الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/12/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلق \ القصد
 الشرط الرابع: القصد
 قال في الجواهر: ( الشرط الرابع القصد بمعنى كونه قاصدا بلفظ الطلاق معناه في المقام وفي غيره من التصرفات القولية بلا خلاف أجده فيه بيننا ، بل الإجماع بقسميه عليه ) [1]
 قد يقال: إن هذه العبارة فيها قصور نوعا ما فإذا كان الإنسان متلفظا بلفظ الطلاق وقصد معناه اي مدلوله الاستعمالي أصبحت هناك إرادة استعمالية فقصد من اللفظ معناه ولكنه كان هازلا وبعبارة صاحب الجواهر يصدق عليه انه قصد من اللفظ معناه ولازم ذلك الصحة لتحقق الشرط مع أنه قطعا من أحد الموارد الخارجة بشرطية القصد اي إخراج الهازل وغيره ولا يعقل ان يدخل هذا تحت عبارة صاحب الجواهر اذ المراد من عبارة صاحب الجواهر قصد حصول الفراق واقعا وجدا أي ليس فقط تحقق الإرادة الاستعمالية بل لا بد من وجود إرادة جدية أيضا
 إذا لا بد من أن يقصد من لفظ الطلاق معناه بالإرادة الاستعمالية والجدية معا حتى يتحقق الطلاق أي إزالة العلقة الزوجية جدا وواقعا
 وعليه: فلا يصح طلاق الساهي ولا السكران ولا النائم ولا الهازل ولا الأعجمي الذي لقن الصيغة ولا يعرف معناها والغاضب الذي وصل غضبه لدرجة عدم تحقق الإرادة الجدية
 إن للمطلق بحسب قصده اللفظ وقصد معناه أحوالا أربعة :
 1 - أن يكون اللفظ صادرا عنه عن غير قصد كاللفظ الصادر من النائم أو الغالط .
 2 - أن يكون اللفظ مقصودا له دون معناه كما إذا قال : أنت طالق على وزن أنت قائم .
 3 - أن يكون المعنى مقصودا له بالإرادة الاستعمالية دون الإرادة الجدية كما إذا أنشأ الطلاق بمعنى أنه استعمل الصيغة في معناها من دون أن يكون هناك اعتبار نفساني ونظيره في الأخبار ما إذا أخبر عن شئ وحكى عنه بداعي الهزل لا الجد .
 4 - أن يكون المعنى مقصودا بالإرادة الجدية .
 والحالة الرابعة: هي التي يصح فيها الطلاق دون الأحوال الثلاثة وهو المفصود بقوله ع لا طلاق إلا لمن أراد الطلاق
 واعتبار القصد في صحة العقود من أوضح الواضحات فإن عناوين العقود والإيقاعات أمور قصدية فمع عدمها لا تتحقق تلك العناوين
 إن قلت: إذا كان اعتبار القصد من الأمور الواضحة في العقود والإيقاعات فكيف وردت نصوص دلت على اعتباره في الطلاق
 قلت: لأجل بيان بطلان ما هو المحكي عن العامة من صحة الطلاق مع عدم القصد إذا كان اللفظ صريحا دون اللفظ الكنائي
 فالمنقول عن أبي حنيفة صحة طلاق كل شخص ما عدا الصغير والمجنون والمعتوه فيقع طلاق الهازل والسكران من محرم والمكره والمخطئ والناسي وقد وافق الشافعي ومالك أبا حنيفة في الهازل وخالف أحمد في ذلك
 واستدلت الإمامية على الاعتبار: مضافا إلى الإجماع وعموم قوله ص رفع القلم عن النائم حتى يفيق ولا عمل إلا بنية وإنما الأعمال بالنيات بناء على إرادة القصد منها لا القربة بعدة روايات في المقام
 منها: محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن اليسع قال : ( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في حديث : ولو أن رجلا طلق على سنة وعلى طهر من غير جماع وأشهد ولم ينو الطلاق لم يكن طلاقه طلاقا ) [2]
 منها: وعنه ، عن أحمد . عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن اليسع ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، وعن عبد الواحد بن المختار ، عن أبي جعفر عليه السلام أنهما قالا : ( لا طلاق إلا لمن أراد الطلاق ) [3]
 منها: وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( لا طلاق إلا ما أريد به الطلاق ) [4]
 
 منها: محمد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال ، عن محمد بن الربيع الأقرع ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( لا طلاق إلا لمن أراد الطلاق ) [5]
 منها: وعنه ، عن أخويه ، عن أبيهما ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ( لا طلاق إلا لمن أراد الطلاق ) [6]
 منها: وبإسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سهل ، عن زكريا بن آدم قال : ( سألت الرضا عليه السلام عن طلاق السكران والصبي والمعتوه والمغلوب على عقله ومن لم يتزوج بعد فقال : لا يجوز ) [7]
 منها: وعن حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة ، عن علي ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( لا يجوز طلاق الصبي ولا السكران ) [8]
 منها: محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن عبد الله الحلبي قال : ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن طلاق السكران وعتقه ، فقال : لا يجوز ) [9]
 منها: وبإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم والبرقي عن إسحاق بن جرير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( سألته عن السكران يطلق أو يعتق أو يتزوج ، أيجوز له ذلك وهو على حاله ؟ قال : لا يجوز له ) [10]
 منها: وعنه ، عن ابن سماعة ، عن ابن رباط ، وعن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير جميعا ، عن ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم أنه ( سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قال لامرأته : أنت علي حرام أو بائنة أو بتة أو برية أو خلية ، قال : هذا كله ليس بشئ إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق أو اعتدي ، يريد بذلك الطلاق ) [11]
 منها: وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ( عن رجل قال لرجل : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها ، أو اكتب إلى عبدي بعتقه يكون ذلك طلاقا أو عتقا ؟ قال : لا يكون طلاقا ولا عتقا حتى ينطق به لسانه أو يخطه بيده وهو يريد الطلاق أو العتق ) [12]
 منها: وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد ابن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( ليس طلاق السكران بشئ ) [13]
 منها: محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( سألته عن طلاق السكران فقال : لا يجوز ولا كرامة ) [14]
 إلى غير ذلك من الروايات البالغة حد الاستفاضة وبتعبير صاحب الجواهر متواترة وبالتالي واضحة بدلالتها على شرطية القصد
 البعض يقول الأولى وضع هذا الشرط من شروط العقد وليس من شروط المطلق وهذا غير صحيح لانه اذا لم يوجد قصد فهل يقال لا طلاق صادر بلى يقال صدر طلاق ولكنه باطل فواضح أنه من شروط المطلق وليس من شروط الصيغة
 يبقى الكلام فيما لو قال أنت طالق ثم قال ما قصدت هل يقبل كلامه أم لا يأتي


[1] - جواهر الكلام ج 32 ص 17
[2] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 11 حديث 1
[3] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 11 حديث 2
[4] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 11 حديث 3
[5] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 11 حديث 4
[6] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 11 حديث 5
[7] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 12 حديث12
[8] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 32 حديث 4
[9] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 34 حديث 5
[10] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 34 حديث6
[11] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 16 حديث 3
[12] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 14 حديث 3
[13] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 36 حديث 2
[14] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 36 حديث 1