درس خارج فقه استاد اشرفی

89/02/21

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الشرط الرابع/ مضي الحول عليها

مر أن الجملتين من صحيحة زرارة مورد تمسك الفقهاء في هذا البحث وهما:إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه فيها الزكاة ، قلت له : فان أحدث فيها قبل الحول ؟ قال : جائز ذلك له»«و قال إنه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة»مع التوجه إلى هاتين الجملتين أفتى الفقهاء أن الزكاة تجب بمجرد حلول هلال الثاني عشر.و مر أن المحدث الكاشاني في الوافي بعد نقل الحديث قال: إن المراد من الوجوب في هذه الرواية حرمة الهبة بالغير و الفرار عن الزكاة لا الوجوب الفقهي الاصطلاحي. فإنه بعد ورود الروايات المتكاثرة بل المتواترة أن الزكاة وجبت بعد حلول الحول، و الحول في اللغة و العرف مضي سنة كاملة، فحمل الحول على أحد عشر شهرا لا يمكن الموافقة معه. على أنه في الموارد الكثيرة التي كان الموضوع فيها السنة، فإن المراد منها هو مضي اثنى عشر شهرا قطعا. و القول بأن في المقام ـ باب زكاة الأنعام ـ ورد حكم خاص بالنسبة الى مضي احد عشر شهرا، بعيد جدا. على هذا كله ينتج أن الجمع الدلالي بينهما هو أن يقال: انسد الفرار حين دخول الشهر الثاني عشر فلا يمكن الفرار من الزكاة بالبذل و الهبة بل وجبت الزكاة.و صاحب الحدائق بعد نقل كلام المحدث الكاشاني قدس سرهما قال: هو جيد لولا الإجماع على خلافه. ثم قال: و يؤيد ذلك أي كلام المحدث، صحيحة عبد الله بن سنان باب 1 من أبواب ما يجب فيه الزكاة من أن الرسول أبلغ في الرمضان وجوب الزكاة و في الرمضان الآتي بعد مضي سنة كاملة أرسل العوامل لأخذ الزكاة.هذا كلام المحدث و تأييده بكلام المحقق. و الذي يدفع الإشكال هو فهم فقهاء الشيعة من القدماء و المتأخرين من أن كلام الإمام بمعنى وجوب الزكاة و الاجتهاد في قبال النص مردود. و مر في الأصول أن الحديث المعتبر مقيد للأحاديث الأخر و لو كانت متعددة.و لكن هنا مطلب آخر و هو مورد التنازع بين الفقهاء و هو أنه هل بمجرد حلول الشهر الثاني عشر وجبت الزكاة و لكن يمكن تأخيره إلى آخره، أو لا بل الوجوب الفعلي المستقر حصل بحلول الثاني عشر؟ قال بعض للجمع بين الأحاديث: إنه بمجرد الحلول الثاني عشر ثبت الوجوب و لكن استقرار الوجوب و تمامية فعليته بانقضاء الشهر الثاني عشر أي أن الشرائط لابد أن يتوفر في كل الشهر الثاني حتى صار الوجوب فعليا تاما. و هذا نظير الشرط المتأخر بأن الصوم مثلا فعليا و لكن استقراره و تماميته منوط بالشرط المتأخر و هو الطهارة من الحيض إلى آخر اليوم. و في ما نحن فيه أيضا بمجرد الحلول الثاني عشر صار الوجوب فعليا بشرط توفر الشروط إلى آخر الشهر الثاني عشر.

مبسوط هذا البحث في الجواهر ج 15 ص 97 و الهمداني (ج 3 ص 29)[1] و الميلاني ج 1 ص 140 و 141.

و هذا الجمع معناه أن الوجوب صار فعليا و لكن بشرط توفر الشروط إلى آخر الشهر.و المحقق الهمداني قدس سره ذكر مؤيدات لذلك: الأول وجود الروايات التي فيها أن المدار على حلول الحول و الحول ذات إثنى عشر شهرا لا احد عشر شهرا. و الثاني نفس صحيحة زرارة بأن من بذل ماله في الشهر الواحد عشر لإسقاط وجوب الزكاة عن نفسه، هو مثل من أفطر صومه ثم سافر. فهذا التشبيه دليل على أنه بمجرد حلول الثاني عشر صار الوجوب فعليا و لكن لم يكن تاما بل هو مبتن على تمامية الشروط إلى آخره. و لذا لو كان البذل قبل ذلك أي قبل حلول الثاني عشر لم يجب عليه شيء.

ثم قال المحقق الهمداني بأن قولنا بالوجوب بمجرد حلول الثاني عشر ليس معناه التزامنا بأن الثاني عشر من السنة الآتية حتى تجب الزكاتان في سنة واحدة. [2]

و كذلك يؤيد في الجواهر بأن مجرد الحلول الثاني عشر معناه أن في السنة الآتية تجب الزكاتان و لا يمكن الموفقة مع ذلك.فلابد من الجمع بأن الوجوب ثبت بمجرد حلول الثاني عشر و كثيرا ما أطلق على الواحد الآخر من الكلي الاعتباري الامتدادي أن الكلي قد تم مثل أن النهار قد مضى مع أنه في الساعة الأخيرة. أو قيل: أصلي في المسجد مع أنه صلى في جزء من المسجد و نحو ذلك. و هذا من قبيل المجاز في الإسناد. فيمكن الجمع بين الروايات.

[1]اختلفوا في أنه هل يستقر الوجوب بذلك أو يبقى متزلزلا إلى أن يكمل الثاني عشر فإن بقي المال على الشرائط كشف عن استقرار الوجوب بالأول وإن اختلست كلا أو بعضا كشف عن عدم كونها واجبة كما لو حاضت المرأة في أثناء اليوم من شهر رمضان ظاهر فتاوى الأصحاب بل صريح كثير منها الأول ومال الشهيدان والمحقق الكركي والميسي وغيرهم على ما حكي عن بعضهم إلى الثاني حجة القول الأول ظاهر الصحيحة المزبورة المعتضدة بالاجماعات المنقولة المصرحة بأنه إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه فيه الزكاة

ظاهرها الوجوب المستقر وهي بمدلولها اللفظي حاكمة على مثل قوله صلى الله عليه وآله لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول فلا تصلح شئ من مثل هذه الرواية لمعارضة حجة القول الثاني إن لفظ الحول وكذا العام والسنة المتكرر ذكرها عند بيان شرائط الزكاة عرفا ولغة وشرعا عبارة عن تمام السنة فقوله عليه السلام في الصحيحة المزبورة إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال الحول مبني على التوسعة والتجويز بتنزيل التلبس بالجزء الاخر من الشئ منزلة إتمامه والمتبادر من هذا التنزيل أرادته من حيث شرطيته لتنجيز التكليف بالزكاة وصيرورتها حقا للفقير لا في جميع الآثار فلا ينافيه اعتبار بقاء المال جامعا لشرايط النصاب إلى تمام الحول في أصل تحقق التكليف بحيث لو أختل شئ منها قبل انقضاء عدد أيامها إلا باختيار المكلف كشف عن عدم تحققه في الواقع نظير شرطية بقاء المرأة طاهرة عن الحيض إلى الغروب لوجوب الصوم من أول النهار ....

[2]المصدر ص 30: على أن المقصود بقوله ( ع ) فقد حال الحول ليس انقضاء نفس الحول حقيقة بحيث يحتسب الشهر الثاني عشر من السنة الثانية كما توهمه غير واحد.