درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

90/01/15

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: معنى المؤونة في باب الزكاة

  إن لفظ المؤونة قد ورد في روايات باب الخمس و لكن في باب الزكاة لم يأت هذا اللفظ إلا في حديث فقه الرضا. و الكلام في أن المؤونة في الخمس ما هي؟ هل هي مؤونة التكسب أو مؤونة المعاش؟

  و من المسلم أن المؤن في الخمس كلها مستثنيات بلا فرق بين مؤونة المعاش و مؤونة التكسب فقد ورد في روايات الخمس: أن الخمس بعد المؤونة.

  كتاب الخمس أبواب ما يجب فيه الخمس باب 8 ح 1:

 [ 12579 ] 1 - محمد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن الحسن الأشعري قال :

كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع ؟ وكيف ذلك ؟ فكتب بخطه : الخمس بعد المؤونة .

  فهل هذا الحكم تسهيلا لأمر الشيعة أم كان الحكم من أول الأمر كذا؟ هو بحث يبحث عنه في محله.

  و المسلم أن المراد من جملة : الخمس بعد المؤونة، هو مؤونة المعاش و مؤونة التكسب.

  و الجهة الأخرى من البحث هو أن الفقهاء قائلون بأن من كان محتاجا إلى شراء دار أو مركبا مثلا يمكن له أن يشتري ذلك من فائدة سنته خلال السنة مع أن الدار و المركب عينهما باقيان في سنوات عديدة. فالمؤونة هنا تشتمل شراء الدار و المركب.

  مع التوجه إلى ذلك نرجع إلى بحثنا في الزكاة فمر أن الزكاة أيضا بعد المؤونة و لكن ما المراد من المؤونة ههنا؟ هل هي ما مر في الخمس أي يمكن شراء الدار و نحوه من المال الزكوي؟ فمن الواضح أنه لا يمكن ذلك فإن الحكم بجواز ذلك مساوق لإمحائه فلم يبق شيء حتى خرج زكاته لأن منافع الزكاة كلها يصرف في مؤونة الزارع على الأغلب. فهذا يوجب إلغاء الزكاة بالمرة فلم يرد هنا مؤونة المعاش قطعا و من ذلك مؤونة شراء الدار و المركب. فما هو المراد من المؤونة في باب الزكاة؟

  القدر المسلم أن مؤونة تحصيل الغلة هو ما يستثنى من المال الزكوي.

  و ما قال الحكيم قدس سره في المستمسك ج 9 ص 164:

ولا يظهر الفرق بين المقام ومؤنة السنة التي تستثنى في الخمس ، فإذا بني على استثناء نفس العين التي يحتاج إليها هناك، كان اللازم البناء عليه هنا . إلا أن يفرق : باجمال الدليل هنا ، وظهوره هناك . فلا حظ .

  أجيب عنه باختلاف المراد من المؤونة في البابين لما مر و الفرق واضح و الخمس غير الزكاة.

  السؤال الآخر: أنه ما معنى المؤونة؟ هل هي ما تكرّر في كل سنة أو ما يصرف لتهيئة الغلة؟ أو أنها عبارة عن كل خسارة مالية في تحصيل الغلة؟

 فالأولان ليسا بجامع و مانع من تعريف المؤونة بل المؤونة ما يرادف بالفارسية بالمخارج أعني أن مخارج الزرع و ما يصرف في تحصيل الغلة يعبّر عنه بالمؤونة. فما يخرج في تهيئة مورد الزكاة و ينعدم فهو من المستثنيات. فما يصرف لتحصيل غلة السنة خارج عن الغلة و يستثنى فالأرض المستجارة لم تكن من مؤونة هذه الغلة نعم البذر المنثور هو من المؤونة لأنه قد يصرف في تحصيل الغلة. و من قبيل الأرض عمل نفسه أو عمل ولده و زوجته لأن في هذه الموارد لم يصرف مالا.

  و ما استشكل بعض المعاصرين بأنه ما الفرق بين عمل نفس الزارع و عمل العامل؟ و ما الفرق بين أجرة الأرض المستجارة و بين أجرة المثل الارض التي كان مالكها نفس الزارع؟ فهذا الزارع لو أراد أن يبيع زرعه هل في مقام التقويم يحاسب أفعاله أم لا؟! فمن هذا يعلم أن المؤونة و مخارج الغلة لم ينحصر بأجرة العامل بل أجرة عمل نفسه و ما يشبه ذلك أيضا من المؤونة. فلذا ينتج المستشكل بأنه إما لابد من إدخال أجرة المثل الأرض و أجرة المثل عمل نفسه و نحوها من المؤونة بالمستثنيات، أم إنكار استثناء المؤونة بتاتا و على كل بلا تفصيل بين مصاديقها.

  ثم ينتج في تتمة كلامه أن المؤونة ليست من المستثنيات.

  و لكن نحن نقول أن المؤونة في العرف هو المال الذي صرف الزارع لتحصيل الغلة أعني الخسارة المالية فتشمل المؤونة أجرة الأرض أو العامل لا أجرة مثلهما فيما إذا كان الأرض لنفسه أو تبرع به متبرع. و هذا سر تفصيل الفقهاء بين قيمة الشجر و قيمة الأرض و العوامل و عمل ولده و المتبرع به فكل هذه ليست من المؤونة بخلاف قيمة البذر و الماء و نحوهما.

  فعلى هذا كلام السيد الماتن قدس سره هنا صحيح.

  أما كلام السيد في المسالة 19 كما مر فنحن لم نقل بأن هذا مبتن على القصد حتى يرد علينا ما قال السيد الأستاذ الميلاني أن القصد لم يتغير الواقعيات في غير ما يتقوم بالقصد مثل العبادات، و لكن نحن نقول أن القصد هنا شيء تكويني فمن كان من قصده من ارسال الماء على الأرض و الحرث و مكافحة الآفات و نحوها هو تحصيل الأرز ففي هذا الفرض لم يستثنى المؤونة من الحنطة لو زرعت بعد الأرز بخلاف عكسه.