درس خارج فقه استاد اشرفی

89/02/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الشرط الرابع/ مضي الحول عليها

مر أن صحيحة زرارة هي منشأ قول الأصحاب بأنه إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول.

و لكن في الحديث غموض من جهة فقه الحديث و لذا كما مر أن الفيض قدس سره لم يعمل به. [1]

و صاحب الحدائق قدس سره بحث عنه بالتفصيل في شرح الحديث.و نحن أيضا نذكر الحديث و نفسر جملاتها و كيفية استفادة الفقهاء منها بأن دخول الشهر الثاني عشر يكفي لوجوب الزكاة.أبواب زكاة الذهب و الفضة باب 12 [ 11749 ] محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد،عن حريز،عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا :قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : أيما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنه يزكيه ، قلت له : فإن وهبه قبل حله بشهر أو بيوم ؟ قال : ليس عليه شئ ابدا.لعل للجملة الأولى تقدير من أن هدية بعض المال بعد حلول الحول لا يسقط الزكاة و لكن لو كان قبل حلول الحول بشهر فليس عليه شيء.قال: وقال زرارة عنه: إنه قال : إنما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في إقامته ثم خرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك ابطال الكفارة التي وجبت عليههذا تفريع الفرض الأول فكما أن من أفطر عمدا تجب عليه الكفارة و السفر المتأخر لم يرفع وجوب الكفارة فكذلك من حال عليه الحول على أغنامه و نحوها ثم بعد حلول الحول وهب المال لم يؤثر ذلك في سقوط الزكاة. و لكن لو كانت الهبة قبل حلول الحول فهي بمنزلة من سافر ابتداء حتى لا يصم، فهو جائوقال : إنه حين رأى هلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة هذا مورد استشهاد الأصحاب.ولكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شئ بمنزلة من خرج ثم أفطر إنما لا يمنع الحال عليه،فهنا حلول الحول لم يمنع و وجوب الزكاة قد ارتفع بارتفاع موضوعه.فأما ما [ لم ] يحل فله منعه ، ولا يحل له منع مال غيره فيما قد حل عليه.فلو حل عليه الشهر الثاني عشر فلا يجوز له منع مال غيره أي مال الفقير.مر كرارا أن أصحاب الإجماع ثمانية عشر و أفضلهم الست الأول و أفضلهم زرارة ففي سؤالاته دقة.قال زرارة: و قلت له: رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا بها من الزكاة، فعل ذلك قبل حلها بشهر؟ فقال : إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه فيها الزكاة ، قلت له : فان أحدث فيها قبل الحول ؟ قال : جائز ذلك له ، قلت : إنه فر بها من الزكاة ، قال : ما أدخل على نفسه أعظم مما منع من زكاتهاقال عليه السلام أن الضرر النفسي من فوت مصلحة الزكاة أعظم من الضرر المادي. و نظير ذلك في الخمس فإنا كثيرا ما نشهد ذلك من العوام. نعم جاء في روايات أخر أنه لو كان قصده الفرار من الزكاة تجب عليه و لكن لو لم يكن من قصده حين الهبة مثلا الفرار من الزكاة لم تجب عليه الزكاة.فقلت له: إنه يقدر عليها قال: فقال: و ما علمه أنه يقدر عليها وقد خرجت من ملكه؟!أي لا يمكن العلم بالقدرة عليها لعلها لا ترجع إليه.قلت: فإنه دفعها إليه على شرط، فقال: إنه إذا سماها هبة جازت الهبة و سقط الشرط و ضمن الزكاة ،

هذه من الجمل التي قال صاحب الحدائق أن الأعاظم تحيرت في معناها.[2]

قلت له : وكيف يسقط الشرط وتمضي الهبة ويضمن الزكاة ؟ فقال: هذا شرط فاسد ، والهبة المضمونة ماضية ، والزكاة له لازمة عقوبة له، ثم قال : إنما ذلك له إذا اشترى بها دارا أو أرضا أو متاعا. ثم قال زرارة قلت له : إن أباك قال لي : من فربها من الزكاة فعليه أن يؤديها ؟ فقال : صدق أبي ، عليه أن يؤدي ما وجب عليه ، وما لم يجب عليه فلا شئ عليه فيه . . . الحديث .للكلام تتمة سيأتي إنشاء الله تعالى.

[1]الفيض في الوافي ج 2 في كتاب الزكاة ص 19 ذكر بيانا للحديث و لكن ليس فيه بحث استدلالي و لعل ذكره في المفاتيح.

[2]الحدائق الناظرة ج 12 ص 104 : قوله : " قلت له إنه دفعها إليه على شرط " لا يخفى ما فيه من الغموض والاشكال الذي تحيرت فيه فحول الرجال ، وذلك فإن هذا الشرط المذكور غير معلوم بأي معنى هو ، وما ذكر أيضا من ضمان الزكاة على تقدير الهبة والحال أن الهبة إنما وقعت قبل الحول كما هو مقتضى سياق الكلام - مناف لما تقدم من أنه لا يلزمه زكاة في هذه الحال ، ووجه لزوم الزكاة هنا عقوبة إن أريد به من حيث قصد الفرار فهو مناف لما تقدم من الجواز وعدم الزكاة وإلا فلا يعلم لهذه العقوبة سبب . والفرق في ذلك - بين الهبة وشراء الدار والأرض والمتاع مع قصد الفرار في الجمع - غير ظاهر .