درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/12/07

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: مستثنيات زكاة الغلات ـ المؤن

  كان البحث في المؤن التي صرفت في تحصيل الزرع فهل هي من المستثنيات أم لا؟

  المشهور بين القدماء استثناءها

  والشيخ في الخلاف ج 2 ص 67 مسأله 78 قال:

مسألة 78 : كل مؤنة تلحق الغلات إلى وقت إخراج الزكاة على رب المال ، وبه قال جميع الفقهاء، إلا عطاء ، فإنه قال : المؤنة على رب المال والمساكين بالحصة. دليلنا : قوله عليه السلام : " فيما سقت السماء العشر " " أو نصف العشر " فلو ألزمناه المؤنة لبقي أقل من العشر أو نصف العشر .

  و قال قدس سره في المبسوط ج 1 ص 217 أيضا:

وكل مؤونة تلحق الغلات إلى وقت اخراج الزكاة على رب المال دون المساكين.

  و لكن في ص 214 قال: أن من المستثنيات خراج السلطان و المؤونة كلها.

  مر أن القدماء إلى زمن المحقق الأول قائلون بالاستثناء أي تجب زكاة ما يبقى في يد الزارع بعد إخراج المؤن. و هذه الشهرة بين القدماء ثابتة و أما ما جاء في فقه الرضا أيضا هو عين متن كتاب الهداية لابن بابوية و المقنع و المقنعة و بعض آخر من كتب القدماء ـ بحيث ذكر الأستاذ الميلاني قدس سره جبر ضعف الفقه الرضوي في المسألة السابقة (مسألة الخراج) بشهرة الاستثناء بين القدماء و قوّى القول باستثناء الخراج. ـ و هذه الشهرة ثابتة إلى زمن السرائر بل إلى زمن المحقق في كتاب الشرايع.

  و لكن المسالك قائل بأنه ليس لنا دليل إلا الشهرة و ليست هي بدليل و بتبعه صاحب المدارك و الذخيرة و جمع من متأخري المتأخرين. و السيد أيضا بتبع القدماء قائل بالاستثناء و لكن كثير من المحشين منهم السيد الخويي خالفوه و قالوا بعدم الاستثناء. و كما مر أن بعض المعاصرين قد أورد الشبهة في إجماع القدماء بعد قبول أن فتوى القدماء و الشهرة بين القدماء فضلا عن الإجماع بينهم دليل على وجود الدليل عندهم.

  ثم ذكرنا أدلة القول بالاستثناء منها ما مر من فقه الرضا و قول القدماء على وفقه بل بمتن ألفاظه.

  و منها ما قال المحقق الهمداني قدس سره في مصباح الفقيه ج 3 ص 67:

هاهنا شئ وهو أن هذه المسألة من الفروع العامة البلوى التي يجب معرفتها والفحص عنها على كل من يجب عليه الزكاة فيمتنع عادة غفلة أصحاب الأئمة عليهم السلام عن ذلك وعدم الفصح عن حكمها مع شدة حاجتهم إلى معرفته كما أنه يستحيل عادة أن يشتهر لديهم استثناء المؤنة مع مخالفته لما هو المشهور بين العامة من غير وصوله إليهم من أئمتهم عليهم السلام وعلى تقدير عدم اشتهار الاستثناء عندهم بكون الحكم لديهم لا محالة على حسب ما يراه العامة من عدم الاستثناء إذ المفروض من عدم غفلتهم عن هذا الحكم مع عموم ابتلائهم به فهم إما كانوا قائلين بالاستثناء أو بعدمه وعلى الأول لم يكن ذلك إلا لوصوله إليهم من الإمام عليه السلام لقضاء العادة باستحالة صدور مثل هذا الحكم المخالف لما عليه العامة عن اجتهاد ورأي من غير مراجعة الامام على تقدير كونهم قائلين بعدم الاستثناء كما عليه العامة أمتنع عادة أن يشتهر خلافه في الأعصار المتأخرة عنهم تعويلا على الوجوه الضعيفة التي ذكروها في مقابل إطلاقات الأدلة بل أنما يعول المتأخرون على مثل هذه الأدلة ويعدونه دليلا بعد أن وجدوا الحكم معروفا في المذهب ولم يجدوا نصا خاصا يدل عليه والحاصل أنه يصح أن يدعي في مثل المقام استكشاف رأي الإمام عليه السلام بطريق الحدس من رأي الباعة (فقهاء الشيعة) فالانصاف إنه لو جاز استكشاف رأي المعصوم ( ع ) من فتوى الأصحاب بشئ من الموارد فهذا من أظهر مصاديقه فإذا أنضم إلى ذلك ما في الصحيحة المتقدمة من استثناء ما يستحقه الحارس من الاجر والعذق والعذقين مع ما سمعته من دعوى عدم القول بالفصل بينه وبين سائر المؤن ووقوع التصريح بخروج مؤنة القرية وخراج السلطان في عبارة الرضوي والهداية والمقنع وغيرها مما يغلب على الظن كونه تعبيرا عن متون الاخبار لا يبقى مجال للتشكيك فيه والله العالم بحقايق أحكامه. انتهى كلامه رفع مقامه.

