الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/02/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلقة \ خلوها من الحيض والنفاس
 والصحيح أن يقال بعد تعارض اخبار الواحد والثلاثة فيما بينها وتساقطها ان الاخبار المطلقة لا يمكن الأخذ باطلاقهابعرضه العريض فعندما يقول الغائب يطلق على كل حال يعني في أي حال كانت طاهرة أو في الحيض لكن لا يمكن الاخذ بالاطلاق للقطع بأن من خرج في أول زمان حيض زوجته سفرا شرعيا لا يصح له أن يطلق في اليوم الثاني لان أقل الحيض ثلاثة أيام مع أنه يصح أن يقال أنه غائب
 ولبيان الفصل في المسألة لا بد من رسم أمور
 الأمر الأول: لا شك أن لوصف الغائب خصوصية للحكم بصحة طلاقه على كل حال ولو اتفق وقوع الطلاق والمرأة غير مستوفية لهذه الشرطية وبعبارة أخرى معذورية الغائب بلحاظ هذه الشرطية وصحة طلاقه ولو اتفق أن الزوجة حائض حال انشاء الطلاق
 الأمر الثاني: لا شك في أن تربص المدة في أخبار التقييد ليس أمرا تعبديا محضا وإنما من أجل حصول العلم بانتقالها من طهر إلى آخر يصح وقوع الطلاق فيه ويدلك على ذلك أنه لو لم يراع المدة وطلق وصادف وقوع الطلاق حال الطهر صح طلاقه بلا اشكال مع أن لازم التعبدية المحضة عدم صحة طلاقه في هذه الحال
 الأمر الثالث: لا شك أن العالم بحال المرأة حال الطلاق من أنها في الحيض أو في طهر واقعها فيه غير مشمول لإطلاق صحة طلاق الغائب على كل حال وإنما هي مختصة بالمرأة المجهول حالها حين انشاء الطلاق من الغائب دون المرأة المعلوم حالها من الطهر وعدمه لأن مع القطع بعدم تحقق الشرط أو وجود المانع لا يصح الطلاق قطعا مهما طالت مدة الغياب ويشهد لذلك صحيح عبد الرحمان المتقدم
 الأمر الرابع: إن المسافر والغائب عن أهله لا يخلو من حالات أربع
 الأولى: أن يخرج في طهر لم يواقعها فيه
 الثانية: أن يخرج وهو لا يدري حالها من الطهر وعدمه
 الثالثة: أن يخرج في طهر واقعها فيه
 الرابعة: أن يخرج في زمن تلبسها بالحيض
 وعلى التقادير الأربعة
  1. إما أن يحصل له العلم حين انشاء الطلاق أنها في الحيض أو في طهر واقعها فيه
  2. وإما ان يحصل له العلم بأنها في طهر لم يواقعها فيه
  3. وإما أن يجهل بحالها حين انشاء الطلاق
 وعليه فالصور بعد ضرب الأربعة في الثلاث تصبح اثنا عشر صورة
 وعليه فالروايات المطلقة لا تشمل صور خروج الرجل في طهر المواقعة وذلك لعلمه إما وجدانا وإما تعبدا بأنها غير مستوفية لشروط صحة الطلاق ومعه كيف يجوز له الطلاق ؟ إذ مع العلم لا توجد معذورية ولو صدق عليه الغائب للقطع بأن مجرد الغيبة ولو في اليوم الثاني من الحيض أو طهر المواقعة لا يصحح الطلاق وخروج هذا الفرد عن اطلاقات صحة كل غائب وبالتالي يجب عليه التربص مدة ليحصل له العلم بالانتقال إلى طهر آخر وكذلك لو خرج في طهر لم يواقعها فيه وحصل له العلم الوجداني حين انشاء الطلاق أنها في الحيض وليست محققة ومستوفية لهذه الشرطية
 فهذه الصور كلها خارجة عن اطلاق صحة طلاق الغائب على كل حال وتبقى الصور الأخرى وإن كان بعضها يصح فيه الطلاق لا لأجل معذورية الغائب لكن اللفظ يشمله إذ أنه يصح الطلاق على كل حال سواء كان معذورا كما لو اتفق مع جهله أنها غير مستوفية حين انشاء الطلاق وكان قد خرج في طهر لم يواقعها فيه أو لم يعلم حالتها السابقة وانها كانت حين الطلاق حائضا أو كان عالما بالطهر وجدانا لعلمه بعادتها أو استصحابا لبقاء الطهر وكانت واقعا طاهرة
 وعليه نقول: إن الأخبار المطلقة موضوعها الغائب الجاهل بحال امراته حين انشاء الطلاق وقد خرج في طهر لم يواقعها فيه أو لم يعلم حالتها السابقة
 وأما لو خرج في طهر واقعها فيه فليس مشمولا للاطلاق لوجوب التربص عليه ولو لم تدل أخبار التقييد عليه كما لا يخفى
 وبما أن المدة التي يجب أن يتربص بها مرددة بين الشهر والثلاثة أشهر ولا يمكن ارادة الشهر من الشهور وإن كان واضحا في صحيح عبد الرحمان إلا أن ينافيه ما ورد في رواية جميل "حد ذلك قال ثلاثة أشهر"
 وبالتالي سوف يسقطان عن الحجية بلحاظ المدة وإن كانا يدلان على أنه لا بد من التربص مدة ما وبما أن المشهور ذهب إلى وجوب تربص مدة يعلم انتقالها من طهر إلى آخر لم يواقعها فيه فاللازم الاحتياط بتربص مدة لا تقل عن شهر للغائب الذي خرج في طهر المواقعة وأما الخارج في زمن الحيض فيكفيه انتظار عشرة أيام لو خرج من أوله إذا احتمل استمراره إلى العشرة وإلا يرجع إلى عادتها إذا كان يعلم بها
 والمتحصل في المقام أن الغائب إذا كان قد غاب عن زوجته وهي حائض وجب الانتظار إلى أن يعلم بخلوها من الحيض وإذا خرج في طهر المواقعة فيجب عليه الانتظار مدة لا تقل عن شهر على الأحوط ما لم يعلم وجدانا بالانتقال إلى طهر آخر في أقل من ذلك وعليه فلو طلقها مراعيا للمدة وصادف أن طهر المواقعة كان لا يزال مستمرا فالطلاق صحيح
 وأما لو خرج في طهر لم يواقعها فيه أو لا يعلم حالتها السابقة صح طلاقه على كل حال لمعذورية الغائب وشموله له في اطلاق صحة طلاق الغائب عل كل حال والله العالم بحقائق الأمور