الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/05/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ حكم طلاق الثلاث
 حكم الطلاق الثلاث
 الطلاق ثلاثا تارة يكون بتكرار انت طالق ثلاث مرات واخرى بان تكون كلمة ثلاثا وقعت تفسيرا لقوله انت طالق اي انت طالق ثلاثا او اثنتين الى اخره
 ويقال للنحو الاول الطلاق ثلاثا ولاءً وللثاني الطلاق ثلاثا مرسلا
 ولا شك ولا ريب عند الجميع عدم وقوع الطلقات الثلاث لمجموعها فلا يترتب عليها حرمة التزويج بالمطلق حتى تحتاج للمحلل وعليه اجماع الطائفة وخالف في ذلك اكثر اهل الخلاف وابطله بعضهم منهم قاضي المنصور الحجاج بن ارطأة الذي كان العمل على حكمه منتشر بالعراق والحجاز .
 وانما الكلام في وقوع الطلاق مرة واحدة وهو متفق عليه بين الامامية اذا كان الطلاق الثلاث ولاءً بان كرر
 انت طالق انت طالق انت طالق فيعم الطلاق الاول دون الثاني والثالث وذلك لعدم صحة طلاق المطلقة اذا لم يرجع اليها او يعقد عليها في البائن وهذا مما اتفقت عليه الامامية .
 واما لو كان اوقع لفظ الثلاث تفسيرا لقوله انت طالق اي اوقع الطلاق الثلاث مرسلة بان قال انت طالق ثلاثا فقط وقع النزاع بين الامامية في وقوعه واحدة او عدم وقوعه من راس او يفصل بين كونه قاصدا للطلاق البدعة فلا يصح من راس وبين قصده الطلاق اجمالا فيصح واحدة وتلغى الضميمة كما غيرها من الضمائم .
 اختلف الاصحاب فيما لو فسر الطلقة باثنين او بالثلاث على قولين قديما
 الاول: يبطل الطلاق من راس فلا يقع لا ثلاثة ولا اثنتين ولا واحدة ذهب اليه السيد المرتضى في الانتصار وسلار وابن ابي عقيل وابن حمزة ويحيى بن سعيد الحلي .
 الثاني: عدم وقوعه مجموعا ووقوعه واحدة رجعيا او بائنا بحسب اختلاف الموارد . ذهب اليه الشيخ المفيد والسيد المرتضى في قوله الآخر اي في الناصريات والشيخ الطوسي في النهاية وابن ادريس وابن زهرة وابن السراح والمحقق والعلامة في المختلف وجماعة والظاهر انه هو المشهور سيما بين المتاخرين مع اتفاق الجميع على عدم وقوع المجموع وعليه اكثر متأخري المتأخرين وفي الرياض هو الاشهر بين الطائفة بل ربما اشعر بالإجماع عبارة الناصرية وصرح به في نهج الحق شيخنا العلامة .
 قال الشيخ المفيد ردا على من شنع على الشيعة بانهم ابطلوا الطلاق الثلاث وابقوا المرأة المطلقة على نكاح المطلق مع ان اجماع الفقهاء قائم على البينونة التي تحتاج فيها الى المحلل: ( أي إجماع على ما ادعيت ، من وقوع الطلاق الثلاث في وقت واحد ، والعلماء بالآثار متفقون على أن الطلاق الثلاث كان على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وطول أيام أبي بكر ، وصدرا من أيام عمر بن الخطاب ، واحدة ( 1 ) ، حتى رأى عمر أن يجعله ثلاثا ، وتبين به المرأة بما خوطبت على ذلك .
 قال : إنما لم أقره على السنة مخافة أن يتتابع فيه السكران والغيران .