  و لكن أشكل عليه بأنه لو قاله ائمتنا عليهم السلام لبان و ظهر أمره لأن مثل هذه الأمور المهمة قد بينت من عندهم بلا تقية مثل ما جاء في التعصيب و القول في الميراث أفتى بالصراحة أو النهي في جماعة النوافل أو تعليم الوضوء في بيان الصادقين عليهما السلام. ففي المسائل المبتلى به قد صرّحوا و أوكدوا بالمخالفة مع العامة فكيف أن لا يكون في المقام حتى رواية واحدة باستثناء المؤن بل في بعض الإطلاقات ـ على ما عرفت سابقا ـ شمول الزكاة مع أن لسان الرواية في مقام البيان و هذا السكوت بعد أن يكون في مقام البيان دليل على عدم الاستثناء.

  نعم هنا نكتة و هي أنه يمكن الفرق بين المسائل التي مرت مثل الوضوء و التعصيب و بين المقام فإن جمع الزكاة في زمن الائمة محول إلى عمال الجور و الأئمة لو استثنوا المؤن لم يكن ذلك بإرادتهم بل العمال أخذوا الزكاة و هم مقلدي علماءهم فليس للأئمة وجه لفتوى استثناء المؤن لأن ذلك لم يكن بأيدهم.

  قال السيد الخويي قدس سره في المستند ج 13 ص 354:

ويندفع : بأنّ المتصدّي لأمر الزكاة في عصرهم (عليهم السلام) كان هو حكّام الجور والعمّال المنصوبون من قبلهم القائمون بجباية الزكوات ، والمشهور بين فقهاء العامّة ـ بل المتسالم عليه لديهم، ما عدا عطاء ـ هو عدم الاستثناء،فكانت السيرة العمليّة الجارية عليها عامّة الناس هو ذلك ـ والناس على دين ملوكهم ـ إذن لم يكن يتيسّر للإمام (عليه السلام) إبراز ما عنده في هذه المسألة نفياً أو إثباتاً ، فبطبيعة الحال كان الحكم الواقعي مخفيّاً ، أو لا أقلّ من أ نّه لم يكن بتلك المثابة من الظهور كما يدّعيه المحقّق المزبور بحيث تكون السيرة جارية عليه ، ولا غرابة في ذلك فإنّ استثناء حصّة السلطان المتسالم عليه الآن كان خفيّاً آنذاك على مثل محمّد بن مسلم على جلالته وعلوّ شأنه بحيث تصدّى للسؤال عنه في صحيحته المتقدّمة ، فليكن استثناء المؤونة أيضاً كذلك بل قد يظهر من بعض النصوص المفروغيّة عن عدم الاستثناء ومغروسيّته في الأذهان ، وهي رواية محمّد بن علي بن شجاع النيسابوري.

  أبواب زكاة الغلات باب 5 :

 [ 11801 ] 2 - وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن علي بن شجاع النيسابوري

أنه سأل أبا الحسن الثالث ( عليه السلام ) عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة ما يزكي فأخذ منه العشر عشرة أكرار ، وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا ، وبقي في يده ستون كرا ، ما الذي يجب لك ؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شئ ؟ فوقع ( عليه السلام ) : لي منه الخمس مما يفضل من مؤنته.

  هنا لم يسم عن استثناء المؤن بل حكم بوجوب العشر و إخراجه و قرّره الإمام عليه السلام على ذلك.

  نعم النيشابوري ليس له توثيق و لكن الحديث من حيث الدلالة ظاهر في عدم الاستثناء.