درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

ویرایش دوم

90/07/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 مسألة8: لو اشتغل القادر على الكسب بطلب العلم المانع عنه يجوز له أخذ الزكاة‌(أو سهم السادات)إذا كان مما يجب تعلمه عينا أو كفاية و كذا إذا كان مما يستحب تعلمه كالتفقه في الدين اجتهادا أو تقليدا و إن كان مما لا يجب و لا يستحب كالفلسفة و النجوم و الرياضيات و العروض و الأدبية لمن لا يريد التفقه في الدين فلا يجوز أخذه‌.
 أخذالسید ره هذه المسألة متنا ومضمونا من مولی مهدی نراقی صاحب مستند الشیعه (ج9ص268)و ذکروا بعده الشیخ النصاری و مصباح الفقیه و السید الحکیم والسید الاستاذ حوله؛ قال السید الاستاذ:من وجب علیه طلب العلم بالوجوب العینی أو الکفائی الذی یجب عینا- لعدم وجود من به الکفایة- :یجوز له أخذ الزکاة لکن من وجب علیه تحصیل العلم کفایة ووجد من به الکفایة فلا یجوز له أخذ الزکاة فضلا عن غیره من أفراد الاستحباب والاباحة فی تحصیل العلم مثل النجوم والفلسفة لانه متمکن من الکسب شرعا وعقلا وهو ذو مرة سوی [1] .
 :لو تنافی التفقه مع التکسب ولم یمکن الجمع بینهما فأیهما أولی وأقدم؟قال بعض بتقدم التفقه لادلة وجوب التفقه وکثرتها ولزوم تحصیل العلم وفی قباله قال جمع بتقدم التکسب علی تحصیل العلم والفقه لأدلة أخری.
 وأحسن ما فی هذا الباب کلمات الشیخ الاعظم الانصاری ره لإجابة السوال فنطرح بعض کلماته فی هذا المقام [2] :« يكفي في طلب الاكتساب ما ورد: من أنّه «أوحى اللّٰه تعالى إلى داود على نبيّنا و آله و عليه السلام: يا داود إنّك نِعْم العبد لولا أنّك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئاً. فبكى عليه السلام أربعين صباحاً ثمّ ألان اللّٰه تعالى له الحديد، و كان يعمل كلّ يوم درعاً و يبيعه بألف درهم، فعمل ثلاثمائة و ستّين درعاً فباعها و استغنى عن بيت المال .. الحديث» [3] و ما أرسله في الفقيه عن الصادق عليه السلام: «ليس منّا من ترك دنياه لآخرته، أو آخرته لدنياه» [4] ، و أنّ «العبادة سبعون جزءاً أفضلها طلب الحلال» [5] .
 و ذكر في الحدائق: أنّ الجمع بينهما بأحد وجهين:
 أحدهما و هو الأظهر بين علمائنا-: تخصيص أخبار وجوب طلب الرزق بأخبار وجوب طلب العلم، و يقال بوجوب ذلك على‌غير طالب العلم المشتغل بتحصيله و استفادته و تعليمه و إفادته. قال: و بهذا الوجه صرّح الشهيد الثاني رحمه اللّٰه في رسالته المسمّاة ب‍ «منية المريد في آداب المفيد و المستفيد» (رساله قیمه)حيث قال في جملة شرائط العلم:
 و أن يتوكّل على اللّٰه و يفوّض أمره إليه، و لا يعتمد على الأسباب فيوكل إليها و تكون وبالًا عليه، و لا على أحدٍ من خلق اللّٰه تعالى، بل يلقي مقاليد أمره إلى اللّٰه تعالى، يظهر له من نفحات قدسه و لحظات أُنسه ما به يحصل مطلوبه و يصلح به مراده. و قد ورد في الحديث عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله أنّ اللّٰه تعالى قد تكفّل لطالب العلم برزقه عمّا ضمنه لغيره» بمعنى: أنّ غيره يحتاج إلى السعي على الرزق حتّى يحصل له، و طالب العلم لا يُكلَّف بذلك بل بالطلب، و كفاه مئونة الرزق إن أحسن النيّة، و أخلص القربة. و عندي في ذلك من الوقائع ما لو جمعته [بلغ] ما لا يعلمه إلّا اللّٰه من حسن صنع اللّٰه تعالى [و جميل معونته منذ] ما اشتغلت بالعلم، و هو مبادي عشر الثلاثين و تسعمائة إلى يومنا هذا، و هو منتصف شهر رمضان سنة ثلاث و خمسين و تسعمائة. و بالجملة، ليس الخبر كالعيان. و روى شيخنا المقدّم محمّد بن يعقوب الكليني قدّس سرّه بإسناده إلى الحسين بن علوان، قال: كنّا في مجلسٍ نطلب‌فيه العلم، و قد نفدت نفقتي في بعض الأسفار، فقال لي بعض أصحابي: من تؤمّل لما قد نزل بك؟ فقلت: فلاناً، فقال: إذاً و اللّٰه لا تسعف بحاجتك و لا تبلغ أملك و لا تنجح طلبتك! قلت: و ما عِلمُك رحمك اللّٰه؟ قال: إنّ أبا عبد اللّٰه عليه السلام حدّثني: أنّه قرأ في بعض كتبه: «إنّ اللّٰه تبارك و تعالى يقول: و عزّتي و جلالي و مجدي و ارتفاعي «1» على عرشي لأقطعنّ أمل كلِّ مؤمّل غيري باليأس، و لأكسونَّه ثوب المذلّة عند الناس، و لأُنحينّه من قربي، و لأُبعّدنّه من و صلى، أ يُؤَمِّلُ غيري في الشدائد و الشدائد بيدي؟! و يرجو غيري و يقرع باب غيري و بيدي مفاتيح الأبواب و هي مغلّقة، و بابي مفتوح لمن دعاني، فمن ذا الذي أمّلني لنوائبه فقطعته دونها؟ و من ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه منّي؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة، فلم يرضوا بحفظي، و ملأت سماواتي ممّن لا يملّ من تسبيحي، و أمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني و بين عبادي، فلم يثقوا بقولي. أ لم يعلم من طَرَقَتْه نائبة من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيري إلّا مِن بعد إذني، فما لي أراه لاهياً عنّي؟ أعطيته بجودي ما لم يسألني، ثمّ انتزعته عنه «2» فلم يسألني ردّه و سأل غيري، أفتراني أبدأ بالعطايا قبل المسألة ثمّ اسأل فلا أُجيب سائلي؟ أ بخيل أنا فيبخّلني عبدي؟ أ وَ ليس الجود و الكرم لي؟ أ وَ ليس العفو و الرحمة بيدي؟ أ وَ ليس أنا محلّ الآمال، فمن يقطعها دوني؟أ فلا يخشى المؤمّلون أن يؤمّلوا غيري؟ فلو أنّ أهل سماواتي و أهل أرضي أمّلوا جميعاً ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمّل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرّة، و كيف ينقص مُلْكٌ أنا قيّمه؟ فيا بؤساً للقانطين من رحمتي! و يا بؤساً لمن عصاني و لم يراقبني!» انتهى الحديث الشريف، و انتهى كلام شيخنا الشهيد رحمه اللّٰه [6] .
 قال في الحدائق: و يدلّ على ذلك بأصرح دلالة ما رواه في الكافي بإسناده إلى أبي إسحاق السبيعي عمّن حدّثه، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: «أيّها الناس، إنّ كمال الدين طلب العلم و العمل به، أ لا و إنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إنّ المال مقسوم مضمون لكم قد قسّمه عادل بينكم و ضمنه لكم، و سَيَفي لكم، و العلم مخزون عند أهله، و قد أُمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه .. الخبر» [7] .
 قال: و يؤكّده ما رواه في الكافي بسنده عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله: «يقول اللّٰه عزّ و جلّ: و عزّتي و جلالي و كبريائي و نوري، و عظمتي و عُلُوِّي و ارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلّا استحفظته ملائكتي، و كفّلت السماوات و الأرضين‌ رزقه، و كنت له من وراء تجارة كلّ تاجر، فتأتيه الدنيا و هي راغمة. انتهى كلامه [8] .ثم ذکر الشیخ الانصاری [9] إن ما أفاده صاحب الحدائق بطوله لیس دلیلا علی تقدم تحصیل العلم علی الاکتساب والاکل من بیت المال بل حاصل ما أفاده صاحب الحدائق ونقله من الروایات ،کلام الشهید الثانی ره فی کتابه «منیة المرید فی آداب المفید والمستفید »هو لزوم التوکل علی الله والاخلاص له وطلب العلم لله ولتعلیم تعالیم الانبیاء وأهل البیت علیهم السلام لتامة الناس.
 نعم ببالی أن شیخنا و أستاذنا الشیخ هاشم القزوینی ره فی درسه المکاسب حین بلغ إلی هذا الموضع من الکتاب حلف بالأیمان الغلاظ الشداد بأن طلب العلم -الیوم- من أوجب الواجبات حتی الصلاة والحج والصیام لان الیوم وجود الطلاب المجتهدین الذین یستخرجون أحکام الله تعالی من منابعها من الضرورات الاساسیة التی یقتضی وجوبا عینیا للتفقه وتحصیل العلم الدینی .
 فأقول: طلب العلم بالجد والاجتهاد والسعی والجهاد مثل ما قاموا به العلماء الماضون الذین حفظوا دین الله ورابطوا عن حدود الشریعة المقدسة ولیس کل من یسمی بطالب العلم یصدق علیه هذا المعنون ویستحق الزکاة وسهم الامام فلیتورع ولیتق فی الاتصاف والانطباق.


[1] موسوعة ج24ص33
[2] المکاسب ج4ص342
[3] الوسائل 12: 22، الباب 9 من أبواب مقدّمات التجارة، الحديث 3
[4] الفقيه 3: 156، الحديث 3568، و الوسائل 12: 49، الباب 28 من أبواب مقدّمات التجارة، الحديث الأوّل
[5] الوسائل 12: 11، الباب 4 من أبواب مقدّمات التجارة، الحديث 6.
[6] منية المريد: 62 63، و راجع الكافي 2: 66، الحديث 7
[7] الكافي 1: 30، الحديث 4
[8] الحدائق 18: 9 12
[9] المکاسب ج4ص346