بحث الفقه الأستاذ مصطفي الأشرفي‌شاهرودي

46/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة/ الاستنجاء/ لزوم إعادة الصلاة و عدم وجوب إعادة الوضوء عند عدم الاستنجاء.

قال السید فی العروه: يجب غسل مخرج البول بالماء مرتين، و الأفضل ثلاث بما يسمى غسلاً، و لا يجزئ غير الماء، و لا فرق بين الذكر و الأنثى و الخنثى، كما لا فرق بين المخرج الطبيعي و غيره معتاداً أو غير معتاد، و في مخرج الغائط مخير بين الماء و المسح بالأحجار أو الخِرَق إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء، و إلا تعين الماء، و إذا تعدى على وجه الانفصال كما إذا وقع نقطة من الغائط على فخذه من غير اتصال بالمخرج يتخير في المخرج بين الأمرين، و يتعين الماء فيما وقع على الفخذ، و الغسل أفضل من المسح بالأحجار، و الجمع بينهما أكمل، و لا يعتبر في الغسل تعدد بل الحد النقاء و إن حصل بغسلة، و في المسح لا بُدّ من ثلاث و إن حصل النقاء بالأقل، و إن لم يحصل بالثلاث فإلى النقاء، فالواجب في المسح أكثر الأمرين من النقاء و العدد، و يجزىء ذو الجهات الثلاث من الحجر، و بثلاثة أجزاء من الخرقة الواحدة، و إن كان الأحوط ثلاثة منفصلات، و يكفي كل قالع ولو من الأصابع، و يعتبر فيه الطهارة، و لا يشترط البكارة، فلا يجزىء النجس، و يجزىء المتنجس بعد غسله، و لو مسح بالنجس أو المتنجس لم يطهر بعد ذلك إلا بالماء إذا لم يكن لاقى البشرة بل لاقى عين النجاسة، و يجب في الغسل بالماء إزالة العين و الأثر بمعنى الأجزاء الصغار التي لا ترى لا بمعنى اللون و الرائحة، و في المسح يكفي إزالة العين و لا يضر بقاء الأثر بالمعنى الأول أيضاً.[1]

تبين بما ذكرناه أن موضع البول لا يطهر بالتمسح بالأحجار، و توهم دلالة روايات سماعة[2] و موثقة حنان بن سدير[3] و خبر عبد الله بن بكير "كل شيء يابس زكي[4] مضافاً إلى ضعف الأُولى بالحكم بن مسكين و الهيثم بن مسروق و ضعف رواية ابن بكير بمحمد بن خالد، معارضة بعدة من الروايات الدالة على أنه لا يطهر موضع البول إلا بالماء كصحيحة زرارة[5] و رواية بريد بن معاوية[6] كلاهما عن أبي جعفر .

إلى هنا ظهر لزوم غسل مخرج البول بالماء و إنه إذا لم يستنج بالماء يعيد صلاته و أما إعادة الوضوء فيدل على نفيه صريحاً صحيح علي بن يقطين، عن أبي الحسن في الرجل يبول فينسى غسل ذكره ثم يتوضأ وضوء الصلاة، قال: يغسل ذكره و لا يعيد الوضوء."[7]

و موثقة ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله في الرجل يبول و ينسى أن يغسل ذكره حتى يتوضأ و يصلي، قال: يغسل ذكره و يعيد الصلاة و لا يعيد الوضوء.[8]

و صحيحه عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد الله : أبول و أتوضأ و أنسى استنجائي ثم أذكر بعد ما صليت، قال: اغسل ذكرك و أعد صلاتك و لا تعد وضوءك.[9]

و صحيحة ابن أذينة، قال: ذكر أبو مريم الأنصاري أن الحكم بن عتيبة بال يوما و لم يغسل ذكره متعمداً فذكرت ذلك لأبي عبد الله فقال: بئس ما صنع، عليه أن يغسل ذكره و يعيد صلاته و لا يعيد وضوءه.[10]

إلى غير ذلك مما في الباب. لكن عن الصدوق، القول بوجوب إعادة الوضوء أيضاً و استدل بموثقة سماعة بن مهران عن أبي بصير، قال: قال ابو عبد الله عليه السلام: إن أهرقت الماء و نسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء و غسل ذكرك.[11] و قال الشيخ: يعني اذا لم يكن قد توضأ و قال الشيخ الحر: يجوز أن يراد بالوضوء الاستنجاء فإنه يطلق عليه كثيراً في الأحاديث.

