درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

90/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: أصناف المستحقين للزكاة ومصارفها ـ

الفرق بين المسكين و الفقير

  أن مقتضى كل وصف هو العنوانية و الاحتراز فلو كان الوصف موضوعا في جملة كذائية فمعنى ذلك أن عنوان الوصف دخيل في موضوعية الحكم فلو قال المولى أكرم زيدا و عمرا فالموضوع هو ذات زيد و عمرو و لو قال: أكرم العالم العادل فمعنى ذلك أن عنوان العلم و العدالة دخيل في وجوب الإكرام و فيما نحن فيه قال الله تبارك و تعالى: للفقراء و المساكين، و مقتضى أخذ القيد هو أن عنوان الفقر و المسكنة دخيلان في الحكم و مقتضى الأصل في كل قيد الاحترازية أي الفقير دون غير الفقير و المسكين دون غير المسكين فلو كان المراد من العنوانين شيء واحد معنى ذلك أن كل قيد لم يكن محترزا من الآخر. و مع التوجه إلى أن القرآن هو كتاب البلاغة لا يمكن لنا أن يلتزم بأن العنوانين يرجع إلى قيد واحد خلافا للأصل.

  فعلى هذا ما يناسب القواعد الأدبية هو قول المشهور من أن أصناف الزكاة ثمانية أشياء.

  و مر الكلام في الروايات أيضا من أن المسكين أشد حالا من الفقير أو أن المسكين هو الذي سأل خلافا للفقير و كذلك في تفسير الآية الشريفة «لا يسألون الناس إلحافا» فأن الفقير لم يكن أهلا للسؤال خلافا من المسكين الذي هو أشد حالا و هو أهل السؤال. فالفقير و المسكين عنوانان مختلفان.

  و السيد المحقق الميلاني قدس سره قال أنه عنوان الفقير و المسكين قد نقل بالتواتر في كلام الفقهاء و أنهما أي المسكين و الفقير إذا اجتمعا افتراقا و في الكتاب الشريف قد ذكر بنحو الاجتماع في موضع واحد فقط و في سائر الموارد إما يعبر بالفقير مثل «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله» أو يعبر بالمسكين «إطعام ستين مسكينا أو عشرة مساكين» .

  و على هذا كله ينتج أنه لا يمكن الإشكال بتغاير العنوانين الواردتين في هذه الآية الشريفة «الصدقات للفقراء و المساكين و ....»

  و قد مر كلامنا في عدم الثمرة في فقه الشيعة لهذا البحث لعدم وجوب تقسيم الزكاة بثمانية أقسام.

  و قد نقل القولين من الشيخ الطوسي قدس سره: الأول أن الفقير أشد حالا من المسكين و الثاني عكس ذلك من أن المسكين أشد حالا من الفقير. و قد ذكر القولين من كلام اللغويين.

  و نحن نقول أن مقتضى القاعدة الأدبية و الجمع بين القولين و التواتر الذي ادعاه السيد المحقق الميلاني قدس سره، أنهما عنوانان متفاوتان و كلاهما مقصودان في الآية الشريفة و إن لم تترتب على ذلك ثمرة علمية.

  و السيد الاستاذ الخويي قدس سره كما مر قائل بأن ما ورد في الروايات هو من باب التفسير لا المعنى اللغوي.

قال قدس سره: لكن لا ينبغي التأمّل في عدم كونه (عليه السلام) بصدد بيان المفهوم من اللفظ لغةً أو عرفاً ليكون منافياً مع ما قدّمناه ، بل لم نعهد حتّى رواية واحدة تكون واردة لبيان شرح اللفظ وبيان مفهومه اللغوي أو العرفي ، لخروج ذلك كلّه عن شأنه ومنصبه الساميين . فالصحيحة واردة (صحيحة ابن مسلم) لا محالة لبيان المراد من هاتين الكلمتين الواقعتين في الآية المباركة ـ أعني قوله تعالى : (إِنَّما الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ وَالمَساكِينِ) ـ فهي تفسير للآية لا بيان لمفهوم اللفظ بما هو، ولا ضير في ذلك، فيلتزم بأنّ مصرف الزكاة هو مطلق من لا مال له سأل أم لم يسأل ، فاُريد من المسكين الأوّل ، ومن الفقير الثاني.[1]

  و نحن نقول أن هذا التفسير أيضا دليل على أنهما عنوانان مختلفان. فلا يمكن لنا الالتزام بسبعة عنواين التي ذكرها المحقق صاحب الشرايع قدس سره بل المراد من الآية الشريفه ثمانية عناوين.

