الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/02/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلقة \ خلوها من الحيض والنفاس
 قلنا بأن صاحب الجواهر سلم بأن الاستبانة المذكورة في الرواية شرط في إباحة انشاء الطلاق وعليه لا مانع من أن يكون حرمة الانشاء ظاهرا وعندما تبين حملها واقعا يرتفع الحكم الظاهري ويكون الطلاق صحيحا
 ويرد على ما أفاده من عدم اشتراط صحة طلاق الحامل بالاستبانة أنه تقرر في علم الأصول أن للأوامر والنواهي المتعلقة بالعقود والإيقاعات ظهورا ثانويا في الإرشاد إلى الصحة واللزوم والفساد والمانعية وعليه فالأخبار الواردة في المقام هي لبيان صحة طلاق الخمس من دون اعتبار الخلو من الحيض والنفاس وكون المرأة في طهر غير طهر المواقعة وكل ما أخذ في الموضوع من قيود ظاهرة في دخالتها في الحكم أي صحة الطلاق في المقام ومن تلك القيود الاستبانة فلا يصح الطلاق من دون تحقق الاستبانة وظهور الحمل وعليه فما ذكره القوم من اعتبار هذا الشرط وانه شرط للصحة هو الصحيح لولا وجود نصوص مطلقة دلت على صحة طلاق الحامل بدون أي قيد أي أن الموضوع ذات الحمل واقعا إذ هو معناه لغة وعرفا وحيث أن الروايات الوارد فيها القيد ليس لها مدلول ينفي طلاق الحامل الفاقدة للقيد لأن الجملة وصفية فلا تنافي الروايات المطلقة فالمقيد والمطلق من الدليلين المثبتين فلا تعارض بينهما لكي يحمل المطلق على المقيد بل يكون العمل على المطلق ويكون القيد محمولا على مقاصد أخرى من الغالبية وغيرها مما لا ينافي الاطلاق
 نعم توجد محاولتان لإثبات التنافي في المقام غير إحراز وحدة الحكم ومناطه
 المحاولة الأولى: ما ذكره السيد القمي حيث قال: ( لا مجال لأن يقال إن العلم طريق إلى الواقع وإن الموضوع هو الواقع فيكفي تحققه واقعا ولو مع الجهل به للحكم بالصحة فإن الأحكام الشرعية أمور تعبدية وليس لأحد التصرف فيها كما لا مجال لأن يقال حيث لا تنافي ولا تعارض بين المثبتين فلا تنافي بين الدليل الدال على كون الموضوع الحامل مع الاستبانة وبين الدليل الدال على جعل الموضوع مطلق الحمل إذ التحديد واعطاء الضابط الكلي يدل بالمفهوم على عدم الصحة في غير صورة الاستبانة مضافا إلى الاكتفاء بمجرد الحمل يوجب الغاء موضوعية الاستبانة وبالتالي يحمل المطلق على المقيد
 المحاولة الثانية: دعوى وجود رواية موثقة تدل بالمفهوم على عدم الصحة في غير الاستبانة وهي موثقة اسحاق بن عمار عن أبي الحسن الأول ع قال سألته عن الحبلى تطلق الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره قال: نعم قلت: الست قلت لي إذا جامع لم يكن له أن يطلق ؟ قال : إن الطلاق لا يكون إلا على طهر قد بان أو حمل قد بان وهذه قد بان حملها وحيث أن الجملة حصرية فيتشكل لها مفهوم ينفي صحة طلاق الحامل غير المبان حملها مع مراعاة الطهر وبالتالي يقع التنافي بينهما وبين المطلق فيحمل المطلق على المقيد
 والجواب عن تلك المحاولتين: أن عنوان الاستبانة والظهور والمتيقن هي عناوين طريقية الغالب في أخذها هو الطريق إلى الواقع وليس لها موضوعية وإن كانت الأحكام تعبدية إلا أن الموضوع عرفي وليس شرعيا وفائدة ذكرها في المقام لعله من أجل أن لا يقع الاشكال فيمن يطلق مجهولة الحال ويذهب من دون تبين حالها فلا يدري خرجت عن زوجيته أو لم تخرج
 ويؤيد ذلك ما ورد في الموثقة من حصر الطلاق بطهر قد بان مع أنه لم يقل أحد بعدم صحة مجهولة الحال لو تبين أنها كانت في طهر غير طهر المواقعة وخلوها عن الحيض حين الطلاق وهذا يكشف عن أن هذه العناوين ليس لها موضوعية في صحة الطلاق وعدمه ولذا أكثرهم لم يحمل في الغائب التربص على الشرط الشرعي فصححوا طلاق الغائب لو لم يراع المدة وطلق وكانت في الواقع مستجمعة للشرائط