درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/08/01

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: زكاة الدراهم و الدنانير المغشوشة

كان البحث في الدراهم المغشوشة. مر كلام السيد الأستاذ الخويي قدس سره بأنه مع قطع النظر عن رواية زيد الصائغ مادام كان الدرهم أو الدينار رائجا و مشتملان على الذهب و الفضة و صدق عليهما العنوان، حكم وجوب الزكاة ثابت فيهما. و إن لم يصدق عليهما أنهما درهم أو دينار من جهة قلة الفضة أو الذهب مثلما قيل في المسكوكات الاستانبوليةحيث ذكر ذلك فيما إذا ثلث الدينار ذهبا و ثلث الدرهم فضة و الباقي خليط آخر فضلاعما كان الخليط أكثر من الثلثين كم افي المسكوكات الإيرانية قبل الانقلاب حيث قيل بأن فيها قدر من الفضة و لكن لم يكن معلوما، لم تجب الزكاة هذا قول سيدنا الأستاذ الخويي قدس سره لأنهما ليسا السكتان من الذهب و الفضة أعني الدينار و الدرهم. فمقتضى الأصل عدم وجوب الزكاة و الخالص منهما سبيكة لا دينار و لا درهم.

و لكن نحن نستظهر اولا أن رواية زيد الصائغ مستند للأكابر و الأعاظم من زمن الشيخ و إن لم يصرحوا به و لكن هي مورد الشهرة العملية و لذا هذه الرواية معتبرة فكما جيئ في الرواية لو كان ثلثها أيضا من الذهب أو الفضة مع فرض أن تخليصها بقدر النصاب و أنها من المسكوكات الرائجة، وجبت زكاتها. ففي هذه المسألة يخالف قولنا قول الأستاذ قدس سره.

هذا كله في الفرع الأول من الفروع الثلاثة في المسأله الثالثة أعني أن في الدراهم و الدنانير المغشوشة كانت الزكاة واجبة.

أما الفرع الثاني أنه مع فرض الجهل بالمقدار هل يلزم علينا الفحص أم لا؟

أعني لا يعلم لنا أن الدراهم أو الدنانير هل صار مقدار النصاب أو أن المغشوش منهما لم يصل إلى قدر النصاب أو أن علمنا يتوقف على الذوب فهل هنا تجب ذلك للاحتياط أم مقتضى الأصل هو البرائة؟

السيد الماتن قدس سره قائل بأن الأصل ـ عند عدم طريق للعلم بالواقع ـ في المقام هو البرائة و هو بمقتضى الأصل في الشبهات الموضوعية.

و صاحب الجواهر قائل بأنه لو يتوقف على الفحص الكثير فالأصل هو البرائة و لكن الفحص القليل الذي كان في النظر الأولي لرفع الشبهات البدوية لا يمكن لنا الرجوع إلى البرائة.

هنا كلام للشيخ المنتظري في ج 1 ص 315 في تقريرات الأستاذ البروجردي و نقل كلام غيره و هو كلام جامع قابل للاستفادة في المقام.و علينا النظر فيما قال و ما حكاه عن أستاذه العلم التقي البروجردي قدس سره:

و لا يخفى أنه لو شككنا أن الثوب أصاب به الدم أم لا فالأصل هو البرائة فمن المسلم أن الأصل في الشبهات الموضوعية بالنسبة إلى الطهارة و النجاسة الرجوع إلى البرائة عملا بصحيح زرارة فهذا مورد التسالم بين الأخباريين و الأصوليين بل الحكم كذلك في الشبهة الموضوعية التحريمية فكلهم أخذوا برفع ما لا يعلمون و كل شيْ لك حلال و نحوهما. نعم في الشبهات الحكمية الأخباريون قائلون بالاحتياط و الأصوليون بالبرائة. و الكلام موكول في ذلك إلى علم الأصول و كلامنا فعلا في الشبهة الموضوعية الوجوبية بل بعضهم تسري الإشكال إلى الشبهة الموضوعية التحريمية فقال أن الرجوع إلى البرائة العقلية مشكل؛ فالمايع المشكوك بين الخل و الخمر مع قطع النظر عن قاعدة الطهارة و الحلية، هل يمكن لنا الرجوع فيه إلى البرائة العقلية أي قبح العقاب بلا بيان أم لا؟ و كذلك في ما نحن فيه لو وصل الدنانير إلى النصاب وجبت الزكاة و إلا لا فهل يمكن التمسك بأصالة البرائة؟

استدل المحقق البروجردي قدس سره بأن دليل البرائة العقلية هو قبح العقاب بلا بيان و في الشبهات الموضوعية قد وصل إلينا بيان الحكم فنحن نعلم بأن الخمر محرم أو الخل حلال أو أن في العشرين دينارا نصف دينار و وصل ذلك إلينا و لم يكن من وظيفة الشارع أن يبين وظيفة كل أحد من الناس واحدا واحدا فتجب الزكاة على زيد و لا تجب على عمرو و .... فما هو واجب بحكم العقل على الشارع هو إلغاء البيان بنحو كلي و المفروض أن في الشبهات الموضوعية قد صدر و وصل البيان الكلي من الشارع المقدس.

إن قلت: إن في الشبهات الموضوعية كانت الأحكام انحلالية فكل موضوع له حكم خاص و لو شككنا في الموضوع في الواقع نشك في الحكم أعني حكم الشارع بوجوب إكرام العالم ينحل إلى أفراد العلماء و مع الشك بأن زيد عالم أم لا، يرجع الشك إلى أن له وجوب الإكرام أم لا. فلم يصل البيان بنسبة حكم هذا الموضوع الخاص.

أجاب المحقق البروجردي قدس سره أن هنا خلط بين الحجة بمعنى المنطقي أعني ما هو واسطة الإثبات و الحجة بمعنى الأصولي أي ما هو حجة عند الله يوم القيامة. فما هو وظيفة المولى هو إيصال القانون و إبلاغه بنحو الذي يصح للمولى أن يؤاخذ العبد به. فالأنبياء لم يرجعوا إلى فرد فرد بل عليهم إبلاغ الحكم بنحو كلي. و أما الحجة التي هو وسط الإثبات في الشكل الأولي هذا خمر و كل خمر حرام فهذا حرام فهذه الحجة التي وسط في الإثبات في الشبهات الموضوعية غير موجودة أعني لم يكن لنا وسط الإثبات و لكن الحجة بمعنى ما يحتج به المولى فهي ثابتة و قد وصلت إلينا و لذا نعلم وجوب الزكاة لمن له حد النصاب قطعا.

إن قلت: إن هذا كلام بالنسبة إلى قبل الفحص تمام و لكن بالنسبة إلى ما بعد الفحص مخدوش؛ فكما أنه في الشبهات الحكمية يجب علينا الاحتياط لاحتمال العقاب و لكن بعد الفحص و اليأس من الدليل نرجع إلى البرائة العقلية فمثل ذلك نقول في الشبهات الموضوعية فعند الفحص و اليأس يمكن لنا الرجوع إلى البرائة العقلية.

أجاب عن ذلك البروجردي قدس سره: أن هذا الفحص من قبيل الفحص بعد التنجيز فبعد تنجز التكليف لو فحصنا و لم نظفر مع ذلك يجب علينا الاحتياط كما هو كذلك في أطراف العلم الإجمالي. فالفحص و اليأس في أطرافه لا يوجب جريان البرائة كما هو الحال في أطراف العلم الإجمالي.