الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ الإشهاد
 كان الكلام في الدليل على اعتبار الاشهاد في صحة الطلاق وقلنا أن الأصحاب استدلوا مضافا إلى الإجماع بالكتاب والسنة أما الكتاب فذكرنا آية الطلاق وهي قوله تعالى: { وأشهدوا ذوي عدل منكم } وقلنا أن هذه العبارة ترجع إلى الطلاق وإن كان بين هذه الفقرة والأمر بالإشهاد وبين الطلاق فاصل وذكرنا أن العود إلى الطلاق إما لأن الأخبار فسرت بذلك أو أرجعت هذه الفقرة إلى الطلاق وإما أن يقال كما قال السيد الخوئي أنه ولو لم يكن هناك روايات تدل على ذلك يمكن أن نستفيد من نفس الآية العود إلى الطلاق بعدما فسر إذا بلغن أجلهن بانتهاء العدة فيصبح معنى فأمسكوهن بمعروف ليس الرجعة بل الزواج ثانية
 الأخبار الواردة في المقام
 وهي على طائفتين طائفة أرجعت قوله تعالى وأشهدوا" إلى الطلاق وطائفة لا تنظر الى الآية فقط تقول الطلاق بلا إشهاد وبلا بينة باطل
 الطائفة الأولى: وهي عدة أخبار
 منها: خبر اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: قال ابو عبد الله عليه السلام: ( لا يقع الطلاق الا على كتاب الله والسنة لأنه حد من حدود الله عز وجل يقول: اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة ويقول: واشهدوا ذوي عدل منكم ويقول تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه وان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم رد طلاق عبد الله بن عمر لأنه كان على خلاف الكتاب والسنة ) [1]
 ومنها: صحيح البزنطي قال: ( سالت ابا الحسن عليه السلام عن رجل طلق امراته بعدما غشيها بشهادة عدلين قال : ليس هذا طلاقا قلت فكيف طلاق السنة ؟ فقال : يطلقها اذا طهرت من حيضها قبل ان يغشيها بشاهدين عدلين كما قال الله عز وجل في كتابه ) [2]
 ومنها: خبر محمد بن مسلم قال: ( قدم رجل الى امير المؤمنين عليه السلام بالكوفة فقال اني طلقت امراتي بعدما طهرت من محيضها قبل ان اجامعها فقال امير المؤمنين عليه السلام أشهدت رجلين ذوي عدل كما امرك الله فقال لا فقال : اذهب فان طلاقك ليس بشيء ) [3]
 وقال الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان في قوله تعالى " واشهدوا ذوي عدل منكم قال: ( معناه واشهدوا على الطلاق صيانة لدينكم وهو المروي عن ائمتنا عليهم السلام )
 وقال العياشي في تفسيره عن ابي بصير قال : ( قلت لابي عبد الله ان عمر بن رباح زعم انك قلت لا طلاق الا ببينة فقال: ما أنا قلته بل الله تبارك وتعالى يقوله ) [4]
 منها: حديث محمد بن الفضيل عن ابي الحسن عليه السلام انه قال لابي يوسف: ( ان الدين ليس بقياس كقياسك وقياس أصحابك ان الله امر في كتابه بالطلاق واكد فيه شاهدين ولم يرض بهما الا عدلين وامر في كتابه بالتزويج واهمله بلا شهود فأتيتم بشاهدين فيما ابطل الله وابطلتم شاهدين فيما اكد الله عز وجل ) [5]
 الطائفة الثانية: وفيها عدة أخبار
 ومنها: صحيح البزنطي عن الرضا عليه السلام قال: ( سالته عن رجل طلق امراته بعدما غشيها بشاهدين عدلين قال : ليس هذا طلاقا فقلت له : فكيف طلاق السنة فقال : يطلقها اذا طهرت من حيضها قبل ان يغشيها بشاهدين عدلين )
 وفي هذه الرواية لا يوجد إشارة إلى الآية وقد تكون نفس الرواية لكنها مقطوعة الآخر
 ومنها: صحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام في حديث قال: ( جاء رجل الى علي عليه السلام
 فقال: يا امير المؤمنين اني طلقت امراتي قال عليه السلام: ألك بينة ؟ قال: لا قال: اغرب ) [6]
 ومنها: صحيح ابن اذينة عن بكير بن أعين وغيره ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال : ( إن طلقها للعدة أكثر من واحدة فليس الفضل على الواحدة بطلاق ، وإن طلقها للعدة بغير شاهدي عدل فليس طلاقه
 بطلاق ، ولا يجوز فيه شهادة النساء ) [7]
 ومنها: صحيح الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في حديث أنه قال : ( وإن طلقها في استقبال عدتها طاهرا من غير جماع ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه إياها بطلاق ) [8]
 ومنها: خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: ( أنه سئل عن امرأة سمعت أن رجلا طلقها وجحد ذلك أتقيم معه ؟ قال : نعم وإن طلاقه بغير شهود ليس بطلاق ) [9]
 ومنها: خبر ابي الصباح الكناني عن ابي عبد الله عليه السلام قال : ( من طلق بغير شهود فليس بشيء ) [10]
 ومنها: موثق زرارة عن اليسع عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال : ( لا طلاق على سنة وعلى طهر من غير جماع إلا ببينة ، ولو أن رجلا طلق على سنة وعلى طهر من غير جماع ولم يشهد لم يكن طلاقه طلاقا ) [11]
 ومنها: خبر محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال : ( قام رجل الى امير المؤمنين عليه السلام فقال : اني طلقت امراتي للعدة بغير شهود فقال ليس طلاقك بطلاق فارجع الى اهلك ) [12]
 ومنها: صحيح البزنطي قال: ( سالته عن الطلاق فقال : على طهر وكان علي عليه السلام يقول : لا يكون طلاق الا بالشهود فقال له رجل : ان طلقها ولم يشهد ثم اشهد بعد ذلك بأيام فمتى تعتد ؟ فقال: من اليوم الذي اشهد فيه على الطلاق ) [13]
 فتحصل ان الاشهاد على ايقاع الصيغة لابد منه في صحة الطلاق .
 هذه كل الأخبار الدالة على توقف صحة الطلاق على الإشهاد ولا يوجد رواية تدل على صحته من دون شهود
 يبقى مع القول بأن أصل الإشهاد واجب هناك حيثيات لا بد من بحثها في جهات
 الجهة الأولى: لابد من اجتماع الشاهدين ولا يصح الطلاق لو شهد عدل واحد ثم شهد الاخر الايقاع مرة ثانية مع عدم وجود عدل اخر .
 قال الجواهر: ( ولا ريب ان ظاهر الكتاب العزيز والسنة وصريح الفتاوى بل الظاهر الاتفاق عليه اعتبار اجتماع العدلين حال اثناء بل هو صريح صحيح البزنطي سالت ابا الحسن عليه السلام: ( عن رجل طلق امراته من غير جماع واشهد اليوم رجلا ثم مكث خمسة ايام ثم اشهد اخر فقال : انما امر ان يشهدا جميعا ) [14] )
 


[1] - الوسائل باب 7 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 10
[2] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 4
[3] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 7
[4] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 10
[5] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 12
[6] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 1
[7] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 2
[8] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 3
[9] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 5
[10] - الكافي ج 6 ص 60
[11] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 8
[12] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 9
[13] - الوسائل باب 10 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 10
[14] - الوسائل باب 20 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 1