الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/12/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلق \ فرع طلاق الولي عن المجنون
 كان الكلام في طلاق الولي عن المجنون والصبي وقلنا إن عامة مراجع العصر ذهبوا إلى صحة طلاق الولي عن المجنون وإن كان ظاهر عبارات أكثرهم الإطلاق من حيث الإطباق والإدواري إلا السيد السيستاني فقد صرح بالتفريق بينهما وكذلك الشيخ إسحاق الفياض مع اتفاقهم على أنه لا فرق في المجنون بين المتصل والمنفصل وإن كان بعضهم احتاط استحبابا في المنفصل بأن يطلق الولي الجبري والحاكم لان هناك كلام بين الفقهاء ان المجنون بعد بلوغه عاقلا هل الولاية للحاكم أم للأب والجد هناك خلاف في المقام واتفق الجميع على أن المراد بالمجنون البالغ لا الصغير واتفقوا أيضا على أنه لا بد للولي من مراعاة المصلحة في طلاق المجنون
 أقول:
 تارة: ننظر إلى أدلة ولاية الولي على المجنون ,أنها تشمل موارد المال والنظر في مصالحه فله فعل ما شاء مما هو راجع إلى مصالحه وعليه فسوف تكون أدلة الولاية حاكمة على أي دليل يدل على منع غير الزوج من الطلاق بنحو العموم كالنبوي الحاصر الطلاق بيد الزوج
 ولازم ذلك هي أن تكون القاعدة هي صحة طلاق الولي عن الصبي وعن المجنون ولكن رفعنا اليد عن القاعدة في ولي الصبي لورود الدليل الخاص على عدم صحة طلاق الولي عن الصبي
 فهل يوجد ما يدل على المنع عن طلاق الولي عن المجنون أو لا
 وتارة: نقول بأن أدلة الولاية مخصوصة بالمال فقط فمقتضى القاعدة حينئذ هو عدم صحة طلاق الولي عن المجنون لعموم الخبر الخاص وأصالة بقاء الزوجية عند الشك ومن هنا
 وكيف كان علينا بيان أدلة الطرفين ليتضح الحال ويعرف الصواب
 أدلة المنع من صحة طلاق الولي عن المجنون
 الدليل الأول: الإجماع
 ويرد عليه
 أولا: مدعي ذلك وهو الشيخ الطوسي ذهب إلى الصحة في كتاب النهاية
 ثانيا: معارض بدعوى الإجماع على الصحة من فخر المحققين
 ثالثا: كيف يدعى الإجماع مع تصريح الأكثر بالصحة
 والحق أن الإجماعين مرفوضين إلا أن يفسر أحدهما بالشهرة العظيمة
 الدليل الثاني: النبوي العامي الدال على حصر الطلاق بمن أخذ بالساق أي بمن ملك البضع وهو الزوج دون الولي قال النبي ص : ( الطلاق بيد من أخذ بالساق )
 بدعوى استفادة الحصر من المسند إليه المبتدأ المحلى باللام أي حصر المبتدأ على الخبر واختصاصه به بأن لا يكون لذلك المبتدأ خبر آخر غير المذكور فإذا كان الولي يريد ان يطلق صار لهذا الطلاق خبر آخر غير المذكور فهذه الدلالة تنفي وجود خبر آخر وهو الزوج الذي يأخذ بالساق فغير الزوج لا يمكن ان يكون مصداقا للمطلق
 ولا يرد عليه بأن الطلاق يقع من الوكيل وهو لم يأخذ بالساق لأن طلاق الوكيل هو طلاق الموكل نفسه كما لا يخفى
 ويرد عليه
 أولا: أن السند ضعيف إذ لم يرو من طرفنا بسند معتبر نعم اشتهر عند العلماء العمل به في الجملة ولم يأخذوا بإطلاقه
 ثانيا: إن دلالة هذا التركيب على الحصر من جعل المسند إليه المحلى بالألف واللام نحو القائم زيد إنما يتوقف على أن تكون اللام الداخلة على المبتدأ ان تكون اما للاستغراق أو كان مدخولها مرادا بنحو الإطلاق والإرسال أو كان الحمل ذاتيا إذ مع اتحاد الموضوع والمحمول من حيث المفهوم فلا يعقل حصول أحدها بدون الآخر كما هو الشأن في كل حمل ذاتي وكل ذلك يحتاج إلى قرينة
 إذ اللام إما للتزيين كما قال صاحب الكفاية أو لتعريف الجنس أي يقصد منها الإشارة إلى نفس الماهية من حيث هي وليست للدلالة على الاستغراق
 وكذلك الظاهر من الحمل بين الموضوع والمحمول هو الحمل الشايع المتعارف والذي يكفي فيه الاتحاد في الوجود فاتحاد زيد المحمول على القائم مع القائم في الوجود وليس ملزوما للحصر كما لا يلزم من اتحاد زيد مع الإنسان في الوجود انحصار الإنسان في زيد
 وبعبارة أخرى إن تعريف المسند اليه بالالف واللام إنما يفيد الحصر في ثلاثة موارد :
 الأول: أن تقوم قرينة على أن المراد من اللام الاستغراق فيكون قولنا الإنسان زيد بمنزلة أن يقال كل فرد من أفراد الإنسان هو زيد فليس للإنسان فرد آخر غير زيد
 الثاني: أن تقوم قرينة على كون مدخول اللام هي الطبيعة المرسلة وملحوظ فيها الإرسال وجميع الخصوصيات بحيث يلزمها اتحاد تمام أفراد الماهية في الخارج بالمسند فلا يكون للإنسان وجود غير وجود زيد
 الثالث: أن تقوم قرينة على كون الحمل ذاتيا أوليا وليس شائعا صناعيا
 ثالثا: لو سلمنا استفادة الحصر إلا أنه مطلق قابل للتقييد بالأدلة المجوزة لطلاق الولي عن المجنون
 الدليل الثالث: استدل ابن ادريس بقوله تعالى: { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره }
 فأضاف الطلاق إلى الزوج فمن جعله لغيره يحتاج إلى دليل
 ثم أورد على نفسه بأن هذا وال عليه وناظر في مصالحه فله فعل ما يشاء مما هو راجع إلى مصالحه وأجاب بالمعارضة للصبي فإنه لا يطلق عنه وليه مع كونه ناظرا في مصالحه ثم قال بأن الطلاق شرطه مقارن بنية المطلق الذي هو الزوج وهو مفقود في المجنون
 ويرد عليه
 بأن الآية تدل على التحريم مع الطلاق المستند إلى الزواج والمباشرة والتسبب سواء ولو ثبت الفرق فإن الآية لا تدل على حكم التسبب لا بنفي ولا إثبات وبعبارة أخرى الآية واردة في بيان حكم آخر فلا يمكن التمسك بها لنفي حكم غير ما ذكر نعم غايته الإشعار ولكنه لا يفيد
 واشتراط تقارن نية المطلق ثابتة في الوكيل إذ لا يشترط إلا نية المطلق ولو لم يكن هو الزوج بل ولو كان نائبا