الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/02/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلقة \ خلوها من الحيض والنفاس
 كان الكلام في وجوه رفع التنافي بين الأخبار المختلفة حول طلاق المرأة الغائب عنها زوجها ذكرنا سبعة منها.
 الوجه الثامن: ما ذكره في الجواهر وهو حمل النصوص المطلقة على الغائب عنها في طهر لم يواقعها فيه ولم يعلم بكونها حائضا ولو لعادة لها وقتية معلومة لديه وحمل النصوص المقيدة على من غاب عنها زوجها في طهر واقعها فيه ثم حمل نصوص الشهر على إرادة الانتقال من طهر إلى زمان طهر آخر أو حملها على المرأة المستقيمة غير المسترابة وحمل نصوص الثلاثة على غيرها
 وفيه:
 أولا: أنه جمع تبرعي لا شاهد عليه بلحاظ الثلاثة اشهر.
 ثانيا: إن حمل الروايات الثلاثة على المسترابة فيه ما فيه لأنه موجب لتربص ثلاثة أشهر من حين السفر مع أنه قد يكون قد وطأها قبل سفره بشهر واحد وحينئذ من المعلوم اكتفاؤه بشهرين لصدق اعتزالها ثلاثة أشهر قبل الطلاق كما لا يخفى
 الوجه التاسع: ما ذكره السيد صادق الروحاني فقال: ( والتحقيق يقتضي أن يقال : إن نصوص الباب مختصة بمجهولة الحال التي لم تعلم أيام حيضها من أيام قرئها إذ مضافا إلى أنه من المستبعد جدا دعوى صحة الطلاق في أيام الحيض أو الطهر الذي واقعها فيه بمجرد الغيبة الحاصلة بالسفر الشرعي قطعا على القول بالإطلاق فهو يستكشف أن موضوع الغائب هو الزوجة المجهولة الحال - أو دعوى تلك بمضي الشهر لمن عادتها الأزيد منها وكذا بالنسبة إلى ثلاثة أشهر يظهر من صحيح ابن الحجاج الآتي في الحاضر غير المتمكن من اطلاع حالها المتضمن لقوله هذا مثل الغائب عن أهله يطلق بالأهلة والشهور أن الميزان هو عدم الاطلاع على حالها ويظهر ذلك أيضا من السؤال عن الغائب يطلق امرأته ثم يعلم بعد ذلك أنها يوم طلقها كانت طامثا .
 وبالجملة التدبر في النصوص يوجب الاطمئنان بذلك وعليه: فيقيد اطلاق النصوص المطلقة بالمقيدة وأما الطائفتان المقيدتان فهما متعارضتان لا يمكن الجمع بينهما بوجه - الى أن قال -وحيث لا ترجيح لإحدى الطائفتين على الأخرى فالأظهر هو التخيير فإن أخذ بروايات الشهر لا بأس بحمل روايات الثلاثة أشهر على الاستحباب والأولوية أو المرأة المعلوم كونها مسترابة .
 فالمتحصل من النصوص : إن الغائب إن علم بكون المرأة في طهر المواقعة أو في حال الحيض لا يجوز له طلاقها وإلا فينتظر بها أن يمضي شهر واحد من حين الجماع فيطلقها وإن انتظر مضي ثلاثة أشهر كان أولى )
 وفيه: أن ما ذكره من اختصاص أخبار صحة الطلاق على كل حال بمن هي مجهولة الحال تام ولا غبار عليه لكن اختصاصها بالمرأة التي لا تعلم أيام حيضها من نفاسها قيد زائد إذ يكفي أن تكون مجهولة الحال لدى المطلق الغائب حين الانشاء للقطع بأنه مع علمه بحالها من الحيض أو طهر المواقعة لا يجوز له أن يطلق حالة العلم وبالتالي هذا الفرد خارج عن اطلاق الأخبار وحينئذ يجب عليه أن ينتظر انتقالها من الحيض إلى طهر لم يواقعها فيه فيدخل تحت أخبار التقييد
 وما ذكره من التعارض بين الشهر الواحد وخبر الثلاثة أشهر وعدم امكان الجمع بينهما مبني على عدم صحة حمل خبر الثلاثة على الاستحباب باعتبار عدم مناسبته لصحيح جميل بن دراج والذي فيه ليس له أن يطلق حتى تمضي ثلاثة أشهر مع أن " ليس " ليست نصا في الحرمة والممنوعية حتى لا يمكن حملها على الكراهة ولو سلم ذلك إلا أن ما ذكره من التخيير بعد استحكام التعارض غير تام عندنا اثباتا وإن أمكن التخيير ثبوتا إلا أنه لا دليل عليه كما حقق في محله وبالتالي لا بد من القول بالتساقط والرجوع إلى الاطلاقات كما هو مذهب الشيخ المفيد
 والصحيح في المقام أن يقال بعد التعارض والتساقط: أن الأخبار المطلقة مع غض النظر عن الأخبار المقيدة لا يمكن الأخذ بإطلاقها بعرضها العريض وذلك للقطع بخروج الغائب العالم بحالها من الحيض وطهر المواقعة بأي طريق أفاده العلم حال الطلاق عن الاطلاق فيجب عليه أن ينتظر مدة يعلم بانتقالها من الحيض أو طهر المواقعة
 وكذلك أخبار التقييد لا تشمل الغائب الذي خرج وسافر عن زوجته في طهر لم يواقعها فيه لجواز طلاقها سواء مضت مدة يعلم انتقالها فيها من ذلك الطهر إلى آخر أم لا كما صرح به الشيخ في النهاية وغيره بل لا خلاف فيه كما في الجواهر بل حكي الإجماع عليه بعض الأفاضل لعدم مدخلية ذلك في الغرض ضرورة صحة طلاقها في الطهرين فليس حينئذ إلا مصادفة الحيض وقد تقدم عدم اعتبار العلم بالخلو منه للغائب إذا فالمدة التي تجب تربصها هي في خصوص من خرج في طهر المواقعة .