درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

ویرایش دوم

90/07/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 فتبین مما سبق أن أهل الحرف والصنائع لو لم تکن الحرفة فی حد شأنهم یجوز لهم ترک العمل و أخذ الزکاة لتامین الحاجات والمرجع هنا العرف فی تشخیص منافاة الشأن وضیّق بعض الفقهاء هذه المسالة وقال:لا یحل أن یأخذها وهو یقدر علی أن یکف نفسه عنها؛فیلزم علی هذا حتی للمرجع الدینی أن یعمل لبقال أو صاحب حمام أو مثل هذه المشاغل لکفاف مؤونته ؟!!لکن الانصاف أن مجموع الروایات تنفی هذا الرأی لرعایة الشئون فی الروایات مثل ماورد من أن الدار و الخادم لیسا بمال وتحدثنا سابقا حوله- أو روایات سبقت فی استثناء الجمل والعبد والأمة من الاموال أو روایة باب 28 الذی نقل من الامام علیه السلام فی بیان کیفیة تقسیم الزکاة فی زمن النبی الاعظم صلی الله علیه وآله وسلم و عدم التضییق والتقتیر فی التقسیم فلیس المدار للشغل والفراغ علی القدرة العقلیة بل القدرة العرفیة و العرف یدخل شئون الافراد فی مشاغلهم ویحکم بعدم قدرة شریف لشغل دنی.والنتیجة: عدم حرمة اخذ الزکاة فی هذه الصور.بلی یصدق علیه العسر والحرج النافیین للتکلیف .
 نعم هنا استدراک حیث قد نسب شعر الی مولانا امیر المومنین علیه السلام :
 لنقل الصخر من قلل الجبالِ أحب إلي من منن الرجالِ و قالوا لي بأن الكسب عار فقلت العار في ذل السؤالِ أو روایات سبقت فی الدروس الماضیة أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم واولاده الطاهرین علیهم السلام عملوا أعمالا صعبة وثقیلة لکف النفس والاعراض عما فی أیدی الناس و تحصیل المعاش لکن لقائل أن یقول :إن الروایات المذکورة التی أشرنا الیها سابقا وجمعها صاحب الوسائل فی أبواب مقدمات التجارة سیما الباب التاسع منها لا یکون فی مقام بیان سیرة إلزامیة بل فی مقام تعلیم استغناء النفس وترویج ثقافة السعی والکد فی طریق المعاش بأی نحو کان فلم یکن دالا علی الوجوب بل الجواز لمن أراد التکسب بأی طریق لتأمین حاجاته.
 و تمسک بعض مثل صاحب المدارک بقاعدة العسر والحرج فی جواز أخذ الزکاة فی هذه المسألة. [1]
 مساله 5: مسألة إذا كان صاحب حرفة و صنعة و لكن لا يمكنه الاشتغال بها‌من جهة فقد الآلات أو عدم الطالب جاز له أخذ الزكاة‌.
 مثل لحام [2] لم یجد سلکا أو آلة التلحیم لاتصال الحدید أو ناسج کلیم أو سجادة لم یجد مشتریا لمنسوجاته فیجوز لهما أخذ الزکاة والمسالة مستغنیة عن الدلیل لانه فی هذا الفرض عرض الفقر علی الشخص لعجز غیر ارادی من دون کسالة.
 مساله 6: مسألة إذا لم يكن له حرفة و لكن‌يمكنه تعلمها من غير مشقة ففي وجوب التعلم و حرمة أخذ الزكاة بتركه إشكال- و الأحوط التعلم و ترك الأخذ بعده نعم ما دام مشتغلا بالتعلم لا مانع من أخذها‌
