درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/12/11

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: تغيير الجنسية ـ ترا الجنسية

  كان البحث في ترانسكشوال هل تغييره جائز أم لا؟ مر أن جمع من الفقهاء قائلون بالجواز بالطبع الأولي لو لم يكن قطع الأعضاء محرما من جهة النظر المحرم أو اللمس المحرم أو الإضرار بالنفس و نحوها من المحرمات الثانوية على هذه العملية الجراحية.

  و توجيه ذلك بأنه يمكن أن يكون روحه من نفس المرأة مثلا و بدنه جسم الرجل، بعيد جدا لأن هذا غير قابل للتشخيص و في تقسيم النفس بالرجولية و الأنوثية أيضا بحث.

  و مر أن ترانسكشواليزم من الأمراض التي عرضت للنفس إما من حين الطفولية أم بعدها.

  هذا، و مر أن بعض الأعاظم قائل بالجواز بلا فرق بين حال الإضطرار و غيره.

  و دليل هذا القول إصالة الإباحة و نحوها من «رفع ما لا يعلمون» و كلها من الأصول التي دليل حيث لا دليل أعني فيما إذا لم يكن للحرمة دليل من الكتاب و السنة و نحن نشير إلى دليل الحرمة فيما بعد.

  و بعض أفتى بالجواز من باب الاضطرار في ترا الجنسية.

  مر قولنا في المقام بأنه لو ثبتت صغرى المسألة أعني أن ترانسكشوال يصل إلى حد الجنون أو عرضت عليه الأمراض التي كانت صعب العلاج مثل الكرب (stress) الشديد و الإقدام بقتل النفس ففي هذه الفروض من الاضرار يمكن الحكم بالجواز. و هذا يحتاج إلى تشخيص المتخصص في علم النفس من حصر العلاج إلى تغيير الجنسية. فدليل الاضطرار دليل ثانوي حاكم في كل الموارد و لم يحتسب ذلك من أدلة المجوزين.

  و في قبال قول هذه الأعاظم القول بالتحريم إلا في فرض الاضطرار الذي مر بيانه.

  و العمدة في أدلة المانعين هي الآية الشريفة في سورة النساء و نشير إلى صدرها و ذيلها بجهة الاستيلاء على الاستدلال؛ قال الله تبارك و تعالى:

  إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ( 116 ) إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا ( 117 ) لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ( 118 ) ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ( 119 )

  هذه الأيات دلت على أن إطاعة الشيطان توجب الخسران المبين و لكن هل قوله «لآمرنهم فليغيرن خلق الله» يشمل المقام أيضا أم لا؟ أقول: نحن الآن في مقام ظاهر الآية الشريفة و دلالتها أولا و بالذات بلا رؤية ما في التفاسير في المقام ثم بعد كشف ظاهر الآية نرجع إلى ما في التفاسير و أجيب عن ذلك انشاء الله تعالى.

  «تغيير خلق الله» معناه أن الحالة التي جعلها الله في مخلوقه قد تغيّرت و صرف المخلوق عما هو خلق.

  توضيح ذلك: التغيير على قسمين: التغيير الظاهري بالنسبة إلى الأجسام و التغيير المعنوي بالنسبة إلى الماهية و واقعية الأشياء. فإن الله تعالى كما قال في كتابه: سخر لنا الشمس و القمر أو ما في السماوات و الأرض أو الأنعام، فعلينا تسخيرها و الإستفادة منها في المسير الذي سخرت لنا فيستفاد من الأنعام للانتفاع من لحمها أو ركوبها أو كانت زينة لنا كما أشير في الآيات المتعددة، فالتغيير هنا معناه الخروج عن هذه الاستفادة التي خلقت لها. و للكلام تتمة سيأتي.