40/04/08
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: (فقه الطهارة)
مسألة 12: لا فرق بین زوال الوصف الأصلی للماء أو العرضی فلو کان الماء أحمر أو أسود لعارض فوقع فیه البول حتی صار أبیض تنجس و کذا إذا زال طعمه العرضی أو ریحه العرضی.
وجه عدم التنجس: أنّ الظاهر من أدلة الماء العاصم لتغیّر أحد أوصافه الثلاثة هو تغیّر الماء العاصم لو خلّی و طبعه بلا عروض عارض آخر موجب لتغیّر وصف الماء العاصم، فإنّه حینئذ یتنجّس بملاقاة النجس مع حصول تغیّر أحد أوصافه، و أما إذا کان تغیّر الماء العاصم حاصلاً قبل ملاقاة النجس، و بالملاقاة تغیّر هذا التغیّر العرفی، فهو منصرف عن ظاهر تلک الأدلة.
لکن الظاهر شمول إطلاق أدلة التغیّر لهذا و لذلک بقرینة صحیحة إبن بزیع الواردة فی ماء البئر مع العلم بأنّ مائه مختلف بحسب مرور المیاه تحت الأرض عن الأراضی المالحة أو أراضی الزاج و الکبریت فإنّ ماء البئر الملوحة أو المرارة أو سایر الأوصاف بالعرض من المرور عن تلک الأراضی و مع ذلک حکم الإمام بنجاسته إذا تغیّر طعمه أو ریحه بالنجس مع کون الماء بنفسه فی جمیع الآبار حاصلاً من الأمطار النازلة من السماء و هی میاه صافیة لذیذة.
ثم ذکر الأستاد رحمه اللهتعالی الفرق بین هذه المسألة و المسألة السابقة: حیث إنّ البحث فی المسألة السابقة راجع إلی أنّ المنجّس للماء العاصم خصوص ما بغیر الماء العاصم بالإنتشار أو الأعم منه و من التأثیر و هذه المسألة مبتنیة علی کون المدار فی التنجس علی وصف الماء العاصم الذاتی أو الأعم منه و من العرضی.
و السید الصدر رحمه الله تعالی حاول إبتناء المسألتین علی أمر واحد و هو أنّ تغیّر الماء بالنجاسة ملاک للانفعال و لا أثر لعاصمیة الماء مع التغیّر الحاصل من النجاسة لکون ملاک الانفعال أقوی من اقتضاء الماء الطبیعی للاعتصام و ذلک الملاک ثابت فی کلتا المسألتین.
و قد أفاد صاحب الحدائق رحمه الله تعالی بأنّ الفرق بین اللون العرضی و اللون الذاتی لا أثر له فی تنجس الماء لأنّ المنجّس هو ذات النجس لا وصفه.
مسألة 13: لو تغیّر طرف من الحوض مثلاً تنجس فإن کان الباقی أقلّ من الکرّ تنجس الجمیع و إن کان بقدر الکرّ بقی علی الطهارة و إذا زال تغیّر ذلک البعض طهر الجمیع ولو لم یحصل الإمتزاج علی الأقوی.
أما صدر هذه المسألة فواضح کما تقدم البحث فی ذلک و أما ذیلها و هو ما إذا تغیّر بعض الماء العاصم بالنجاسة و کان الباقی بمقدار الکرّ فهل یحتاج طهارة الکرّ و هذا القدر الملاقی للنجس إلی الامتزاج و استهلاک المقدار الملاقاة مع النجس فی مجموع الکرّ أم لا یحتاج إلی ذلک.
فی المسألة اختلاف شدید بین أصحابنا و الذی نسب إلی القدماء حتی العلامة رحمهاللهتعالی اعتبار الاستهلاک و الامتزاج و إلی غیرهم سیّما جمع من المتأخرین عدم اعتبار ذلک فی الطهارة.
و استدلّ للثانی باتحاد حکم الماء الواحد کما تقدم فی بعض الدروس السابقة و حیث لا یحکم بالنجاسة لمکان الأدلة الدالة علی اعتصام الکرّ فلا محالة یحکم بالطهارة.
و ناقش فیه الأستاد رحمهاللهتعالی بأنّه فاقد للدلیل ثم إستدلّ الأستاد رحمهاللهتعالی للقول بالطهارة بما ورد فی ماء الحمام من الاعتصام
لاتصاله بالمادة و هی موثّقة حنّان[1] «أ لیس هو جار قلت: بلی قال: لا بأس» فهی مطلقة تعم الدفع و الرفع بمعنی أنّه إذا اتصل
بالماء یطهر سواء کان متنجساً قبله أم لم یکن و سواء وردت علیه النجاسة بعد اتصاله أم لم ترد و هی ظاهرة فی عدم الإمتزاج فإنّ المادة بمجرد اتصالها بماء الحیاض لا تمتزج به بل یتوقف علی مرور زمان لا محالة.
و بهذه الروایات نتعدی إلی أمثال المقام و نحکم بالطهارة الماء بأجمعه عند زوال التغیّر عن الجانب المتغیّر.
1. إما للقطع بعدم الفرق بین ماء الحمام و غیره فی أنّ مجرد الاتصال بالعاصم یکفی فی طهارة الجمیع إذ لا خصوصیة لکون المادة أعلی سطحاً من الحیاض کما فی الحمام.
2. و إما من جهة تنصیص الأخبار عقلیة الحکم و هی قوله (لأنّ لها مادة) و العلة متحقّقة فی المقام إیضاً إذ المفروض أنّ للجانب المتغیّر جانباً آخر کرّاً و هو بمنزلة المادة.
3. و إما من جهة دلالة الأخبار المذکورة علی أنّ عدم انفعال ماء الحیاض مستند إلی اتصالها بالمادة المعتصمة فهی لا تنفعل.
ثم استدل بصحیح ابن بزیع.