درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/12/01

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: مستثنيات زكاة الغلات ـ ما يأخذه عمال السلطان

  من الفروع التي كانت في كلام السيد الماتن قدس سره في المسألة الخامسة عشر:

.... بل ما يأخذه العمال زائدا على ما قرره السلطان ظلما، إذا لم يتمكن من الامتناع جهرا وسرا، فلا يضمن حينئذ حصة الفقراء من الزائد ....

  لو أخذ عمال السلطان شيئا بالقهر و الغلبة سوى الخراج هل هو أيضا من المستثنيات أم لا؟

  أفتى الشهيد قدس سره في المسالك بعدم وجوب زكاته و لكن بعض فصّل بين ما إذا كان الظلم و الغلبة عاما بالنسبة إلى الجميع فهو ساقط عن وجوب الزكاة و لكن لو كان خاصا بالنسبة إلى هذا الزارع فلا يستثنى من الزكاة. ما الفرق بينهما و ما وجه التفصيل؟

  مثال ذلك: لو كان للزارع 10 تن و حق السلطان عُشر منها أي تن واحد فلو أخذ العامل ما عدا ذلك خمس مأة كيلوات أيضا بالقهر و الغلبة فهل يجب على المالك إخراج الزكاة من 5/8 تن أم 9 تن؟ ففي القول بالتفصيل أنه لو أخذ ذلك من الجميع فلا تجب زكاتها لأن من المستثنيات ما قهر السلطان على الزارع و لا فرق في ذلك بين السلطان و عماله. كما قال المحقق الهمداني قدس سره أن كل ذلك داخل في مؤونة الزرع كما سيأتي. أما لو كان خاصا بهذا الزارع فهو قضية في واقعة و لم يستثن من الزكاة.

  و السيد الماتن قدس سره أيضا تابع للمحق الهمداني من أن استثناء الخراج ليس من باب أن للسطان حق بل كما مرت أحاديثها في باب 20 من أبواب مستحقين الزكاة من قول الصادق عليه السلام أن أبي استثنى و سألته عما يستلزمه ذلك؟

فقلت له : يا أبة ، إنهم إن سمعوا إذا لم يزك أحد ، فقال : يا بني ، حق أحب الله أن يظهره.

  فغلبة السطان الجائر منشأ الاستثناء فكما أن ما أخذه السلطان الجائر بالقهر و الغلبة فهو يستثنى من وجوب الزكاة فكذلك لو أخذ شخص أخر بالقهر من الزارع فهو أيضا يستثنى بملاك واحد.

  و بعض المعاصرين قائل بأن ما أخذ بالقهر فهو مأخوذ من الفقير و الزارع معا لا أنه مأخوذ من حق مالك الزرع فقط. و الانصاف خروج مثل هذا عن حق السلطان و الخراج الواردين في الروايات. نعم لا بأس بدخوله في مؤونة الزكاة على ما سيأتي في المسألة السادسة عشر.

  الفرض الآخر: لو أخذ الخراج سلطان من الشيعة فهل هو أيضا من المستثنيات أم لا؟

  إن الخراج حق للسطان العادل عند حضور المعصوم عليه السلام و بإذنه فالكلام في هذه الصورة كما مر في الفرض السابق.

  و المحقق الهمداني قدس سره قال في مصباح الفقيه ج 3 ص 64: إن بعض هذه الروايات مثل صحيحة البزنطي صدرت في زمن الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليه آلاف التحية و السلام و المعروف أن المأمون من الشيعة مع ذلك حكم عليه السلام بأن الخراج من المستثنيات. فعلى هذا لا فرق بين السلاطين من هذه الجهة. نعم يمكن الجواب عن ذلك بعدم تشيع المأمون لأنه قاتل المعصوم عليه السلام و أجيب عن ذلك بأنه يمكن أن يكون مذهب قاتل المعصوم التشيع و لكن ارتكب هذه المعصية الكبيرة بجهة هواه.

  الفرض الآخر من هذه المسألة:

  أن الضرائب التي أخذت من غير الأراضي الخراجية فهل هي من المستثنيات أم لا؟ كما هو المتعارف في بلادنا.

  الحكم هنا مثل ما مر لما مر من أنها تحسب من المؤون و لأن السيرة هنا جارية.

  و بالنتيجة أن قول المشهور هنا قوي من أن ما أخذ من مالك الزرع بالقهر والغلبة فزكاته من المستثنيات.

( مسألة 16 ) : الأقوى اعتبار خروج المؤن جميعها من غير فرق بين المؤن السابقة على زمان التعلق واللاحقة ....

  نعلم أن للزرع مؤن متعددة إلى حصول الجذاذ من البذر و السقي و الحصاد و التمييز و .... فهل هذه المؤون من المستثنيات أيضا أم لا؟ فهل يمكن الفرق بين المؤون قبل استقرار الزكاة و بعده من أن ما كان بعد الاستقرار فالفقير أيضا مشترك فيها؟

  هنا أقوال؛ و المشهور أن المؤون من المستثنيات و لكن هذه الشهرة غير ما مر في الخراج فالشهرة في الخراج قوي إلى ما قبل العلامة قدس سره و لكن في ساير المؤن فكثير من الفقهاء مثل الشهيد الثاني و صاحب المدارك و الذخيرة و الشيخ في كتاب الخلاف كما نسب إليه و في موضع من مبسوطه قائلون بعدم استثناء المؤن و إن كان المشهور أن كل المؤن يخرج من الوسط و لم تجب زكاتها على مالك الزرع. و المحقق الهمداني قدس سره أشار إلى أدلتها بالتفصيل. (مصباح الفقيه ج 3 ص 65)

  بعضا ما كانت المؤن قدر ما يحصل للزارع أم أكثر و الزارع قد أضر في زرعه و القول بوجوب الزكاة عليه في مثل ذلك ظلم. فالمناسبة بين الحكم و الموضوع اقتضت أن الزكاة بعد المؤونة كما أنه كذلك في الخمس بلا ريب.

  و أورد عليه بأن الخمس ثابت على الفائدة مع التصريح في رواياته بأنه بعد المؤونة الظاهرة في مؤونة تحصيل الربح و أما الزكاة فهو حق ثابت من غير دليل على استثناء المؤون و لعله لما أنعم الله تعالى من أسباب حصول النتيجة من البذر مما خرج عن عمل الزارع كإشراق الشمس و تصريف الرياح و نزول الأمطار و ....