درس خارج فقه استاد اشرفی
کتاب الزکاة
90/07/09
بسم الله الرحمن الرحیم
تبيين بعض مصاديق الفقر و الغنى و ما اختلف فيه ـ
الأول ـ لو كان صاحب ضيعة أو دار غلة أو خان أو نحوها تقوم قيمتها بمؤونته و لكن لا يكفيه الحاصل منها لمؤونته هل جاز له أخذ الزكاة أم لا؟
بيع مثل هذه الأموال ليس بواجب بلا اختلاف بين العلماء؛ فله إبقائها و أخذ نقصان المؤونة من الزكاة.[1]
قال السيد الماتن قدس سره قبل المسألة الأولى:
فمن كان عنده ضيعة أو عقار أو مواش أو نحو ذلك ، تقوم بكفايته وكفاية عياله في طول السنة ، لا يجوز له أخذ الزكاة
قال الحكيم قدس سره: بلا إشكال.[2] و معنى ذلك أنه لو لم يكف بذلك جاز له أخذ الزكاة.
و دل عليه موثقة سماعة باب 9 ح 1 :
[ 11916 ] 1 - محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة بن محمد ، عن سماعة قال :
سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الزكاة ، هل تصلح لصاحب الدار والخادم ؟ فقال : نعم ، إلا أن تكون داره دار غلة فخرج له من غلتها دراهم ما يكفيه لنفسه وعياله ، فإن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم من غير إسراف فقد حلت له الزكاة ، فإن كانت غلتها تكفيهم فلا.
و معلوم أن الحكم غير منحصر بمورد الرواية أي الغلة بل يشمل الضيعة و العقار و نحوها.
الثاني: قال السيد الماتن قدس سره:
وكذا إذا كان له رأس مال يقوم ربحه بمؤنته.
و هذا أيضا من مصاديق الغني بلا شك وشاهدها باب 12 ح 2 :
[ 11924 ] 2 - وعن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :
قد تحل الزكاة لصاحب السبعمائة وتحرم على صاحب الخمسين درهما، فقلت له: و كيف يكون هذا؟ قال: إذا كان صاحب السبعمائة له عيال كثير فلو قسمها بينهم لم تكفه فليعف عنها نفسه وليأخذها لعياله ، وأما صاحب الخمسين فإنه تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها وهو يصيب منها ما يكفيه إن شاء الله.
الثالث: ثم قال السيد الماتن قدس سره:
أو كان له من النقد أو الجنس ما يكفيه وعياله ، وإن كان لسنة واحدة .
و هذا أيضا معلوم.
ثم قال السيد الماتن قدس سره في الفرع الرابع:
وأما إذا كان أقل من مقدار كفاية سنته يجوز له أخذها
و هذا مورد الخلاف للنصوص التي وردت في المقام و ما يستظهر منها:
باب 9 ح 3:
[ 11918 ] 3 - وعنه ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن عبد العزيز ، عن أبيه قال :
دخلت أنا وأبو بصير على أبي عبد الله ( عليه السلام ) فقال له أبو بصير : إن لنا صديقا - إلى أن قال - وله دار تسوى أربعة آلاف درهم ، وله جارية ، وله غلام يستقى على الجمل كل يوم ما بين الدرهمين إلى الأربعة سوى علف الجمل ، وله عيال، أ له أن يأخذ من الزكاة ؟ قال نعم، قال: وله هذه العروض؟ فقال : يا أبا محمد، فتأمرني أن آمره ببيع داره و هي عزه و مسقط رأسه؟! أو ( ببيع خادمه الذي يقيه ) الحر و البرد و يصون وجهه و وجه عياله؟! أو آمره أن يبيع غلامه و جمله و هو معيشته و قوته؟ بل يأخذ الزكاة فهي له حلال، و لا يبيع داره و لا غلامه و لا جمله .
و هذه الرواية ظاهرة في أن من كان له رأس مال و لكن لا يكفي ربحه لمؤونته جاز له أخذ الزكاة و إن كان رأس ماله كثيرا.
هذا و اختلف كلام العلماء في هذا المقام؛ بعض قائل بأنه لو كان رأس ماله على قدر مؤونة سنته لا يجوز له أخذ الزكاة و أن هذه الرواية لم يمكن التمسك بها لأن اسماعيل بن عبد العزيز ليس له توثيق على أنها خلاف قول المشهور فهي مطروحة.
و قد ذكر صاحب الجواهر قدس سره[3] بأن مثل هذه الأموال غير مانعة لأخذ الزكاة لأنه يمكن أن يكون من شأنه فالملاك على قدر الحاجة لا الكثرة و القلة الظاهرية العددية كما مر في حديث سماعة.
و من الروايات التي يتمسك بها باب 12 ح 4:
[ 11926 ] 4 - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضال ، عن يزيد بن إسحاق ، عن هارون ابن حمزة قال:
قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : يروى عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي ؟ فقال : لا تصلح لغني ، قال فقلت له : الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعة وله عيال ، فإن أقبل عليها أكلها عياله ولم يكتفوا بربحها ، قال : فلينظر ما يستفضل منها فليأكله هو ومن يسعه ذلك ، وليأخذ لمن لم يسعه من عياله .
و صحيحة معاوية بن وهب ح 1 باب 12:
[ 11923 ] 1 - محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن وهب قال:
سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يكون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم وله عيال وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها ، أيكب فيأكلها ولا يأخذ الزكاة ، أو يأخذ الزكاة ؟ قال : لا بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسعه ذلك من عياله ويأخذ البقية من الزكاة ، ويتصرف بهذه لا ينفقها .
فهذه الصحيحة مطلقة تشمل من كانت مؤونة سنته أربعمائة درهما و من لم يكن كذلك و أن رأس ماله يكفي المؤونة أم لم يكف، جاز له أخذ الزكاة لما قل من مؤونته.
و بهذا أفتى الكثير منهم صاحب العروة و السيد الأستاذ الخويي قدس سرهم كما مر فمن كان رأس ماله على قدر مؤونة سنته و لكن ربح رأس ماله لم يكف بذلك جاز له أخذ الزكاة. و للكلام تتمة.
[1] ) منهاج الصالحین للسید الخویی قدس سره مسألة 1134 .
[2] ) المستمسک: ج 9 ص 215 .
[3] ) جواهر الکلام ج 15 ص 319: ولا يخرج بملكها عن حد الفقر إلى الغنى عرفا ، بل الظاهر أن منها ما يحتاج إليه لعزه وشرفه.