الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/11/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلق \ البلوغ
 كان الكلام في صحة طلاق الصبي المميز البالغ عشرا وقلنا إن هذا يصلح أن يكون مدركا لمشهور المتقدمين
 وأما بناء على عدم وجود رواية لابن بكير مضمونها إذا بلغ عشرا يصح طلاقه فلا يكون هناك روايات معتبرة إلا روايات التمييز فيفترض كما ذكر الاسكافي القول بصحة طلاق المميز بلغا عشرا أم لم يبلغ عشرا ولهذا احتاطا وجوبا الشيخ إسحاق الفياض بترتيب آثار الطلاق على طلاق المميز وإن لم يبلغ عشر سنين
 ومشهور المتأخرين من ابن إدريس إلى عصرنا معظمهم ذهب إلى عدم صحة طلاق الصبي مطلقا لا مباشرة ولا بالوكالة فما هو الوجه مع هذه الطوائف من الروايات وقد تقدم الوجه الأول
 الوجه الثاني: قال صاحب الرياض بعد نقله لأخبار نفوذ طلاق الصبي إذا بلغ عشرا : ( وهي وإن لم يكن فيها ضعف بالمعنى المصطلح ، إلا أنها قاصرة عن المقاومة لما مر ، من حيث الاستفاضة ، والاعتضاد بالأصل ، والعمومات ، والشهرة العظيمة والأولوية المتقدمة فحمل تلك على هذه بالتقييد المناقشة فيه واضحة مع بعد جريانه في بعضها مما جعل فيه غاية الجواز إلى الاحتلام لكونه كالصريح في المنع عن طلاق ذي العشر بعدم كونه الغاية . ) [1]
 الوجه الثالث: ذكر بعضهم دعوى الإعراض عن روايات النفوذ بأشكالها المتعددة إذ الشهرة العظيمة على خلاف تلك الأخبار مع أنها تحت نظرهم وعليه فأخبار المنع مطلقا لا معارض لها
 الوجه الرابع: دعوى تواتر أخبار المنع مطلقا ومع المعارضة تقدم لقطعيتها
 الوجه الخامس: وعن بعضهم حمل أخبار الجواز على الطلاق وكالة عن غيره
 الوجه السادس: ما ذكره صاحب الجواهر من تقديم أخبار المنع حيث قال: ( لقوة الإطلاق السابق المؤيد بنصوص رفع القلم الشامل للوضعي والتكليفي ، وبالأصول ، وبعدم الفرق بين الطلاق وغيره من العقود التي قد عرفت سلب عبارة الصبي فيها ، وبالشهرة العظيمة ، وبخبر الحسين بن علوان المروي عن قرب الإسناد ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام " لا يجوز طلاق الغلام حتى يحتلم " بل لا يبعد من ذلك إرادة بيان إمكان صحة طلاق الصبي إذا بلغ عشرا عاقلا ولو لبعض الأمزجة في بعض البلدان التي ينبت فيها الشعر أو يحصل فيها الاحتلام ، فلا ريب حينئذ في أن ذلك هو الأقوى ، وإن وسوس فيه بعض متأخري المتأخرين بتوهم أنه مقتضي الجمع بين النصوص بعد حمل مطلقها على مقيدها ، وفيه أنه فرع المكافئة على أنه غير تام في خبر قرب الإسناد ) [2]
 ويرد على هذه الوجوه
 أولا: مهما أتينا لأي دليل إطلاق ومؤيدات كثر آيات وروايات فمع وجود دليل مقابل يصلح للتقييد ويكون حجة فإنه يقيده لا أنه يقدم عليه نعم يقدم عليه إذا كان نصا في الإطلاق وكان قطعي السند وإلا فالتعارض والتساقط بعد عدم إمكان الجمع
 ثانيا: دعوى الإعراض مردودة لأن الإعراض المؤثر هو إعراض المتقدمين ومشهور المتقدمين قالوا بالصحة
 ثالثا: دعوى التواتر في غير محلها فلا تواتر لا من جهة الوجود ولا من جهة حساب الاحتمالات
 رابعا: دعوى أن أخبار المنع فيها روايات أصح سندا فتقدم لذلك مردودة لما تقدم معنا أن روايات المنع لا اعتبار لشيء منها
 فلا اعتبار ولا تواتر ولا نصوصية ولا إعراض فلا يمكن تقديم أخبار المنع إلا ان يدعى دعوى وهي عدم إمكان الجمع بين الأخبار ولا يوجد ترجيح بمخالفة العامة لاختلافهم في المسألة فيكون الأصل عدم الصحة ولكن هذا لا يقول به الكل فالسيد الخوئي الأصل عنده بمعاملات الصبي الصحة في غير المال فلا يمكن ان يكون هذا دليله مضاف إلى أنه أصل القاعدة غير مسلمة إلا في المال
 والمتحصل في المقام أن أخبار النفوذ معتبرة سندا دون أخبار عدم النفوذ واللازم الأخذ بها ونتيجة التقييد ورفع اليد عن الإطلاق المقابل وبناء على وجود موثق ابن أبي بكير يصح طلاق الصبي المميز البالغ عشرا لكن لأجل إفتاء المعظم بعدم الصحة مطلقا فالأحوط وجوبا مراعاة هذا الطلاق وترتيب الآثار كما عليه الإمام الخميني والسيد السيستاني خلافا لأستاذنا وأستاذ أستاذنا فتأمل


[1] - رياض المسائل ج 11 ص 38
[2] - جواهر الكلام ج 32 ص 5