الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/12/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلق \ فرع طلاق الولي عن المجنون
 كان الكلام في طلاق الولي عن المجنون ولم يتم دليل على عدم صحة طلاقه وما يقال عند الشك في ارتفاع الزوجية من استصحاب بقاء الزوجية هذا الأصل لا يمكن التمسك به لوجود أخبار معتبرة دالة على صحة طلاق الولي عن المجنون وبها استدل المشهور القائل بالصحة
 الأخبار الواردة في المقام
 منها: صحيح ابي خالد القماط
 محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ابن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن أبي خالد القماط قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ( الرجل الأحمق الذاهب العقل يجوز طلاق وليه عليه ؟ قال : ولم لا يطلق هو ؟ قلت : لا يؤمن إن طلق هو أن يقول غدا : لم أطلق ، أولا يحسن أن يطلق ، قال : ما أرى وليه إلا بمنزلة السلطان ) [1]
 ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله .
 كما أن السلطان وهو المعصوم له ولاية بقول مطلق ومنها ولاية الطلاق ومعنى الولاية هي نفوذ الطلاق فللولي هذه الولاية بلحاظ ما سأله السائل عنه وهو الطلاق
 والمراد بالأحمق الذاهب العقل اذا اريد به المجنون فواضح واذا أريد به دون المجنون فإذا صح طلاقه عن من هو دون المجنون يصح طلاقه عن المجون بطريق أولى
 منها: صحيح أبي خالد القماط الآخر
 محمد بن يعقوب ، عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار وعن أبي العباس الرزاز ، عن أيوب بن نوح ، وعن حميد بن زياد ، عن ابن سماعة وعن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان ، عن أبي خالد القماط قال : ( قلت لا عبد الله عليه السلام : رجل يعرف رأيه مرة وينكره أخرى ، يجوز طلاق وليه عليه ؟ قال : ما له هو لا يطلق ؟ قلت : لا يعرف حد الطلاق ولا يؤمن عليه
 إن طلق اليوم أن يقول غدا : لم أطلق ، قال : ما أراه إلا بمنزلة الامام يعني الولي ) [2]
 ورواه الصدوق بإسناده ، عن صفوان بن يحيى مثله .
 نفس الاستدلال بالحديث الأول
 ويوجد خبران آخران مدلولهما واضح على المطلب إلا أنهما ضعيفا السند
 منها: خبر أبي خالد القماط
 عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن أبي خالد القماط ، عن أبي عبد الله عليه السلام في طلاق المعتوه قال : ( يطلق عنه وليه فاني أراه بمنزلة الامام عليه ) [3]
 هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان
 منها: خبر شهاب بن عبد ربه
 وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح ، عن شهاب بن عبد ربه قال : ( قال أبو عبد الله عليه السلام : المعتوه الذي لا يحسن أن يطلق يطلق عنه وليه على السنة ، قلت فطلقها ثلاثا في مقعد ، قال : ترد إلى السنة فإذا مضت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة ) [4]
 الدلالة واضحة على صحة الطلاق لكنه ضعيف بالحسن بن صالح لم تثبت وثاقته
 ولضعف الخبرين الأخيرين: الشهيد الثاني لم ينظر إليهما واشكل على الخبرين الأولين من جهة الدلالة فقال: (وفي الاحتجاج بهذه الأخبار نظر ، لأن جعل الولي بمنزلة الإمام أو السلطان لا يدل على جواز طلاقه عنه . ولأن متن الحديثين لا يخلو من قصور ، لأن السائل وصف الزوج بكونه ذاهب العقل ، ثم يقول له الإمام : ما له لا يطلق ؟ مع الاجماع على أن المجنون ليس له مباشرة الطلاق ولا أهلية التصرف ، ثم يعلل السائل عدم طلاقه بكونه ينكر الطلاق أو لا يعرف حدوده ، ثم يجيبه بكون الولي بمنزلة السلطان . وكل هذا يضعف الاحتجاج بها ) [5]
 وكذلك في الحديث الآخر فبعدما شرح السائل أن الرجل يعرف رأيه مرة وينكره يقول له الامام ع ماله هو لا يطلق
 والجواب: أما أنهما غير واضحين بالدلالة على الصحة يردهما ما ذكرناه سابقا من مطابقة الجواب للسؤال فإن السؤال كان عن طلاق الولي لهذا الشخص فجاء الجواب أنه بمنزلة السلطان أي بلحاظ الطلاق
 مضافا إلى الخبرين الدالين على الصحة فإنهما يصلحان للتأييد وإن كانا ضعيفين
 وأما استفسار الإمام ع فلأن هذا الشخص الذاهب العقل ذو مراتب فقد يبلغ مرتبة لا يجوز فيها طلاقه وقد لا يبلغ ذلك فيجوز طلاقه وبالتالي يكون مورد الرواية المجنون الادواري
 وأما ما ذكروه من اشتراط المصلحة مع أن الأخبار خالية عن ذلك فلعله يستفاد ذلك من قوله ع ما أرى وليه إلا بمنزلة السلطان أو بمنزلة الإمام وأراد بالإمام المعصوم ع وافعاله مبنية على المصالح أو لا تنفك عنها لتنزه عن العبث .
 والحاصل ان طلاق الولي عن المجنون مطلقا ولو كان جنونه ادواريا حال جنونه صحيح ونافذ مع مراعاة الغبطة .


[1] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 35 ح 1
[2] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 34 ح 1
[3] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 35 ح 3
[4] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 35 ح 2
[5] - مسالك الأفهام الشهيد الثاني ج 9 ص 13