الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/02/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلقة \ خلوها من الحيض والنفاس
 كان الكلام في الأخبار المختلفة حول المرأة الغائب عنها زوجها وذكروا عدة وجوه للجمع ذكرنا منها الوجه الأول وهو جمع الشيخ بين هذه الأخبار بحملها على اختلاف عادات النساء في الحيض وعلم الزوج بحال زوجته في ذلك فمن يعلم من حال زوجته أنها تحيض في كل شهر يجوز له أن يطلقها بعد انقضاء الشهر ومن يعلم أنها لا تحيض إلا في كل ثلاثة أشهر لم يجز له أن يطلقها إلا بعد انقضاء ثلاثة أشهر وكذلك من تحبض في كل ستة أشهر وعليه فالمراعى في جواز ذلك مضي حيضة وانتقالها إلى طهر لم يواقعها فيه وتبعه على ذلك أكثر المتأخرين
 ورده صاحب الحدائق بقوله: ( والأخبار الدالة على التربص بالنظر إلى القاعدة الأصولية يجب أن تكون مخصصة لها ، لكن الاشكال في هذه الأخبار الدالة على التربص من حيث اختلافها ، فإن التخصيص بها يتوقف على جمعها على وجه يرفع الاختلاف بينها . والجمع بينها بما ذكروه من اختلاف عادات النساء بناء على الغائب بعيد جدا ، فإنه وإن قرب في رواية الشهر إلا أنه بعيد في رواية الثلاثة الأشهر ، وأبعد منه في رواية الخمسة والستة الأشهر ، فإن الغالب في هذا المقدار ممنوعة أشد المنع ، بل هو مخالف للغالب ، على أن تلك الأخبار ليس فيها سؤال عن واقعة مخصوصة حتى تنزل على كون المرأة معتادة بتلك العادة ) [1]
 أقول: حمل خبر الخمسة والستة مع ما فيه من الإطلاق على الفرد النادر مستهجن عرفا
 الوجه الثاني: حمل الروايات المختلفة في التقدير بأجمعها على الاستحباب وصحة طلاقه بمجرد صدق الوصف ولكن الأولى أن يصبر شهرا وأولى منه أن يتربص ثلاثة أشهر
 وفيه
 أولا: لو سلمنا ذلك فلا يتم في بعض النصوص كما في صحيح جميل بن دراج فليس له أن يطلق حتى تمضي ثلاثة أشهر فإن التعبير بليس لا يناسب الحمل على الاستحباب
 ثانيا: إن الجمع الحكمي لا يصار إليه مع إمكان الجمع الموضوعي وهو في المقام ممكن بتقييد اطلاق تلك الأخبار بالنصوص المحددة بشهر أو ثلاثة أشهر ولو من باب القدر المتيقن من انه لا بد من التربص مدة ما.
 وما ذكر من قرينة على الاستحباب من أن راوي الاختلاف واحد وهو اسحاق مدفوع لأن راوي الثلاثة اسحاق وغيره كما لا يخفى
 الوجه الثالث : ما ذكره في نهاية المرام
 قال: ( والذي يقتضيه الجمع بين الصحيحة - بعد اطراح غيرها - اعتبار الثلاثة أشهر ، حملا لما أطلق فيه من الأخبار جواز طلاق الغائب ، على هذا المقيد . ويعضده أن الغالب من حال الغائب عن زوجته أن يكون حالها مجهولا عنده فتكون كالمسترابة التي يجب التربص بها ثلاثة أشهر . ومع ذلك ، فما ذهب إليه شيخنا المفيد رحمه الله ومن تبعه - من عدم اعتبار التربص - غير بعيد من الصواب حملا لما تضمن اعتبار ذلك على الأفضلية إذ من المستبعد جدا إطلاق صحة طلاق الغائب على كل حال في الأخبار الصحيحة الواردة في مقام البيان مع كونها مشروطة بأمر غير مذكور وفي موثقة إسحاق بن عمار ، إشعار بذلك أيضا ، والمسألة محل تردد ، ولا ريب أن اعتبار الثلاثة أشهر كما تضمنته صحيحة جميل بن دراج أولى وأحوط ) [2]
 وفيه: أن رواية اسحاق عندنا معتبرة وإن كانت من الموثق وكذلك روى الشهر عبد الرحمان بن الحجاج عن الكاظم ع وهي صحيحة وما ذكره من استبعاد الاطلاق مع أنه مشروط بأمر آخر مردود فإن نظيره في الأحكام غير عزيز بل شايع كثير
 الوجه الرابع: ما ذكره بعضهم من ترجيح الرواية التي دلت على تقديرها بالثلاث أشهر لأنها أحدث باعتبار أن اسحاق بن عمار يرويها عن الامام الكاظم ع ورواية الشهر يرويها عن الامام الصادق ع والترجيح مع الأحدث
 وفيه
 أولا: عدم ثبوت الترجيح بالأحدثية عندنا كما قرر في محله
 ثانيا: يعارضها صحيح عبد الرحمان بن حجاج
 محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعن علي ابن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تزوج امرأة سرا من أهلها " أهله . يه " وهي في منزل أهلها " أهله . يه " وقد أراد أن يطلقها وليس يصل إليها فيعلم طمثها إذا طمثت ولا يعلم بطهرها إذا طهرت قال : فقال : هذا مثل الغائب عن أهله يطلق بالأهلة والشهور ، قلت : أرأيت إن كان يصل إليها الأحيان والأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها كيف يطلقها ؟ قال : إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه يطلقها إذا نظر إلى غرة الشهر الآخر بشهود ويكتب الشهر الذي يطلقها فيه ويشهد على طلاقها رجلين فإذا مضى ثلاثة أشهر فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتد فيها ) [3]


[1] - الحدائق الناضرة " المحقق البحراني " ج 25 ص 187
[2] - نهاية المرام " السيد محمد " ج2 ص 18
[3] - الوسائل كتاب الطلاق باب 28 من أبواب مقدماته وشرائطه ح 1