 والرواية مشهورة عن عبد الله بن عباس : أنه كان يفتي في الطلاق الثلاث في الوقت الواحد ، بأنها واحدة ، ويقول : ألا تعجبون من قوم يحلون المرأة لرجل وهي تحرم عليه ، ويحرمونها على آخر وهي - والله - تحل له ، فقيل له : من هؤلاء يا ابن عباس ؟ فقال : هؤلاء الذين يبينون المرأة من الرجل إذا طلقها ثلاثا بفم واحد ، ويحرمونها عليه ، ويحلونها لآخر وهي - والله - تحرم عليه ) [1]
 وفي الخلاف : ( إذا قال لها - في طهر ما قربها فيه - : أنت طالق ثلاثا للسنة وقعت واحدة ، وبطل حكم ما زاد عليها .
 وقال الشافعي : تقع الثلاث في الحال
 وقال أبو حنيفة : تقع في كل قرء واحدة
 دليلنا : ما تقدم من أن التلفظ بالطلاق الثلاث بدعة ، وأنه لا يقع من ذلك إلا واحدة ) [2]
 وفي السرائر: ( فإن طلقها ثنتين أو ثلاثا بأن يقول : أنت طالق ثلاثا لغير المدخول بها ، أو قال ذلك للمدخول بها ، لم يقع على الصحيح من المذهب ، إلا واحدة ، وقال بعض أصحابنا : لا يقع من ذلك شئ ، والأول هو الأظهر من المذهب . فإن قال لغير المدخول بها : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، بانت منه بالأولى ، وبطل الطلاق الثاني والثالث بغير خلاف . فإن قال ذلك للمدخول بها ، لا يقع إلا الطلاق الأول ، دون الثاني والثالث ، لأن طلاق الطالق لا يصح ، فإن تحللت المراجعة صح على ما قدمناه) [3]
 وعن ابن ابي عقيل: لو طلقها ثلاثا بلفظ واحد وهي طاهر لم يقع عليها شيء .
 وفي الوسيلة: وبدعة من القول وهو الطلاق المعلق بشرط وايقاع الطلاق ثلاثا بلفظ واحد ولا يقع كلاهما وقال بعض اصحابنا يقع واحدة من ثلاث والاول هو الصحيح .
 
 واما فقهاء العصر فكذلك اختلفت اقوالهم فمنهم من ابطله من راس كصاحب الوسيلة ومنهم من تنظر في ذلك مع اعترافه بان الوقوع واحدة هو المشهور كالسيد محسن الحكيم وتبعه على ذلك حفيده السيد سعيد ومنهم من فصل بين ان يقصد البدعة وارادة المجموع فلا يصح اصلا وبين قصده اصل الطلاق فيقع واحدة كالسيد الكلبايكاني والشيخ الصافي والسيد صادق الروحاني بنحو الاحتياط الوجوبي وعلى الاظهر عند السيد السيستاني
 قال الاخير في منهاجه: ( وفي النحو الثاني يقع الطلاق واحدا ويلغى الآخران ، وأما في النحو الأول فإن أراد به ما هو ظاهره من ايقاع ثلاث طلقات فالأظهر بطلانه وعدم وقوع طلاق به أصلا ، وكذا إذا قصد به ايقاع البينونة الحاصلة بالطلاق ثلاث مرات أي الموجبة للحرمة حتى تنكح زوجا غيره ، وأما إذا أراد ايقاع الطلاق بقوله : ( هي طالق ) أولا ثم اعتباره بمثابة ثلاث طلقات بقوله : ( ثلاثا ) ثانيا بأن احتوت هذه الكلمة انشاء مستقلا عن انشاء الطلاق قبلها بقوله : ( هي طالق ) - فالظاهر وقوع طلاق واحد به ) [4]
 ومنهم من اوقعه طلاقا واحدا مطلقا كالسيد الماتن والسيد الشهيد الصدر والسيد محمد الروحاني والسيد الهاشمي والامام الخميني والشيخ فاضل اللنكراني والشيخ اسحاق الفياض والشيخ وحيد الخراساني والشيخ المنتظري .
 اقول: اختلاف الاعلام منشأه اختلاف التعليلات والاخبار .
 


[1] - المسائل الصاغنية " المفيد " ص84
[2] - الخلاف " الطوسي " ج 4 ص 456
[3] - السرائر " ابن ادريس " ج 2 ص 678
[4] - منهاج الصالحين " السيستاني " ج 3 ص 154