40/06/20
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: فقه الطهارة
انتهی کلامنا إلی دفع ما أفاده السید الحکیم رحمه اللهتعالی من کون الکرّیة و القلة بمعنی سعة الماء و انّها من عوارض الماهیة و لا یجری فیها الاستصحاب.
و دفعه الأستاد رحمهاللهتعالی من أنّها من عوارض الوجود الخارجی فیجری عند الشکّ استصحاب العدم الأزلی بل استصحاب العدم النعتی باعتبار أنّه فی الأصل قطرات المطر و هی قبل ذلک ماء قلیل نشکّ فی تبدّله بالکرّ.
و ذکر الأستاد رحمه اللهتعالی: أنّ دعوی القطع بأنّ المیاه علی الأرض کلّها مسبوقة بالاعتصام لأجل کونها المطر المعتصم فعند الشکّ تستصحب اعتصامه مدفوعة بأنّه من الاستصحاب فی القسم الثالث من الکلّی إذ ما هو متصف بالاعتصام موضوعه القطرات المطریة و هی قد زالت و انعدمت بوقوعها علی الأرض و نشکّ فی تبدّلها إلی العصمة فی ضمن فرد آخر و هو الکرّ و لا نقول بجریان الاستصحاب فی القسم الثالث.
و إدعی الأستاد رحمهاللهتعالی أنّه أنکرنا عدم جریان استصحاب عدم الکرّیة لأنّه مبنی علی التدقیقات العقلیة الغیر الکافیة فی الاستصحاب المبنی علی الموضوع العرفی أو قبلنا کلام السید الحکیم رحمهاللهتعالی و أنّ الکرّیة من عوارض الماهیة فهل نلتزم بما أفتی به السید الماتن رحمهاللهتعالی من طهارة الماء و نجاسة المغسول به عملاً بالاستصحاب فی کلّ منهما اختار الأستاد رحمهاللهتعالی ذلک إذ الشکّ فی الکرّیة قد یکون لتوارد الحالتین الکرّیة و القلة علی الماء و الشکّ فی المتأخّر منهما فهناک لا وجه لاستصحاب العدم الأزلی للقطع بانقطاع الحالة السابقة أو لکلام صاحب الکفایة رحمهاللهتعالی من عدم إحراز اتصال زمان الشکّ بزمان الیقین فلابدّ من التمسک بأصل آخر و هو استصحاب بقاء الماء علی طهارته أو قاعدة الطهارة.
یبقی الکلام فی موردین:أحدهما: ما إذا غسلنا المتنجس بهذا الماء من دون رعایة غسل المتنجس بالماء القلیل فهنا نحکم بطهارة الماء و بقاء نجاسة المغسول به.
ثانیهما: ما إذا ألقینا هذا الماء المشکوک کرّیته علی ماء نجس لتطهیره ذهب فی المتن إلی عدم تطهیره للنجس.
و الأستاد رحمهاللهتعالی یفصل فی المسألة فبقول ان المفروض فی المسألة تارة مجرد الاتصال و أخری الامتزاج. فعلی الأول إن قلنا بعدم کفایة مجرد الاتصال فی تطهیر الماء المتنجس فالظاهر بقاء کلّ منهما علی حالته السابقة للاستصحاب و إن قلنا بکفایة الاتصال فالظاهر أیضاً جریان الاستصحابین و مع قبول الإجماع بلزوم وحدة الحکم فی الماء الواحد یتعارضان فیرجع إلی قاعدة الطهارة.
و أما فی فرض الامتزاج و تداخل الاجزاء فمع اندکاک أحدهما فی الآخر یجری حکم المندک فیه و أما إن لایندک أحدهما فی الآخر فهنا الاستصحابان متعارضان و بعد تساقطهما یرجع إلی قاعدة الطهارة و ذلک لأجل القطع بأنّ الأجزاء المتداخلة لاتختلف حکمها فی الطهارة و النجاسة قطعاً حتی ظاهراً و لکن یمکن أن یقال لا أثر لاستصحاب الطهارة لوضوح المنع من الشرب و التوضّی و إذا لم یترتب علی الاستصحاب أثر عملی فلا محالة لایجری لأنّه أصل عملی فإذا لم یترتب علیه أثر کالشرب و التوضّی و نحو ذلک فلا وجه لجریان الأصل العملی فی الطهارة للقطع بأنّه لا یترتب شیء من هذه الآثار علی الأجزاء المتداخلة مع الماء المتنجس لاتحادهما وجوداً و حکماً و علیه یبقی استصحاب النجاسة بلامعارض و معه لامناص من الحکم بنجاسة الجمیع. هذا حاصل ما أفاده السید الأستاد رحمه الله تعالی فی المقام.