44/04/18
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: فقه الطهارة/ الصلاة فی النجس/ العفو عن بعض النجاسات في الصلاة، ما لا تتمّ فيه الصلاة من الملابس.
قال الماتن: الثالث ممّا يعفى عنه: ما لا تتمّ فيه الصلاة من الملابس، كالقلنسوة و العرقچين و التكّة و الجورب و النعل و الخاتم و الخلخال و نحوها، بشرط أن لا يكون من الميتة و لا من أجزاء نجس العين كالكلب و أخويه، و المناط عدم إمكان الستر بلا علاج، فإن تعمّم أو تحزّم بمثل الدستمال ممّا لا يستر العورة بلا علاج، لكن يمكن الستر به بشدّة بحبل أو بجعله خرقاً لا مانع من الصلاة فيه، و أمّا مثل العمامة الملفوفة الّتي تستر العورة إذا فلت فلا يكون معفوّاً إلّا إذا خيطت بعد اللفّ بحيث تصير مثل القلنسوة.[1]
الکلام فیما لاتتمّ الصلاة فیه کالأمثلة المذکورة یقع تارة فی المتنجس بنجاسة عرضیة و أخری فیما یکون مصنوعاً من الأعیان النجسة کالمیتة و شعر الکلب و الخنزیر.
أما الأول فقد حکی المستمسک[2] قوله: إجماعا صريحاً، و ظاهراً، محكياً عن الانتصار و الخلاف و السرائر و التذكرة و الكفاية و الذخيرة و غيرها. و به استفاضت النصوص. کموثقة زرارة[3] عن أحدهما «كُلُّ مَا كَانَ لاَ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلاَةُ وَحْدَهُ فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ مِثْلُ الْقَلَنْسُوَةِ وَ التِّكَّةِ وَ الْجَوْرَبِ.» فإنّ الظاهر من قوله: «يَكُونَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ» هو النجس و قوله: «كُلُّ مَا كَانَ» عام یشمل کلّ ما لاتتمّ الصلاة فیه وحده فالمذکور فی الروایة من باب المثال لا الاختصاص. و نحوها عدة من الروایات الاخر المذکورة فی الباب المتقدم إلّا أنّ سیدنا الأستاد[4] رماها بالضعف بل أصحاب المدارک و المعالم و الحدائق رموا الموثقة ایضاً بالضعف علی ما بنوا علیه من المناقشة فی غیر الأخبار الصحاح حتی الموثقات. و لکنّا بنینا علی حجیة الموثقات سیّما مع اعتضادها بالإجماعات المحکیة فلامجال للمناقشة فی ما إذا تنجس ما لاتتمّ الصلاة فیه سیّما بعد قوله فی الموثقة «يَكُونَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ» فانه دال علی عروض النجاسة و أصرح منه خبر زرارة[5] «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إِنَّ قَلَنْسُوَتِي وَقَعَتْ فِي بَوْلٍ فَأَخَذْتُهَا فَوَضَعْتُهَا عَلَى رَأْسِي ثُمَّ صَلَّيْتُ فَقَالَ: لاَ بَأْسَ.»
و أما الثانی فنسب إلی المشهور العفو عنه إذا لم تتمّ الصلاة فیه کالخف المتخذ من جلد المیتة و القلنسوة المنسوجة من شعر الکلب أو الخنزیر. الروایات الدالة علی العفو لاتعمّ أعیان النجاسات فعموم المنع عن الصلاة فی النجس محکّم کالروایات الواردة فی المنع عن الصلاة فی الخف إذا کان من المیتة لصحیحة الحلبی[6] «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ الْخِفَافِ الَّتِي تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَقَالَ اشْتَرِ وَ صَلِّ فِيهَا حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ بِعَيْنِهِ.» و صحیحة عبدالله بن المغیرة عن علی بن أبی حمزة[7] «عَنِ الرَّجُلِ يَتَقَلَّدُ السَّيْفَ وَ يُصَلِّي فِيهِ. قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ فِيهِ الْكَيْمُخْتَ. قَالَ: وَ مَا الْكَيْمُخْتُ؟ قَالَ: جُلُودُ دَوَابَّ مِنْهُ مَا يَكُونُ ذَكِيّاً وَ مِنْهُ مَا يَكُونُ مَيْتَةً. فَقَالَ: مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مَيْتَةٌ فَلاَ تُصَلِّ فِيهِ.» و روایة سماعة عن أبیعبدالله عَنْ تَقْلِيدِ السَّيْفِ فِي الصَّلاَةِ وَ فِيهِ الْفِرَاءُ وَ الْكَيْمُخْتُ. فَقَالَ: «لاَ بَأْسَ مَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ مَيْتَةٌ.»[8] و فی صحیح ابن أبی عمیر عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: فِي الْمَيْتَةِ قَالَ: «لاَ تُصَلِّ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَ لاَ شِسْعٍ.»[9]
نعم هناک روایتان تدلان فی أنفسهما علی جواز الصلاة فی النجس إذا کان مما لایتمّ فیه الصلاة.
إحداهما: صحیحة الحلبی عن أبیعبدالله قَالَ: «كُلُّ مَا لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ فِيهِ وَحْدَهُ فَلاَ بَأْسَ بِالصَّلاَةِ فِيهِ مِثْلُ التِّكَّةِ الْإِبْرِيسَمِ وَ الْقَلَنْسُوَةِ وَ الْخُفِّ وَ الزُّنَّارِ يَكُونُ فِي السَّرَاوِيلِ وَ يُصَلَّى فِيهِ.»[10] فإن ذکر الابریسم یکون قرینة علی العفو عن مطلق المانع فیما لاتتمّ الصلاة فیه.
ثانیتهما: موثقة اسماعیل بن الفضل قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ لِبَاسِ الْجُلُودِ وَ الْخِفَافِ وَ النِّعَالِ وَ الصَّلاَةِ فِيهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَرْضِ الْمُصَلِّينَ. فَقَالَ: «أَمَّا النِّعَالُ وَ الْخِفَافُ فَلاَ بَأْسَ بِهَا.»[11] فإنّ ظاهرها السؤال عن لفظ الجلد المحکوم علیه لعدم التذکیة بمقتضی لا اقل من استصحاب عدم التذکیة لابدّ من غیر أرض المسلمین.
المصادر
1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طباطبایی یزدی، السید محمد کاظم بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.
2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی المشغری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.
3. مستمسک العروة الوثقی، حکیم، السید محسن، المتوفی ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.
4. فقه الشیعة (کتاب الطهارة)، الخوئی، السيد أبوالقاسم، المتوفی ۱۴۱۳ ه.ق. المحرر: الموسوی الخلخالی، السيد محمد مهدی، المتوفی: 1398ه.ش. مؤسسة الآفاق بقم، ۱۴۱۸ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.