درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/07/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الجلسة الأولى

موضوع البحث: المسائل المستحدثة

تنبيت الأعضاء بعد الموت الدماغي

ماهية الموت

  مع تكامل علم الطب اختلف بين الفقهاء و علماء الطب في تحقق الموت؛ فاتفق الأطباء بأن الدماغ لو مات، مات الإنسان و لو كان قلبه حيا. نعم في الزمن السابق قالوا بأن الحياة تبتني على حياة القلب و الرية فبعد موت القلب يقطع التنفس و النبض و مع سكون النبض مات الإنسان. و حرارة الجسد بعد موت القلب يقلل حتى برد الجسد. و لذا من علامات الموت برودة الجسد. هذا و لكن بعد ارتقاء علم الطب و وضوح أن كل حركة في الجسد مبتن على الدماغ و شبكة الخلايا العصبية و مع موته مات الإنسان فصرف حياة القلب ليس معناه حياة الإنسان فكما أنه بعد جز رأس الحيوان موته مسلم و لو مدت حياة قلبه بمقدار ما و لكن لم يقل في ذلك الزمان أنه حي.

  و لذا قالوا أن الحياة و الممات بحياة الدماغ و مماته على الأخص ساق الدماغ[1] الذي هو يتصل ببصل النخاع (و الحبل الشوكي) فبعد موت المخ و المخيخ[2] لو مات ساق الدماغ لقد مات الإنسان قطعا و لو أن حركات الأعضاء الأخر تمكن أن تبقى بالوسائل الطبية و لكن لم يمكن إرجاع الحياة إلى الدماغ قطعا فليس ذلك علامة للحياة.

  تكامل هذا البحث في سنة 1985 الميلادي و في الإيران أيضا صوّب مجلس الشوري الإسلامي بأن الأجزاء الثلاثة من الدماغ لو ماتت فالإنسان ميت. فلذا قطع الأعضاء و تنبيتها بعد الموت الدماغي بلا مانع. و سنذكر المادة القانونية لذلك.

  و لكن بعض معاصرينا نحو السيد السيستاني و الشيخ المنتظري أفتيا بأنه مع حركة القلب و لو بالآلات الطبية، لم يصدق الموت. و لذا قال السيد السيستاني بأن قطع هذه الآلات من الجسد أيضا بعد الوصل إليه لا يجوز.

  و هذه المسألة كثير الابتلاء في عصرنا هذا و بعضا ما نشهد في المطبوعات بأن يحسّن من أجاز قطع أعضاء بدن ولده مثلا الذي هو مبتلى بالموت الدماغي.

  و نحن لابد أن نرجع أولا بالآيات و الروايات حتى نفهم أن الموت ما هو؟

  أما الآيات الشريفة فمنها سورة المؤمنون:

ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( 12 ) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( 13 ) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( 14 ) ثم إنكم بعد ذلك لميتون ( 15 ) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ( 16 ).

  من المسير الذي ذكر في هذه الآية الشريفة يعلم أن هنا طريقان: الطريق الأول: النطفة و العلقة و المضغة و العظام و اللحم كل ذلك يعبر عنه بالحياة النباتي و الثاني «ثم أنشاناه خلقا آخر». فبعد الحياة الأولى للإنسان حياة آخر. فهل الروح نفخ بعد العظام و اللحم أو في الشهر الرابع أو الخامس الأقوال مختلفة. و على كل بعد الحياة النباتي خلقت للإنسان حياة أخرى لأن الإنشاء هو الإبداع أعني إيجاد ما لم يكن.

  سورة السجدة:

قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ( 11 )

  ما هو مخاطب ضمير «كم» الذي اخذه ملك الموت بتمامه.

  سورة الزمر:

الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( 42 )

  و في ذيل هذه الآية في كثير من الكتب هذه الرواية: (منها تفسير الصافي ج 4 ص 324 و مجمع البيان ج 8 ص 404:

  ويؤيده ما رواه العياشي بالإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن ثابت أبي المقدام ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

ما من أحد ينام إلا عرجت نفسه ( إلى السماء ، وبقيت روحه في بدنه ، وصار بينهما سبب كشعاع الشمس . فإن أذن الله في قبض الأرواح ، أجابت الروح النفس . وإذا أذن الله في رد الروح ، أجابت النفس الروح ، وهو قوله سبحانه ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) الآية .

  و في تفسير نور الثقلين ج 4 ص 489:

  62 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه :

لا ينام المسلم وهو جنب ، لا ينام الا على طهور فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد ، فان روح المؤمن ترفع إلى الله تعالى فيقبلها ويبارك عليها ، فإن كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته ، وان لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع أمنائه من ملائكته فيردونها في جسده .

  و قال عليه السلام أن في الممات قطع اتصال الروح من البدن بالكلية بخلاف النوم الذي في نحو اتصال.

[1] ) يكون ساق الدماغ (الموجود عند أعلى الحبل الشوكي بالقرب من الرقبة) أكثر أجزاء المخّ تطوراً عند الولادة. وهو يتحكّم بردود الفعل الإرتكاسية الفطرية، مثل البكاء، والاندهاش، والرضاعة، كما يعدّل الوظائف الحيوية للحياة مثل التنفس، وضغط الدم، ونبضات القلب، وحركة العين السريعة أثناء النوم. كما يتوّلى ساق الدماغ بعض العناصر الأساسية في مشاعر وانفعالات الطفل، خاصة القلق أو، عكس ذلك، تهدئة النفس.

[2] ) أجزاء الدماغ عبارة عن المخ و المخيخ و ساق الدماغ و الطبقة الخارجية من المخ تسمى بقشرة المخ.