درس خارج فقه استاد اشرفی

89/03/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: زكاة المرتد

مر كلام السيد الماتن في المسألة 11 من أن من ارتد بعد أنه صاحب النصاب فهنا صور:الصورة الأولى كان الارتداد بعد حلول الحول.الصورة الثاني كان الارتداد قبل حلول الحول.و في كل منهما إما كان الارتداد فطريا أو مليا.و في كل منها إما كان المرتد رجلا و إما امرأة و المرأة المرتدة و إن كانت فطريتا فهي محكومة بالملية.توضيح ذلك:الصورة الأولى لو ارتد الرجل بعد حلول الحول ارتدادا فطريا فوجوب الزكاة صار فعليا؛ لأنه حين حلول الحول مسلم و وجوب الزكاة فعلي على صاحب النصاب بحلول الحول، فوجبت عليه الزكاة و لكن بعد ارتداده حيث أن الزكاة عمل عبادي يحتاج إلى نية التقرب فأداء الزكاة منه كافرا صار ممتنعا فعلى الإمام إخراج الزكاة.و السيد الأستاذ قدس سره قائل بأنه لا وجه لأخذ الحاكم من المرتد الفطري مع وجود الوارث له نعم السلطان ولي الممتنع و لكن ليس هو بممتنع حيث يقوم الوارث مقام المرتد الفطري كالذي مات بعد حلول الحول على نصابه.

و أما السيد الحكيم قدس سره ذكر: أن الزكاة لما كانت مشروطة بقصد التقرب إلى الله تعالى و قد امتنع من المرتد فمقتضى القاعدة في الواجب المشروط بشرط متعذر إما سقوط الواجب من رأسه أو سقوط شرطه و حيث أن وجوب الزكاة لم يسقط كما هو متسالم بين الأصحاب لثبوت حق الفقراء في النصاب فاللازم سقوط الشرط و عليه (في مقام أداء الحق) لم يجب قصد القربة حتى نقول أن قصد القربة لم يتمش من المرتد الكافر فلذا تجب مباشرة الإمام أو نائبه، فحال الأداء من المرتد الفطري كحال أداء ساير ديونه فيسقط عنه بماشرته في الأداء. {1}

و الانصاف قوة ما أفاده سيما بعد ما نقحناه في بعض تنبيهات الأقل و الأكثر الارتباطيين في علم الأصول عند تعذر العمل بالشرط من الواجب الارتباطي.و ذكر السيد الأستاذ الخويي قدس سره: إن في الارتداد الفطري أحكاما ثلاثة من القتل و بينونية زوجته و تقسيم أمواله كلها. و أما عدم قبول توبته هل معناه سقوط الأحكام عنه و عدم التكليف له من الصلاة و الصيام؟! لا يمكن لنا الالتزام بذلك لأن من ارتد ثم تاب فإطلاقات وجوب الصلاة و الصيام و نحوهما يشمل من اعتقد بالتوحيد و الرسالة فهذا المرتد الفطري التائب مكلف بالصلاة و الصيام و الزكاة فلو كان مكلفا فيجب على نفسه الإخراج. و عليه فحاله بالنسبة إلى أداء الزكاة حال المرتد الملي في كونه متمكنا من الأداء بالرجوع و التوبة.و لو فرض عدم توبته فحاله حال المرتد الملي فالسيد الماتن و غيره قائلون بأن المرتد الملي مكلف بالأداء لأنه يقدر على الامتثال و لو بالواسطة أي له القدرة بالتدين و الرجوع إلى الدين ثم الإخراج. فأداء الزكاة من الملي مقدور بالواسطة فيجب على السلطان في فرض عدم التوبة لأنه ولي الممتن و كذلك البحث في المرتد الفطري ففي حقه أيضا إمكان فعلية التكاليف و لو كان الإمكان و المقدورية بسبب التوبة؛ فهو أيضا يمكن أن يكون ملكفا بالزكاة كما أنه بالتوبة يكلف بالصلاة. فلا فرق بين المرتد الفطري و الملي من هذه الجهة. فلو كان للإمام أو نائبه وجوب الأخذ ففي كل منهما يجب كذلك و لو قلنا أن المرتد بنفسه يمكن له إخراج زكاته لأنه قادر عليه و لو بالواسطة فإذا امتنع من لتوبة يتصدي الإمام أو نائبه لإخراج الزكاة و أما على القول بجواز إخراج الزكاة بنفسه و لو في حال الكفر ففي كلا الموردين كذلك كما هو قول السيد الحكيم قدس سره.هذا كله في المرتد الفطري و من هذا البيان قد ظهر القول في المرتد الملي و المرأة المرتدة الفطرية فالزكاة صارت فعليا في حقهما و يمتنع العبادة منهما فيتولى الإمام أو نائبه ذلك خلافا لما قال السيد الحكيم بأنه يكلف و إن لم يتب و يصح منه أداء الزكاة لسقوط قصد التقرب بعد التسالم على عدم سقوط الزكاة و لو لأجل ثبوت حق الفقير.أقول يمكن الافتراق بين الملي و الفطري حتى على قول الحكيم بأن الفطري ممنوع من التصرف في أمواله.إلى هنا في الصورة الأولى أعني إذا كان الارتداد بعد حلول الحول. ثم قال السيد الماتن قدس سره:وإن كان في أثنائه وكان عن فطرة انقطع الحول ولم تجب الزكاة واستأنف الورثة الحول لأن تركته تنتقل إلى ورثته .....فهنا لو كان الارتداد عن فطرة فالمال ينقسم فمبدا حول الورثة من حين التملك. فسقط وجوب الإخراج عن نفس المرتد الفطري بسقوط موضوعه فلا مال و لا نصاب له حتى وجبت عليه الزكاة.و لو كان الارتداد عن ملة في أثناء السنة فهو يستتاب و ملكيته باقية حتى حال الحول فلو بقي على كفره فهو بحكم المرتد بعد حلول الحول أي تعلقت الزكاة بأمواله و تولى الإمام إخراجها. و كذلك المرأة بلا فرق بين ارتدادها عن ملة أو فطرة.و أما وجوب الزكاة في فرض توبة المرتد الملي سيأتي البحث فيه إنشاء الله تعالى.

{1} و لكن يمكن الإيراد بأن المتولي غير المخرج حتى نبحث في نيته. و لا يمكن لنا القول بأن متولي الإخراج بعد الارتداد هو الوارث؛ لأن تقسيم أموال المرتد أيضا بحكم الحاكم لا الوارث.