درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

90/01/21

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: زكاة المال المتعدد المتباعد

( مسألة 24 ) : حكم النخيل والزروع في البلاد المتباعدة حكمها في البلد الواحد ، فيضم الثمار بعضها إلى بعض وإن تفاوتت في الادراك ، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر. وعلى هذا فإذا بلغ ما أدرك منها نصابا أخذ منه ، ثم يؤخذ من الباقي قل أو كثر . وإن كان الذي أدرك أولا أقل من النصاب ، ينتظر به حتى يدرك الآخر ويتعلق به الوجوب ، فيكمل منه النصاب ويؤخذ من المجموع . وكذا إذا كان نخل يطلع في عام مرتين يضم الثاني إلى الأول، لأنهما ثمرة سنة واحدة . لكن لا يخلو عن إشكال ، لاحتمال كونهما في حكم ثمرة عامين ، كما قيل.

  فاختلاف الأزمنة أو اختلاف الأمكنة لا يوجب تعدد النصاب بل المدار على أن المال الزكوي لمالك واحد فالمهم هنا تمامية شرائط الوجوب التي مرت من الملكية و إمكان التصرف و مضي الحول في بعض الموارد، لا وحدة المكان أو وحدة الزمان. و قد تذكّر العلامة في التذكرة أن الثمرة من شجرة واحدة أيضا لم تظهر في زمن واحد بل كان ذلك بالتدريج فاختلاف الزمان لم يؤثر في وجوب الزكاة لو بلغ الجميع بحد النصاب.

  إلى هنا متفق بين أصحابنا بل العلماء كافة و هذا مقتضى إطلاقات الأدلة من أن المال الزكوي لو بلغ خمسة أوسق تجب زكاته.

  و اختلفت الأنظار في موردين:

  الأول ) لو كان النخل يطلع في عام واحد مرتين أو حصد من الأرض في سنة واحدة مرتين هل هنا يضم الثاني إلى الأول أم لا؟

  و ثمرة هذا الخلاف في أنه لو لم يصل الأول أو الثاني مستقلا إلى حد النصاب و لكن مجموعهما نصاب واحد فعلى القول بالضميمة تجب الزكاة و إلا لا.

  ذكر الشيخ الطوسي في المبسوط بأن حصول الثمرة مرتين يوجب وجوب الزكاة مرتين

  قال في التذكرة ج 1 ص 215:

والنخل إذا حمل في سنة واحدة دفعتين كان لكل حمل حكم نفسه لا يضم بعضه إلى بعض لأنها في حكم سنتين .

  و هذا قول الشافعي أيضا و لكن ما سواهما قائلون بأن تعدد الثمرة في سنة واحدة لم توجب تعدد النصاب و وجوب الزكاة. و السيد الماتن أيضا يتبع المشهور.

  الثاني ) لو فرض أن لنا ثمرات متعددة في الأزمنة المختلفة فهل يحسب النصاب فيما إذا بقيت الثمرة الأولى في ملكية المالك و تحت تصرفه؛ لأن من شرائط الوجوب بقاء الملكية، أم لا، بل تحسب الثمرة الأولى من النصاب و لو تلفت؟

  هنا ذكر صاحب الجواهر بأن وجوب الزكاة مشكل:

وإن سبق ما لا يبلغ نصابا تربصنا في وجوب الزكاة إدراك ما يكمل نصابا سواء أطلع الجميع دفعة أو أدرك ) الجميع ( دفعة أو اختلف الأمران ) نعم يعتبر بقاء الناقص عن النصاب على اجتماع شرائط الزكاة من الملكية ونحوها إلى أن يدرك ما يكمله كذلك ، كما هو واضح .

  فلو فرض أن في أواخر الربيع حصد له خرواران من الحنطة ثم في أوائل الصيف أيضا له خروار واحد و المفروض أن في هذا الزمان الثاني قد باع الخروارين الأولين فعلى القول الأول تجب الزكاة و على القول الثاني أي قول صاحب الجواهر لم تجب الزكاة.

  و المحقق الهمداني قدس سره قائل بأن التلف لو كان بالاختيار مثل البيع تجب الزكاة و لكن لو كان بلا اختيار مثل اللص أو الحريق لم تجب الزكاة.

  قال قدس سره في مصباح الفقيه ج 3 ص 70بعد ذكر كلام صاحب الجواهر:

أقول استفادة اعتبار بقاء الناقص في ملكه وعدم إتلافه إلى أن يدرك ما يكمل به النصاب في وجوب الزكاة من النصوص والفتاوى لا يخلو من خفاء بل قد يقال إن مقتضى إطلاقهما أنه متى بلغ نماء زروعه وثمره نخليه وكرومه بعد إخراج حصة السلطان واندراج مؤنتها خمسة أوسق فما زاد يجب فيها الزكاة سواء أدرك الجميع دفعة أو تدريجا وسواء بقي ما أدرك تدريجا في ملكه حتى يكمل النصاب أو باعه شيئا فشيئا أو أكله كذلك أو غير ذلك من التصرفات الناشئة عن اختياره الغير المنافية لصدق أنه بلغ ما حصل في يده في هذه السنة من نماء زرعه أو ثمرة نخيله خمسة أوسق فما زاد

  فهنا ثلاثة أقوال: الأول أن التلف لم يكن مضرا و لو كان باختيار؛ لأن المجموع على حد النصاب نعم لو كان التلف باختيار المالك ضمن حق الفقير و إلا أي لم يكن التلف باختيار كان التلف في حق الفقير أيضا بنسبته.

  و القول الثاني عدم وجوب الزكاة لو كان التلف موجبا لاسقاط النصاب.

  و القول الثالث التفصيل بين التلف الاختياري و عدمه كما مر من المحقق الهمداني قدس سره.

  هذا ملخص الاختلافين في المقام أما توضيح ذلك:

  مر أن قول المشهور هو وجوب الزكاة فيما إذا كانت الثمرتان لعام واحد لو وصلا جميعا على حد النصاب؛ لأن المدار على حصول الثمرة في سنة واحدة لمن هو مالك المال الزكوي. و قد ذكر السيد الأستاذ الخويي قدس سره تبعا من غيره أنه لو قلنا أن تعدد الثمرة من شجرة واحدة موجبا لتعدد النصابين أعني اختلاف الثمرة هو الملاك فلابد من ملاحظة الاختلاف في الأمكنة أو الأزمنة أيضا فثمرة كل مكان بحسبه أو كل زمان بحسبه و لو كان ذلك باطلا كما هو كذلك فلا فرق بين أن يكون للشجر أو الأرض ثمرة و زرع واحد أو ثمرتان و زرعان بل إطلاق أدلة خمسة أوساق دلت على أنه لو حصلت خمسة أوساق بالتدريج في سنوات متعددة أيضا تجب الزكاة و لكن هذا خلاف الإجماع و السيرة و لذا نرفع اليد عن هذا الإطلاق و نكتفي بإطلاقها في سنة واحدة و لكن اختلاف الأزمنة و الأمكنة و تعدد الثمرة لم يوجب اختلاف في النصاب و وجوب الزكاة.

  و قد تمثل ابن قدامة المقام بزكاة الأنعام فكما أن تعدد الحمل لم يمنع عن المحاسبة فكذلك تعدد الثمرة فلا يمكن الموافقة مع إشكال صاحب الجواهر قدس سره فالحق مع السيد الماتن قدس سره.