درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/07/07

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: زكاة النقدين

زكاة الممسوح

لا شك في أن في كثير من الروايات كانت الزكاة في مطلق الذهب و الفضة أعني جعل الموضوع على تسعة أشياء و الأول و الثاني منها الذهب و الفضة و هذه الروايات في أبواب وجوب الزكاة بالأخص في باب 1 و 2 أبواب ما تجب فيه الزكاة باب 9 و 10 . و الآية الشريفة من سورة التوبة تدل على ذلك بالطبع الأولي:

« يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ( 34 ) »

« يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ( 35 ) »

فلا شك في أن الموضوع في وجوب زكاة النقدين هو الذهب و الفضة. على أنه يستفاد من بعض الروايات، أن الذهب و الفضة اللتان قد سبكا أيضا تجب فيهما الزكاة نحو:

باب 7 من أبواب زكاة النقدين:

في السند محمد بن عبد الله بن هلال و زيد الصائغ المجهولان و لكن رواها الكليني قدس سره.

[ 11723 ] 1 - محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن العلاء بن رزين ، عن زيد الصائغ قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) :

إني كنت في قرية من قرى خراسان يقال لها : بخارى ، فرأيت فيها دراهم تعمل ثلث فضة ، وثلث مسا، وثلث رصاصا، وكنت تجوز عندهم وكانت أعملها وأنفقها ، قال : فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : لا بأس بذلك إذا كان تجوز عندهم، فقلت : أرأيت إن حال عليها الحول وهي عندي وفيها ما يجب على فيه الزكاة، أزكيها ؟ قال : نعم ، إنما هو مالك ، قلت : فإن أخرجتها إلى بلدة لا ينفق فيها مثلها فبقيت عندي حتى حال عليها الحول ، أزكيها ؟ قال : إن كنت تعرف أن فيها من الفضة الخالصة ما يجب عليك فيه الزكاة فزك ما كان لك فيها من الفضة الخالصة ( من فضة ) و دع ما سوى ذلك من الخبيث ، قلت : وإن كنت لا أعلم ما فيها من الفضة الخالصة إلا أني أعلم أن فيها ما يجب فيه الزكاة ؟ قال : فاسبكها حتى تخلص الفضة ويحترق الخبيث ثم تزكي ما خلص من الفضة لسنة واحدة.

في هذه الرواية مع فرض سبك الدرهم أيضا قال عليه السلام تجب زكاته.

مع ذلك احتمال وجوب الزكاة في مطلق الذهب و الفضة هل له وجه أم لا؟

مع التوجه إلى أن الدرهم و الدينار أمر عارضي فالمادة الأصلية التي لها مالية هي الذهب والفضة. و المسكوكية أمر عارضي فهل لهذا الأمر العارضي خصوصية؟

إن مخالفينا من العامة قائلون بعدم الخصوصية؛ فالدرهمية و الدينارية ليست لهما خصوصية فإن المالية في جنس الذهب و الفضة من جهة وجوب الزكاة و المسكوكية موجبة لمزيد المالية فقط فلم تختص الزكاة بالمسكوك.

و لكن فقهائنا الأعاظم قدس الله أسرارهم الشريفة متفقون على أن الذهب و الفضة لو لم يكونا مسكوكين لم تجب الزكاة عليهما. فإن المسكوكية و إن كانت أمرا عرضيا و لكن في صحيحة علي بن يقطين قال عليه السلام لو لم ينو أداء الزكاة فاسبكها حتى لا تجب الزكاة ح 2 باب 8:

إذا أردت ذلك فاسبكه فإنه ليس في سبائك الذهب ونقار الفضة شئ من الزكاة .

مع التوجه إلى هذه الصحيحة و الصحيحة الأخرى منه التي مرت و نشير إليها أيضا و صحيحة جميل (على تقدير وثاقة محمد بن جعفر بن حكيم الواقع في السند)، اتفق علمائنا على أن الزكاة تجب فيما إذا كان الذهب و الفضة بنحو الدرهم و الدينار أي بنحو السكة الدارجة.

فهذا الأمر مستبعد في الذهن العرفي بالخصوص مع التوجه إلى بعض الروايات مثل ما ورد أن الله تبارك و تعالى جعل ربع الناس فقراء و لذا وجب الزكاة على ربع الذهب و الفضة حتى تكون قوت الفقراء في الزكاة. مع ذلك كله نحن نتبع النص و التعبد و المدار في النصوص في الدرهم و الدينار و الصامت المنقوش. فالمدار في الدرهم و الدينار هو السكة الرائجة.

فنحن نستفاد من جميع ما قلنا أن في المقام ملاكان لوجوب الزكاة: الأول أن يكون منقوشا بنقش الثمنية بمقتضى صحيحة علي بن يقطين التي فيها: الصامت المنقوش. (ح2 باب8)

و الثاني يكون دينارا أو درهما بمقتضى صحيحة جميل و اتفاق الفقهاء. و معنى ذلك أن يكون نقشه بنحو الذي كان موجبا لرواج المعاملة معه.

بعد وضوح هذين القيدين قال السيد الماتن قدس سره:

وأما إذا كانا ممسوحين بالأصالة فلا تجب فيهما إلا إذا تعومل بهما فتجب على الأحوط.

و السيد الأستاذ قدس سره قال و إن كان الاحتياط حسن على كل حال و لكن مع التوجه إلى صحيحة جميل ينحصر وجوب الزكاة على الدرهم و الدينار فلا معنى للاحتياط الوجوبي. بل الممسوح بالأصالة نفس الذهب و الفضة و المفروض أن الزكاة تنحصر على هذا الأمر العرضي أي الدرهمية و الدينارية و الممسوح بالأصالة لا يصدق عليه الدرهم أو الدينار.[1] و قد عرفت قول كاشف الغطاء باحتمال وجوب الزكاة فيه.

و أما لو كان ممسوحا بالعرض فمر كلام السيد بوجوب الزكاة فيه مع رواجه و بقائه للمعاملة. و سيدنا الأستاذ قدس سره قال بأن المسح لابد أن لا يكون على حد انتفى النقش بالكلية لأنه لو كان كذلك لم يصدق عليه الصامت المنقوش عليه. و مر سابقا التمسك باستصحاب بقاء وجوب الزكاة الذي مر جوابه.

هذا و في المقام كما مر صحيحة أخرى من علي بن يقطين و فيه يعتبر أن يكون مما ينتفع به باب 11 ح 2:

[ 11742 ] 2 - وفي ( العلل ) عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي الحسن - يعني : علي بن يقطين - عن أبي إبراهيم ( عليه السلام ) قال :

لا تجب الزكاة فيما سبك، قلت : فإن كان سبكه فرارا من الزكاة ؟ قال : ألا ترى أن المنفعة قد ذهبت منه، فلذلك لا يجب عليه الزكاة .

إسماعيل بن مرار في أسانيد تفسير علي بن إبراهيم.

فهذه المنفعة ليست المنفعة المالية لأنها قد بقيت مع السباكة أيضا بل المنفعة منفعة الأثمانية نحو منفعة السكنى من الدار أو منفعة اللبس في الألبسة فهنا بعد السبك لا تبقى منفعة السكة الرائجة. فعلى هذا قال سيدنا الأستاذ قدس سره أن المسح بالعرض أيضا لو يوجب زوال المنفعة الدارجة لا تجب الزكاة. فما قال كاشف الغطاء و السيد الماتن قدس سرهما من وجوب الزكاة على فرض استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدأ و مر أن ذلك مخدوش أو الاستصحاب و قد عرفت حاله.