الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ عدم التعليق
 كان الكلام في شرطية تجريد صيغة الطلاق عن التعليق سواء كان التعليق عن الشرط أو الصفة
 صرح الأصحاب بغير خلاف منهم أنه يشترط في صيغة الطلاق تجريدها عن الشرط وهو ما أمكن وقوعه وعدمه كمجيء زيد وكذلك عن الصفة وهي ما قطع بحصوله عادة كطلوع الشمس وغروبها مطلقا في يمين كان أو في غير يمين وادعى على ذلك الإجماع وإن شكك المحقق في ذلك ونسب الاشتراط إلى المشهور ولذا من بعد ه نسب هذا القول عند كثير من الأصحاب إلى المشهور
 قال في المسالك: ( نبه بقوله : " على قول مشهور " على ضعف مستنده ، فإنه ليس عليه نص ، وإنما أوردوا عليه أدلة ظاهرية ، كقولهم : إن النكاح أمر ثابت متحقق فلا يزول إلا بسبب متحقق ، ووقوعه مع الشرط مشكوك فيه . وقولهم : إنه مع عدم الشرط إجماعي ، ولا دليل على صحته بالشرط . ونحو ذلك . فإن هذا كله يندفع بعموم الأدلة الدالة على ثبوت حكم الطلاق حيث يقع ، أعم من كونه منجزا ومعلقا على شرط إلى أن قال بعد أن منع تحقق الإجماع - وسيأتي أن الظهار يصح تعليقه على الشرط ، وبه نصوص تفيده ، وذلك يؤنس بقبول مثل هذه الأحكام التعليق في الجملة . واختلفوا في وقوع الايلاء معلقا ، ومن جوزه - كالشيخ والعلامة في المختلف - احتج عليه بعموم القرآن الدال على وقوعه من غير تقييد ، السالم عن المعارض . وهذا الدليل وارد هنا . وعموم " المؤمنون عند شروطهم " يشمل الجميع وفي تعليقه حكمة لا تحصل بالمنجز ، فإن المرأة قد تخالف الرجل في بعض مقاصده فتفعل ما يكرهه وتمتنع عما يرغب فيه ، ويكره الرجل طلاقها من حيث إنه أبغض المباحات إلى الله تعالى ، ومن حيث إنه يرجو موافقتها فيحتاج إلى تعليق الطلاق بفعل ما يكرهه أو ترك ما يريده ، فإما أن تمتنع وتفعل فيحصل غرضه ، أو تخالف فتكون هي المختارة للطلاق . وقد تقدم في خبر من علق طلاق امرأة على تزويجها وسؤاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأجابه بأنه " لا طلاق قبل النكاح " ولم يجبه بأن الطلاق المعلق على شرط باطل )
 أقول: إن مقتضى القاعدة هو صحة العقود والإيقاعات المعلقة على الشروط ولا محذور عقلي في ذلك لأن المعلق هو المنشأ في الأمور الاعتبارية وليس الانشاء اذ التعليق في الإنشاء غير معقول سواء أريد بها آلية الإنشاء وهو اللفظ أو نفس الاعتبار النفساني أما الأول فلأن الانشاء وجه من وجوه استعمال اللفظ في المعنى فلا يعقل فيه التعليق وأما الثاني فلأن الاعتبار فعل نفساني تكويني فكما لا يعقل التعليق في وقوع الضرب على أحد وكذا غيره من الافعال التكوينية كذلك لا يعقل التعليق في الاعتبار كما أنه ليس التعليق في متعلق المنشأ فإن متعلق الزوجية المنشأة هو الرجل والمرأة ولا يعقل التعليق في الجواهر لعدم تعدد الوجود الجوهري بتعدد الزمان
 وما يقال من لزوم التفكيك بين الانشاء والمنشأ إذا كان معلقا على أمر استقبالي وحصول الانشاء بالفعل وعدم حصول المنشأ ولا يعقل التفكيك بين الشيء ونفسه لأن الانشاءعين المنشأ مدفوع إذ المنشأ حاصل عند الانشاء لكنه معلق لا مطلق فإذا أنشأت البيع معلقا على قدوم الحاج فقد حصل البيع المعلق على قدوم الحاج حال الانشاء والذي لم يحصل هو البيع المطلق وهو غير المنشأ ولأجل ذلك لم يكن اشكال ولا خلاف في صحة الوصية التمليكية المعلقة على الموت وصوم النذر المعلق على أمر استقبالي ودعوى أن صحة ذلك للدليل على خلاف القاعدة خلاف المرتكزات العرفية ولأجل ذلك كان البناء في وجه المنع عن التعليق في العقود والإيقاعات هو الاجماع وبما أنه دليل لبي نقتصر فيه على القدر المتيقن