46/03/11
بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه اول: الموضوع: فقه الطهارة/ الاستنجاء/ لزوم غسل مخرج البول بالماء.
العروة الوثقى: يجب غسل مخرج البول بالماء مرتين، والأفضل ثلاث بما يسمى غسلاً، ولا يجزئ غير الماء، ولا فرق بين الذكر والانثى والخنثى، كما لا فرق بين المخرج الطبيعي وغيره معتاداً أو غير معتاد، وفي مخرج الغائط مخير بين الماء والمسح بالأحجار أو الخِرَق إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء، و إلا تعين الماء، وإذا تعدى على وجه الانفصال كما إذا وقع نقطة من الغائط على فخذه من غير اتصال بالمخرج يتخير في المخرج بين الأمرين. [1]
لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظیم، أعوذ بالله السمیع العلیم من الشیطان اللعین الرجیم بسم اللّه الرحمن الرحيم و الحمد لله ربّ العالمین و الصّلوة و السّلام علی سیّدنا و نبیّنا خاتم النبیّین و علی آله الطیّبین الطّاهرین و اللعنة على أعدائهم أجمعین من الآن إلی قیام یوم الدّین، أللهم وفقنا و جمیع المشتغلین للعلم و العمل الصّالح، و به نستعين.
قال السيد الماتن في العروة: يجب غسل مخرج البول بالماء مرتين.
البحث في هذا الفصل يقع في جهات؛
الجهة الأُولى: إنه ما المراد بالوجوب هنا؛
لا اشكال في أنه ليس وجوباً نفسياً كالصلاة و الصيام، و لا وجوباً مقدمياً كوجوب تحصيل الماء للصلاة الواجبة، أو وجوب تعرف القبلة لها، بل هو وجوب غيري شرطي بمعنى أنه شرط لصحة طهارة ما هو شرط في الواجب كالصلاة كاشتراط التعفير في طهارة ما و لغه الكلب و عليه يحمل ما في الشرايع من قوله: "يجب غسل مخرج البول بالماء مع القدرة" بمعنى أنه يجب ذلك للصلاة مع القدرة و مع عدمها لا يجب، لا بمعنى أنه يجب غسل المخرج لإزالة النجاسة عند القدرة بحيث تزول النجاسة عند عدم القدرة، كما إذا مسح ذكره بالحائط لفقدان الماء، زالت النجاسة حيث أنها لا تزول بالماسح عند الماتن و أكثر الأصحاب لولا كلهم، فلا يتوهم يتوهم دلالة العبارة على كفاية غير الماء لحصول الطهارة عند فقد الماء، إذ لا فرق نصاً و فتوىً في اعتبار الغسل لتطهير محل البول بين حالتي الإختيار و الإضطرار و قد ادعى الإجماع على ذلك في المدارك و الجواهر. و من هنا ذكر الماتن بعد ذلك "ولا يجزئ غير الماء" و قد تقدم في مباحث المياه عدم طهاره المتنجس بغير الماء و بالمضاف.
الجهة الثانية: في عدم حصول الطهارة بالمسح بالحجر او الحائط؛ لكن يظهر من بعض الروايات؛ كفاية التمسح في مخرج البول كمخرج الغائط.
منها: رواية سماعة[2] ؛ قلت لأبي الحسن موسى إني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيئ مني البلل ما يفسد سراويلي، قال: ليس به بأس.
و منها: موثقة حنان بن سدير[3] ؛ سمعت رجلا سأل أبا عبد الله فقال: إني ربما بلت فلا أقدر على الماء و يشتد ذلك علي، فقال: إذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك، فإن وجدت شيئاً فقل هذا من ذاك.
و منها: خبر عبد الله بن بكير[4] ؛ قلت لأبي عبد الله : الرجل يبول و لا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال: كل شئ يابس زكى.
و أورد الاستاذ الخوئي على الروايتين الأوليين بأن مفادهما عدم تنجيس المتنجس بمعنى أنه الذكر بعد تنجسه بالبول لا تنجس السروال بالبلل الحاصل على الذكر أو لا ينجس الريق الواقع عليه كما أنهما لا ينجسان السروال، فلا دلالة لهما على طهارة موضع البول بالتمسح مضافاً إلى ضعف رواية سماعة بالحكم بن مسكين و الهيثم بن أبي مسروق لعدم توثيقهما.
على أنهما معارضتان في موردهما بصحيحه عيص بن قاسم[5] ؛ سألت أبا عبد الله عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر...، قال: يغسل ذكره و فخذيه. حيث دلت على عدم طهارة الذكر بالمسح، بل و تنجيس المتنجس و هو الذكر الذي خرج منه البول لفخذيه الملاقي له حيث امر بغسل الفخذين الملاقيين للذكر.
و أما رواية ابن بكير فمع ضعفها بمحمد بن خالد، ظاهرة في أن مخرج البول إذا يبس لا تنجس ما لاقاه لا أنه يطهر باليبوسة، إذ لا ريب أن مجرد اليبوسة لو كان كافياً في تطهير المتنجس لم يحتج في تطهير الألبسة و الفرش إلى الغسل بالماء مع وضوح عدم حصول
الطهارة لها إلا بالتطهير بالماء، و عليه فمعنى قوله "كل يابس زكي" إن اليابس لا تسري نجاسته إلى ما لاقاه، لعدم الرطوبة المسرية.
مضافاً إلى معارضتها مع ما دل من الروايات على أنه لابد في زوال النجاسة عن البدن إلى الغسل بالماء كصحيحة زرارة عن أبي جعفر قال: لا صلاة إلا بطهور، و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السنة من رسول الله و أما البول فإنه لابد من غسله.[6] و كذلك رواية بريد بن معاوية، عن أبي جعفر أنه قال: يجزي من الغائط المسح بالأحجار و لا يجزي من البول إلا الماء.[7]
المصادر
1. العروة الوثقى، السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، المتوفى: ۱۳۳۷ ه.ق. الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني، المطبعة : ستاره، عدد الأجزاء: 2.
2. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، المتوفى: ۱۱۰۴ه.ق. التحقيق: الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، دار احياء التراث العربي بيروت – لبنان، عدد الأجزاء: 20.