درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/11/30

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: مستثنيات زكاة الغلات ـ الخراج

  محصل ما مر: أنه لو كان حق السلطان على نحو المقاسمة فلا تجب الزكاة فيها بلا خلاف و لكن لو كان الخراج على حصة من غير الزرع في الذمة أو بصورة النقود فقول المشهور هنا قوي من استثناء الخراج أيضا عن وجوب الزكاة. و ادعي الإجماع عليه نعم بعض المعاصرين أخدش في ثبوت الإجماع الظاهر في كلام بعض القدماء.

  هنا نكات أخرى في المسألة الخامسة عشر:

  النكتة الأولى:

  أن من الروايات مرسلة ابن بكير ح 4 من باب 7 من أبواب زكاة الغلاة و هو أعني عبد الله بن بكير هو من أصحاب الإجماع في الطبقة الثانية منها. و المحدث النوري قدس سره قائل بأن مشايخ أصحاب الإجماع ثقات و على هذا كان الحديث صحيح نعم خالفه في استظهاره جمع ممن تأخّر عنه أو تقدم عليه منهم سيدنا الأستاذ الخويي قدس سره.

  [ 11806 ] 4 - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أخويه ، عن أبيهما ، عن عبد الله ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال في زكاة الأرض :

إذا قبلها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو الإمام بالنصف أو الثلث أو الربع فزكاتها عليه ، وليس على المتقبل زكاة إلا أن يشترط صاحب الأرض أن الزكاة على المتقبل ، فإن اشترط فإن الزكاة عليهم ، وليس على أهل الأرض اليوم زكاة إلا على من كان في يده شئ مما أقطعه الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

  و هذا المعنى مناف مع الروايات التي قد مرت فعلم من بعض ما سبق أن الخراج لو أدي لم تجب الزكاة. مع أنه ليست في هذه الرواية كلمة الحصة حتى يقال أن ظهور حصة مالك الزرع دل على عدم وجوب الزكاة في حصة الغير بل جاء في هذه الرواية عدم وجوب الزكاة إلا مع الاشتراط.

  على هذا كيف يمكن لنا توجيه هذا الحديث مع أنه موافق مع قول أبي حنيفة و مخالف للروايات التي مرت؟

  و قد ذكرت في المقام أوجه: الأول ـ أن يقال إن زكاة الخراج تجب على صاحب الأرض أعني زكاة الخراج داخل في نفس الخراج. و هذا يؤيد بما جاء في هذه الرواية من أنه لو لم يشترط على المتقبل لم تجب عليه الزكاة فعلى هذا في النصف أو الثلث أو الربع من جهة كثرة الكمية لم يجعل وجوب الزكاة على المتقبل نعم لو اشترطت عليه الزكاة فعليه الزكاة.

  الاحتمال الثاني ـ

  مع التوجه إلى ما جاء في أبواب مستحقين زكاة باب 20 :

باب ان ما يأخذه السلطان على وجه الزكاة يجوز احتسابه منها وكذا الخمس ، ويستحب عدم احتسابه ، ولا يجوز دفع شئ منها إلى الجائر اختيارا ، ولا احتساب ما يأخذه قطاع الطريق من الزكاة .

  و حاصل روايات هذا الباب أن السلطان الجائر لو أخذ الخراج و دخل الزكاة في الخراج لم تجب الزكاة على الزارع.

  صحيحة يعقوب بن شعيب:

  [ 11952 ] 1 - محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال :

سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن العشور التي تؤخذ من الرجل : أيحتسب بها من زكاته ؟ قال : نعم ، إن شاء .

  صحيحة سليمان بن خالد:

 [ 11955 ] 4 - وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن سليمان بن خالد قال:

سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن أصحاب أبي أتوه فسألوه عما يأخذ السلطان ، فرقّ لهم وإنه ليعلم أن الزكاة لا تحل إلا لأهلها ، فامرهم أن يحتسبوا به ، ( فجال فكري ) والله لهم ، فقلت له : يا أبة ، إنهم إن سمعوا إذا لم يزك أحد ، فقال : يا بني ، حق أحب الله أن يظهره.

  صحيحة الحلبي:

  [ 11956 ] 5 - وعنه ، عن أبي جعفر ، عن ابن أبي عمير ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان ، عن عبيد الله بن علي الحلبي قال :

سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن صدقة المال يأخذه السلطان ؟ فقال : لا آمرك أن تعيد .

  فمن هذا كله ينتج أن الحكم بعدم وجوب الزكاة على المتقبل في رواية ابن بكير من جهة أن الزكاة داخلة فيما يأخذه السلطان.

  الاحتمال الثالث ما قال به الشيخ الطوسي قدس سره من أن الزكاة غير واجبة في الحصة التي أخذها السلطان لا فيما سواه. و لكن عرفت استبعاد الاحتمال في كلام بعضهم كما مر في كلامنا.

  النكتة الثانية:

  صحيحة محمد بن مسلم:

  [ 11807 ] 5 - وبإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان وفضالة ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال:

سألته عن الرجل يتكارى الأرض من السلطان بالثلث أو النصف ، هل عليه في حصته زكاة ؟ قال : لا ، قال: وسألته عن المزارعة وبيع السنين ؟ قال : لا بأس .

  و هي أيضا في حكم رواية عبد الله بن بكير من أنه لعل من جهة كثرة النسبة أي النصف أو الثلث، كانت الزكاة داخلة فيها أو أن الزكاة لم تجب على الزارع في حصة السلطان لا أنه لم تجب حتى في حصة الزارع كما مر من كلام الشيخ قدس سره.

  النكتة الثالثة:

  ما احتمال السيد الأستاذ الميلاني قدس سره من أنه لو لم يكن الخراج على نحو المقاسمة بل كان بنحو الكلي في الذمة أو من النقود و قلنا بعدم وجوب الزكاة في مثل ذلك، فعلى هذا كان الأنسب أن لا يقال: في حصصهم فالخراج الذي أخذ من النقود أو الكلي في الذمة فلابد للإمام في مقام بيان الاستثناء أن يقال: ليس للزارع أن يخرج زكاة ما يعادل الخراج، مع أنه لم تكن في العبارات كلمة يعادل و ما كان بمعناها. و مع عدم تصريح باسم الخراج أو معادله و التصريح بكلمة حصصهم، يعلم أن ما استثني من وجوب الزكاة هو المقاسمة فقط.

  و هذا الاحتمال في كلامه جميل و لكن مع التوجه إلى رواية رفاعة بن موسى و سهل بن يسع و الروايات التي مرت في السابق أن الخراج يشمل المقاسمة أيضا و هذه الرويات نفت الزكاة بالمرة و القدر المتيقن منها نفي الزكاة عن خصوص مقدار الخراج.

  ثم قال السيد الماتن قدس سره:

.... بل ما يأخذه العمال زائدا على ما قرره السلطان ظلما، إذا لم يتمكن من الامتناع جهرا وسرا، فلا يضمن حينئذ حصة الفقراء من الزائد ....

  أن ما أخذ العمال بقهر أيضا لم تجب زكاته و دليله ما قال المحقق الهمداني و غيره: من أن المستفاد من الأدلة أن ما يأخذ بظلم من الزارع فهو معفو عن الزكاة فبعضا ما كان ما أخذ بظلم من سلطان جائر و إما من عماله بلا فرق بينهم بالمناط الواحد.

  و للكلام تتمة سيجيء إنشاء الله تعالى.