درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

90/02/31

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: كيفية تعلق الزكاة بالمال الزكوي

  كان البحث في المحتملات التي قد ذكرت في كيفية تعلق حق الفقراء بالمال الزكوي. و نحن ذكرناها بالتفصيل من كلام السيد الأستاذ المحقق الميلاني قدس سره.

  و قد مر أن القول الأول ( أنها ملك لأربابها كالدين في الذمة ) منسوب إلى الشافعي و بعض العامة و قالت الأعاظم أن هذا خلاف إجماع الشيعة فإن الزكاة في عين المال المزكي لا في الذمة نعم ذكر الشهيد في البيان عن ابن حمزة أنه حكى عن بعض الأصحاب تعلقها بالذمة.

  و شاهد هذا القول من الروايات: ح 1 من أبواب زكاة الأنعام باب 12:

  [ 11674 ] 1 - محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) :

رجل لم يزك ، إبله أو شاءه (شاته) عامين فباعها على من اشتراها أن يزكيها لما مضى ؟ قال : نعم تؤخذ منه زكاتها ويتبع بها البائع أو يؤدي زكاتها البايع .

  صحيحة أبي المغرا، ابواب مستحقين الزكاة باب 2 ح 4:

  [ 11868 ] 4 - وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي المغرا ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :

إن الله تبارك وتعالى أشرك بين الأغنياء والفقراء في الأموال ، فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم .

  صحيحة ابن سنان أبواب ما تجب فيه الزكاة باب 1 ح 3 و 9:

 ( 11389 ) 3 - وبإسناده عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إن الله عز وجل فرض الزكاة كما فرض الصلاة ، أن رجلا حمل الزكاة فأعطاها علانية لم يكن عليه في ذلك عيب ، وذلك أن الله عز وجل فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون به ، ولو علم أن الذي فرض لهم لا يكفيهم لزادهم ، وإنما يؤتى الفقراء فيما أوتوا من منع من منعهم حقوقهم لا من الفريضة .

  ( 11395 ) 9 - محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، وغير واحد جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إن الله عز وجل جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم ، ولولا ذلك لزادهم وإنما يؤتون من منع من منعهم.

  صحيحة الوشاء باب 3 من أبواب زكاة الذهب و الفضة ح 1:

 [ 11712 ] 1 - محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : قيل لأبي عبد الله ( عليه السلام ) :

لأي شئ جعل الله الزكاة خمسة وعشرين في كل ألف ولم يجعلها ثلاثين ؟ فقال : إن الله عز وجل جعلها خمسة وعشرين أخرج من أموال الأغنياء بقدر ما يكتفي به الفقراء ، ولو أخرج الناس زكاة أموالهم ما احتاج أحد .

  و رواية ابن ابي حمزه باب 52 أبواب مستحقين الزكاة ح 3 و سنده ضعيف :

  [ 12089 ] 3 - وعن علي بن محمد ، عمن حدثه عن يعلى بن عبيد ( معلى بن عبيد ) ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :

سألته عن الزكاة تجب على في مواضع لا تمكنني أن أؤديها ؟ قال : اعزلها ، فان اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح ....

  و مر أيضا صحيحة زرارة و محمد بن مسلم باب 39 ابواب مستحقين الزكاة صحيحة 1 و 2.

  قال المحقق الهمداني قدس سره في مصباح الفقيه ص 42 (ط.ق) و ص 256 (ط.ج):

وظهور هذين الخبرين (موثقة أبي المعزاء و خبر أبي حمزة) خصوصا الأخير منهما في الشركة الحقيقية غير قابل للانكار ولكن الالتزام بها مع الغض عن مخالفتها لظاهر الآية وغيرها ما عرفت يستلزم ارتكاب التخصيص في جملة من القواعد المتقنة التي ليس ارتكاب التخصيص في شئ منها بأهون من طرح هذين الخبرين فضلا عن تأويلها فإن الشركة الحقيقية مقتضاها حرمة تصرف كل من الشريكين في المال إلا بإذن صاحبه وعدم جواز الدفع من غير العين بغير رضاه وتعبية النماء للملك وكون المالك لدى التفريط بالتأخير وغيره ضامنا لمنفعة مال الشريك وإن لم يستوفها وإن يكون ضمان العين في الانعام بالقيمة لا بالمثل إلى غير ذلك من الأحكام المترتبة على الملكية الحقيقية مما لا يمكن الالتزام بشئ منها هاهنا لمخالفة كل منها لظاهر كلمات الأصحاب والاخبار أو صريحها.

  فقول العامة باطل فحق الفقراء كان في عين المال الزكوي بلا خلاف.

