درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/08/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: وجوب الزكاة في النقود الرائجة من غير الذهب و الفضة

ماهية الإسكناسات و المسكوكات في عصرنا الحاضر

      إن هذه النقود في عصرنا بمنزلة الشيكات التي كانت في قبال الديون التي من الأموال على ذمة صاحب الشيك و كذلك الإسكناس في قبال الذهب والفضة اللذين موجودين في البنك المركزي.

      و على هذا الأساس قال بعض بأن هذه الإسكناسات لو كانت على قدر النصاب من جهة الذهب و الفضة تجب زكاتها.

      يستدل لذلك بآيات و روايات :

      منها أن كثرة الآيات الواردة في وجوب الزكاة مع التوجه بأن الزكاة كانت في الشرايع السابقة قبل الإسلام أيضا و هي قرين الصلاة في القرآن، من مجموع ذلك يستفاد أن المراد منها مطلق الصدقة التي تجب في أموال الأغنياء أن تصل إلى الفقراء. نعم عيّن رسول الله صلى الله عليه و آله في تسعة أشياء و عفا عما سوى ذلك و لا يبعد أن يكون ذلك حكما حكوميا صادرا عن الرسول صلى الله عليه و آله لمصلحة الوقت كما ورد في صحيحة يونس بأن أول الإسلام عفا رسول الله و لكن فيما بعده لكثرة الفقراء عمم الوجوب بساير الحبوبات.

      قد أشرنا ببعض هذه الآيات التي يستدل بها في المقام و قلنا أن السيد البروجردي قدس سره ذكرها في باب الأول من أبواب وجوب الزكاة ج 8 ص 2 و الآن نشير إلى بعضها الآخر:

آل عمران 175 : لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة.

      و في ذيلها روايات بأن ما بخلوا يصير طوقا من النار في عنقهم فينادون: رب ارجعوني لعلي أعمل صالحا أي أنفق حقوق الفقراء.

      و آيات الإنفاق قريب إلى ثلاثة و سبعين آية نشير إلى بعضها حتى يعلم أن إطلاقها يشمل ما نحن فيه:

الطلاق 7: لينفق ذو سعة من سعته.

الطلاق ذيل آية 7: من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا.

إبراهيم 31: قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة و ينفقوا مما رزقناهم سرا و علانية....

      صيغة المضارع هنا في مقام الأمر.

البقرة 3: الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون.

التوبة 34: ...و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم.

      هل يحتمل أن معنى الذهب و الفضة في هذه الآية ينحصر بالدنانير و الدراهم و لا يشمل الإسكناسات و النقود في عصرنا مع أن الكنز يصدق عليها و علة المذمة و العقوبة مشتركة؟!

البقرة 195: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين.

      فهنا ترك الإنفاق يجعل من مصاديق الإلقاء إلى التهلكة.

البقرة 254: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون.

      هل يمكن لنا القول بأن هذه الخطابات مختصة بالزمن السابق مع أنّا أيضا مخاطبون بالقرآن؟! فهل هذه الإسكناسات ليست مما رزقناهم .

البقرة 267: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد.

يس 47: وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين.

الحديد 7: آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير.

      و لا ريب في عدم اختصاص ما اسختلف المؤمنون بخصوص الذهب و الفضة المسكوكين سيما في عصرنا الذي تكون أكثر أموال الناس هي بصورة الاسكناس.

المنافقون 10: وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين.

      فهذه الآيات مع كثرتها لو كانت في المستحبات لا معنى للوعيد فيها بترك الإنفاق و كذا أنها لو انحصرت في النقدين فنحن لم نكن مخاطبين بها مع أنا مخاطبون بالقرآن قطعا.

      أما الروايات التي يمكن التمسك بها في المقام:

      باب أول من أبواب وجوب الزكاة في الوسائل و كذا في جامع الأحاديث.

      جاء فيها أن الله تبارك و تعالى قادر على أن يجعل الناس كلهم من الأغنياء و لكن جعل بعضهم من الأغنياء و بعضهم من الفقراء و جعل رفع حاجة الفقراء في أموال الأغنياء و لو أدى الأغنياء زكاتهم لم يبق بين الناس فقير.

      أبواب وجوب الزكاة باب 1 ح 2 : ( 11388 ) 2 - وبإسناده عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ( في حديث ) قال :

إن الله عز وجل فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ، ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله عز وجل ، ولكن أوتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم ، ولو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عايشين بخير .

      من الواضحات في عصرنا أن الفقر من العوامل الأصلية في وقوع الجنايات و رفعها بهذه النقود التي بأيدي الناس.

      باب 3 من أبواب الذهب و الفضة: [ 11712 ] 1 - محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال :

قيل لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : لأي شئ جعل الله الزكاة خمسة وعشرين في كل ألف ولم يجعلها ثلاثين ؟ فقال : إن الله عز وجل جعلها خمسة وعشرين أخرج من أموال الأغنياء بقدر ما يكتفي به الفقراء ، ولو أخرج الناس زكاة أموالهم ما احتاج أحد .

      [ 11713 ] 2 - وعن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن أبي جعفر الأحول - في حديث - أنه سأل أبا عبد الله ( عليه السلام ):

كيف صارت الزكاة من كل ألف خمسة وعشرين درهما ؟ فقال : إن الله عز وجل حسب الأموال والمساكين فوجد ما يكفيهم من كل ألف خمسة وعشرين ، ولو لم يكفهم لزادهم .

      لو خرجت زكاة النقود الرائجة في عصرنا لزال الفقر من الفقراء و إلا لا.