 مثل إنسان یقدر علی تعلم السیاقة للسیارة ثم تحصیل مؤونته بالسیاقة والانصاف أن الروایات تنفی أخذ الزکاة لکل محترف أو ذی مرة سوی أو قوی یقدر علی التکسب فیما سبقت- و من کان قادرا عرفا علی التکسب بتحصیل مقدمته وهو التعلم من غیر مشقة یصدق علیه القوی وذی مرة سوی فالشاب الذی یقدر علی تعلم السیاقة لا معنی لجواز أخذ الزکاة له وقال السید الاستاذ فی المقام:« بل الأظهر ذلک لقدرته على تحصيل المال و الإنفاق على العيال الواجب عليه بالقدرة على مقدّمته و هو التعلّم، فيجب عقلًا التصدّي للمقدّمة و التوصّل بها إلى ذيها، و معه يكون من مصاديق ذي مرّة سوي، الذي يحرم عليه أخذ الزكاة كما تقدّم» [3] ، و فی صحیحة زرارة المتقدمة تنفی ایضا أخذ الزکاة لمن یقدر علی أن یکف نفسه عنها و ممکن التعلم من أظهر مصادیقه مضافا إلی أنه مناف لروح الاسلام فی نفی التکاسل والترفیه ورواج الفراغة.
 أما لو طال التعلم شهرا أو أقل -ففی هذه المدة لا یبعد جواز أخذ الزکاة و قال بعض المعاصرین لوتمکن من الاستدانة والاستقراض بلا منة فلیقرض و یکف النفس عن الزکاة [4] .
 الاستاذ:تعلم حرفة یطول ستة أشهر أو سنة مثل تعلم التجصیص أو إصلاح السیارات لا یجب مثل هذا التعلم فی رأی الاکثر، لکن فی ضوء روایات مضت فی مقدمات أبواب التجارة یمکن القول بأن روح الشریعة الاسلامیة تنافی مع الکسالة والبطالة و الارتزاق من بیت المال فالتعلم ولو یطول مدة مدیدة للتکسب والإستغناء عن الخلق لازم نعم لابأس بأخذ الزکاة فی مدة التعلم لصدق عنوان الفقیر علیه.
 مسالة 7: من لا يتمكن من التكسب طول السنة إلا في يوم أو أسبوع مثلا‌ و لكن يحصل له في ذلك اليوم أو الأسبوع مقدار مئونة السنة فتركه و بقي طول السنة لا يقدر على الاكتساب لا يبعد جواز أخذه و إن قلنا إنه عاص بالترك في ذلك اليوم أو الأسبوع لصدق الفقير عليه حينئذ‌
 مثل وکلاء القضاوة أوصاحب مکتب العقار والسیارات،فهل یجوز ترک التکسب أم لا وفی صورة الترک هل یجوز أخذ الزکاة أم لا؟فقال السید ره ترک التکسب معصیة لکن الاستاذ قال:« أمّا العصيان بترك الكسب في ذلك الوقت فليس له وجه ظاهر، ضرورة عدم وجوب التحفّظ على الغنى، فتجوز إزالته بالإنفاق في سبيل اللّٰه أو الجيران أو الأولاد و جعل نفسه فقيراً لكي تستباح له الزكاة عندئذٍ.»
 لکن فی کلام الاستاذ نظر: فان الاسلام یؤکد علی عزة نفس المؤمن وحفظ عرضه وعدم عرض حاله علی الناس و لو کان فقیرا و طلب الرزق الحلال ولو مع المشقة لکفاف نفسه وعیاله ولا یرضی بأن أفقر شخص نفسه بأن تصدق أمواله وبقی فقیرا حیرانا وصریح کلام الحق نهی الرسول صلی الله علیه وآله وسلم عن الانفاق التعجیزی وقال: « وَ لاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَ لاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُورا»(سورة الاسراء آیة 29)
  والمطلب بیّن من منظر اسلامی وشواهده کثیرة منها : قصة محمد بن منکدر الماضیة و روایات مقدمات التجارة و قصة رجل له أولاد وبنات إفتقرت بعد موته لانه أعتق ستة عبیده قبل موته وهم کل أمواله- رجاء الأجر الاخروی فدفن فاطلع النبی صلی الله علیه وآله وسلم وقال أین دفن فقالوا فی مقبرة المسلمین فقال ص لو اطلعت لما أجزت .
 فهذه الادلة تدل علی عدم جواز التعجیز والإفقارنعم لو عصی یجوز له أخذ الزکاة لفعلیة موضوع الزکاة وهو الفقر.


[1] مدارک الاحکام ج5ص197
[2] جوشکار آهن
[3] موسوعه ج24ص31
[4] کتاب الزکاة مرحوم منتظری ج2ص349