بيان الضابطة للفقير الشرعي

  ثم قال السيد الماتن قدس سره في مقام بيان الضابطة للفقير الشرعي:

والفقير الشرعي من لا يملك مؤنة السنة له ولعياله والغني الشرعي بخلافه ، فمن كان عنده ضيعة أو عقار أو مواش أو نحو ذلك تقوم بكفايته وكفاية عياله في طول السنة لا يجوز له أخذ الزكاة ، وكذا إذا كان له رأس مال يقوم ربحه بمؤنته ، أو كان له من النقد أو الجنس ما يكفيه وعياله ، وإن كان لسنة واحدة ، وأما إذا كان أقل من مقدار كفاية سنته يجوز له أخذها، وعلى هذا فلو كان عنده بمقدار الكفاية ونقص عنه بعد صرف بعضه في أثناء السنة يجوز له الأخذ ولا يلزم أن يصبر إلى آخر السنة حتى يتم ما عنده ففي كل وقت ليس عنده مقدار الكفاية المذكورة يجوز له الأخذ وكذا لا يجوز لمن كان ذا صنعة أو كسب يحصل منهما مقدار مؤنته، والأحوط عدم أخذ القادر على الاكتساب إذا لم يفعل تكاسلا .

 فعلى هذا بعضا ما كان للشخص مؤونة سنته مثل التاجر فهو غير فقير و بعضا ما له عمل يمكن مع أخذ أجرته تامين مؤونته كالبناء فليس له مؤونة سنته بالفعل كلها و لكن يقدر على تامين مؤونته بأجرة عمله فهو أيضا غير فقير.

  فعلى هذا من كان له بستان أو مسكن يمكن مع بيعه استيفاء مؤونة سنة أو سنوات هل يحسب فقيرا أم لا؟ لا، إلا فيما إذا صارت ثمرة بستانه أو مسكنه راس المال يكفي ربحه لمؤونة سنته فمن لم يقدر على مؤونة سنته من ربح ما في يده لا يجب عليه بيع ما في يده بل يحسب فقيرا.

  هذا قول السيد الماتن قدس سره و في قباله قولان آخران:

  قول الشيخ الطوسي قدس سره من أن الفقير من لم يكن مالكا لنصاب من الزكاة.

  و بعض يعبر بقيمة النصاب.

  و قد ذكر صاحب مفتاح الكرامة قدس سره أنه لم يجد من الخلاف هذا القول مع التتبع فيه. و كذلك قال صاحب الجواهر بأن نسبة هذا القول بالشيخ غير معلوم.

  و القول الثالث أن المدار في الفقر هو أن الرجل لم يمكن له تأمين مؤونته في كل سنوات عمره لا في سنة واحدة.

  و قد نقض هذا القول بأن هذا غير معلوم من حيث طول العمر و ما يكسب فيه. و المتبادر من الفقر عدم مؤونة السنة.

  و مستند قول المشهور روايات متعددة:

  أبواب المستحقيق للزكاة باب 8 ح 1 صحيحة أبي بصير:

  1 - محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي بصير قال:

سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : يأخذ الزكاة صاحب السبعمأة إذا لم يجد غيره ، قلت : فإن صاحب السبعمأة تجب عليه الزكاة ، قال : زكاته صدقة على عياله ، ولا يأخذها إلا أن يكون إذا اعتمد على السبعمأة أنفذها في أقل من سنة فهذا يأخذها ولا تحل الزكاة لمن كان محترفا وعنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة .

 فكلمة «أنفذها في أقل من سنة» دلت على المقصود.

 10 - محمد بن محمد المفيد في ( المقنعة ) عن يونس بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة ، ويجب الفطرة على من عنده قوت السنة وهي سنة مؤكدة على من قبل الزكاة لفقره ، وفضيلة لمن قبل الفطرة لمسكنته دون السنة المؤكدة والفريضة .

[1] ) المستند فی شرح العروة ج 14 ص 3