد النقاء و إن حصل بغسلة.
هذه العبارة تشتمل على عدة من المسائل؛
الأُولى: إنه مع التعدي تعين الماء. ذكر الحكيم اجماعاً كما عن الانتصار، والفقيه، والتذكرة، والمعتبر، والذكرى، وروض الجنان، والمفاتيح، وغيرها، والوجه فيه بناءً على تفسير التعدي بما في المتن -أي لا يصدق عليه الاستنجاء- قصور أدلة إجزاء التمسح عن شموله لإختصاصها بالإستنجاء غير الصادق بالفرض. (أقول: لأن الاستنجاء مشتق من النجو أي الغائط والاستنجاء مختص بموضع خروج الغائط)
وأما بناءً على تفسيره بالتعدي عن المخرج كما صرح به الجم الغفير كما عن مفتاح الكرامة، وحكي الإجماع على تفسيره بذلك عن المعتبر، والتذكرة والذكرى، وروض الجنان، فالعمدة في تعين الماء هو الإجماع، لعموم الأدلة كما اعترف به جماعة من متأخري المتأخرين، ولا مجال لدعوى انصرافها عنه لكونه المتعارف كما اعترف به في الحدائق وغيرها. وقد أطال البحث في ذلك في الحدائق، وأخيراً رجع إلى أن المدار على ما هو المتعارف في مخرج الغائط عادةً وبه قال في الجواهر، والمتعارف لا يختص بخصوص حلقة الدبر، بل يتعدى
منها إلى شيء من أطراف تلك الحلقة الظاهرة من الدبر.
الثانية: إجزاء الماء عن التمسح بالأحجار، ويدل عليه عموم مطهرية الماء وخصوص بعض الروايات كرواية عمار «إنما عليه أن يغسل ما ظهر منها يعني المقعدة»[2] وصحيحة إبراهيم ابن أبي محمود «سمعت الرضا يقول في الاستنجاء: يغسل ما ظهر منه على
الشرج»[3] وأما كفاية التمسح بالأحجار فالروايات به متظافرة.[4] ومنها الروايات المعترفة بجواز الاستنجاء بالكرسف وغيره.[5]
الثالثة: إنه مع التعدي عن محل الاستنجاء يتعين الغسل بالماء، لإختصاص أدلة التمسح، بطهارة تنجس مخرج الغائط لا ما هو خارج عنه. فإن الخارج من محل خروج الغائط، جسم لاقته النجاسة، فتجري عليه أحكامها. إنما الكلام فيما هو خارج عن محل النجو؛ لا إشكال في الحكم مع انفصال الجسم المتنجس بالغائط عن محل النجو كما إذا لاقت الرجل والفخذ والساق، وإنما الكلام فيما إذا كان الزائد متصلاً بمحل النجو. وقد يقال: إنه المتعارف، فهل يجب حينئذ غسله بالماء حيث أن الظاهر من أدلة التمسح بالأحجار اختصاص ذلك بمخرج الغائط لا مع فرض التعدي عليه، ذكر سيدنا الحكيم وسيدنا الاستاذ بجواز غسل الزائد عن المتعارف والتمسح بالأحجار في القسمه في القسمه المتعارف تمسكاً بإطلاق الروايات الواردة التي لا بأس به.
المصادر
1. العروة الوثقى، السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، المتوفى: ۱۳۳۷ ه.ق. الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني، المطبعة : ستاره، عدد الأجزاء: 2.
2. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، المتوفى: ۱۱۰۴ه.ق. التحقيق: الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، دار احياء التراث العربي بيروت – لبنان، عدد الأجزاء: 20.