  المطلب الثاني ـ هل الحكم الوضعي أي ملكية الفقراء يتعلق بعين المال أو لهم الحق في مال المالك أي مال الزكوي؟

  و المحقق الميلاني قدس سره نفى الحكم الوضعي كما مر و لكن هذه الروايات التي مرت تكفي لإثبات الحكم الوضعي فما قال قدس سره من إثبات الحكم التكليفي دون الوضعي، خلاف ظواهر الروايات التي دلت على ثبوت الحكم الوضعي و إن كان مدلول هذا الحكم الوضعي هو الحكم بثبوت الحق لا ملكية الفقراء.

  المطلب الثالث ـ نسب إلى القدماء من أعلامنا قدس الله أسرارهم، أن الفقراء هم المالكون للمال الزكوي بنحو المشاع. و مستند هذا القول أيضا صحيحة ابي المغراء و صحيحة ابن سنان و ابن مسكان التي مرت و ظاهر الادلة التي دلت على أن «ما سقطه السماء ففيه العشر و ما سقطه الدلاء ففيه نصف العشر»، «في عشرين مثقال نصف مثقال» فظاهر هذه الأدلة دل على ملكية المشاع؛ لأنه كما مر سابقا إن كلمة «في» دلت على الظرفية و ظاهر فيها بلا ريب و المال هو المظروف أعني العشر. و هذا الظهور يناسب الشركة في العين.

  فعلى هذا صحة كلام القدماء مثل العلامة قدس سره ليس ببعيى أعني أن ملكية الفقراء في المال الزكوي كانت بنحو الإشاعة. و لكن لهذا القول إشكالات:

  منها أن الزكاة في غير الغلات الأربعة كالعدس من المستحبات و ليس للفقراء حق في أموال المالك بالنسبة إليها و لا شركة لهم فيها و هذا يدل على أن حق الفقراء بالمال الزكوي ليس بنحو الإشاعة.

  منها أنه لو كان الحق على نحو المشاع فالتصرف في كل جزء يحتاج إلى الاستئذان من الفقير أو الولي و الحاكم مع انه جاء في الروايات لو باع المالك حق الفقراء فالساعي أو الحاكم أخذ النصاب من غير المال الزكوي و ليس فيما سواه حق و بيعه صحيح.

  و منها أن البايع لو أخرج الزكاة بعد البيع لا يحتاج إلى الاستيذان أو بيع جديد مع أنه لو كان البيع في ملك الفقراء تحتاج صحته إلى الإجازة أو بيع جديد لأن من باع ثم ملك لابد له من تجديد الإجازة.

  و منها أن الروايات التي فيها نصاب الإبل من الشاة مثل أن في خمسة آبال شاة، دلت على عدم الشركة في العين.

  و منها أنه يجوز أداء الزكاة من القيمة في عدة من الروايات حتى في زكاة الأنعام نعم احتاط الاسكافي في الأنعام بأن تكون زكاتها منها و لكن في الغلات يتفق العلماء أن القيمة تكفي عن العين و نفس القيمة زكاة لا أنه بدل عن الزكاة. ذكرها المحقق الهمداني في ص 216 طبع الجديد أو ص 42 من طبع القديم.

  فهذه الإشكالات تدفع الشركة بنحو الإشاعة أيضا.

  المطلب الرابع قول السيد الماتن قدس سره في العروة من أن الزكاة كانت بنحو الكلي في المعين و شاهد هذا القول أيضا الروايات التي دلت على أن في أربعين شاة شاة أو في أربعين مثقالا مثقال فهذا مثل صاع من الصبرة. و لكن هذا القول أيضا لا يناسب الروايات الأخرى فيها «في خمسة آبال شاة» لأن الشاة ليست من الآبال حتى يقال أنه بنحو الكلي في المعين.

  على أنا نستظهر من الروايات بأن القيمة نفس الزكاة لا البدل عنها و لازم هذا القول أن القيمة كانت بدلا عن الزكاة لا نفس الزكاة.

  فإلى هنا ردت هذه الاحتمالات: الحكم التكليفي و الكلي في الذمة و الشركة بنحو الإشاعة و الكلي في المعين.

  و لا يمكن لنا إنكار شركة الفقراء في أموال الأغنياء فلابد أن ينتج في مقام جمع الأدلة بأن للفقراء حق في المال الزكوي و لذا لو باع المالك المال الزكوي فللحاكم إبطال البيع بالنسبة إلى حق الفقراء أو أخذ الثمن منه بحسب رعاية حال الفقير. و من هنا استفدنا أن للفقراء و أصحاب الزكاة نحو ملكية و ليس هذا ملكية في العين لأنه لم تكن مانعة عن البيع فليس في العين شركة بنحو الكلي في المعين أو المشاع بل صرف حق لهم في المال الزكوي. و اما هذا الحق أ هو بنحو حق الرهانة أو حق الغرماء أو حق الزوجة أو حق المجني عليه سيأتي البحث إنشاء الله تعالى.