ورواية سليمان بن خالد، عن أبي جعفر في الرجل يتوضأ فينسى غسل ذكره، قال: يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء.[12] و حمله الشيخ على الاستحباب و يحتمل الحمل على التقية. لكن معارضتها بما تقدم من الروايات المحمول بها غير الأصحاب و احتمال حمل هذه الطائفة الثانية على الاستحباب يوجب الاطمينان بعدم إعادة الوضوء.

المصادر

                1. العروة الوثقى، السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، المتوفى: ۱۳۳۷ ه.ق. الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني، المطبعة : ستاره، عدد الأجزاء: 2.

                2. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، المتوفى: ۱۱۰۴ه.ق. التحقيق: الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، دار احياء التراث العربي بيروت – لبنان، عدد الأجزاء: 20.


[1] العروة الوثقى، 1/ 134و135.
[2] وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن الحكم بن مسكين، عن سماعة، قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: إني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيئ مني البلل ما يفسد سراويلي، قال: ليس به بأس. وسائل‌الشیعة، الباب13 من أبواب نواقض الوضوء، ح4، 1/200.
[3] وعنه، عن محمد بن أبي عمير، عن حنان بن سدير، قال: سمعت رجلا سأل أبا عبد الله عليه السلام فقال: إني ربما بلت فلا أقدر على الماء ويشتد ذلك علي، فقال: إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك، فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك.ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير.ورواه الصدوق بإسناده عن حنان بن سدير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام وذكر مثله.وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين ابن سعيد. مثله.أقول: وينبغي أن يكون المسح بالريق في غير محل النجاسة، لئلا تتعدي. المصدر، الباب، ح7، 1/201.
[4] وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن بكير، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال: كل شئ يابس زكى.أقول: هذا محمول على التقية لأنه عادة المخالفين، أو على الجواز لمنع تعدي النجاسة، وإن لم تحصل الطهارة بل لا دلالة له عليها أصلا، وقد تقدم ما يدل على المقصود، ويأتي ما يدل عليه. المصدر، الباب31 من أبواب أحكام الخلوة، ح5، 1/248.
[5] محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة إلا بطهور، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله، وأما البول فإنه لابد من غسله. المصدر، الباب9 من أبواب أحكام الخلوة، ح1، 1/222.
[6] وبإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن أبان بن عثمان عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال، يجزي من الغائط المسح بالأحجار ولا يجزي من البول إلا الماء. المصدر، الباب، ح6، 1/223.
[7] محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يبول فينسى غسل ذكره ثم يتوضأ وضوء الصلاة، قال: يغسل ذكره ولا يعيد الوضوء. المصدر، الباب18 من أبواب نواقض الوضوء، ح1، 1/208.
[8] وعنه، عن أحمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول وينسى أن يغسل ذكره حتى يتوضأ ويصلي، قال: يغسل ذكره ويعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء. المصدر، الباب، ح2، 1/208.
[9] محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى قال: حدثني عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أبول وأتوضأ وأنسى استنجائي ثم أذكر بعد ما صليت، قال: اغسل ذكرك وأعد صلاتك ولا تعد وضوءك. المصدر، الباب، ح3، 1/208.
[10] وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، قال: ذكر أبو مريم الأنصاري أن الحكم بن عتيبة بال يوما ولم يغسل ذكره متعمدا فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال: بئس ما صنع، عليه أن يغسل ذكره ويعيد صلاته ولا يعيد وضوءه. المصدر، الباب، ح4، 1/208.
[11] وعنه، عن فضالة بن أيوب، عن حسين بن عثمان، عن سماعة بن مهران عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن أهرقت الماء ونسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء وغسل ذكرك.قال الشيخ يعني إذا لم يكن قد توضأ، فأما إذا توضأ ونسي غسل الذكر لا غير فلا يجب عليه إعادة الوضوء ثم استدل بما تقدم.أقول: ويجوز أن يراد بالوضوء الاستنجاء فإنه يطلق عليه كثيرا في الأحاديث ويكون العطف تفسيريا، ويحتمل الحمل على خروج شئ من البول عند الاستبراء بعد الوضوء فإنه أكثري غالب. المصدر، الباب، ح8، 1/209.
[12] وعنه، عن صفوان، عن منصور بن حازم، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يتوضأ فينسى غسل ذكره، قال: يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء. أقول: حمله الشيخ على الاستحباب ويحتمل الحمل على التقية فيه وفى الذي قبله لما تقدم في مس الفرج والله أعلم. ويأتي أحاديث في هذا المعنى في أحكام الخلوة وفي النجاسات إنشاء الله، و تقدم في أحاديث حصر النواقض ما يدل على المقصود. المصدر، الباب، ح9، 1/210.