الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلق \ البلوغ
 كان الكلام في طلاق الصبي والأقوال في المسألة وقلنا أن منشأ الاختلاف هو اختلاف الأخبار الواردة في المقام سواء قلنا إن أصل إيقاعات وعقود الصبي باطلة أو لا فهناك أخبار واردة في هذا الخصوص يجب أن ننظر إليها هل هي متعارضة وهل يمكن الجمع بينها أم نرجع إلى الأصل العام والقاعدة الأولية بعد استقرار التعارض وعدم الترجيح
 الروايات الواردة في المقام: وهي على طوائف
 الطائفة الأولى:ما دل على عدم نفوذ طلاقه مطلقا
 منها: محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( ليس طلاق الصبي بشئ ) [1]
 ورواه الشيخ باسناده عن أحمد بن محمد
 ودلالته واضحة أي بعد إيقاع الطلاق لا تترتب أي آثار على الطلاق وهي مطلقة إلا أنها ضعيفة السند لأن ابن فضيل مشترك بين الثقة وغيره ولا مميز في المقام كما مر معنا
 وما ذكره بعضهم أن ابن الفضيل لعله محمد بن قاسم ابن الفضيل وحذف لفظ قاسم ونسب إلى جده الفضيل هو خلاف الظاهر وكذلك القول بأنه روى عنه محمد بن اسماعيل فهو ثقة مردود لأن محمد ابن اسماعيل يروي عن ابن الفضيل الثقة وعن ابن الفضيل غير الثقة
 منها: ما رواه الكليني عن علي ابن ابراهيم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه أو الصبي ) [2]
 ودلالته واضحة على عدم نفوذ طلاق الصبي مطلقا ولكنها ضعيفة لعدم ثبوت وثاقة النوفلي عندنا
 منها: ما رواه الكليني عن حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة ، عن علي ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( لا يجوز طلاق الصبي ولا السكران ) [3]
 أما الدلالة: فواضحة بعدم نفوذ طلاق الصبي
 وأما السند: فضعيفة بابن البطائني
 منها: ما رواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سهل ، عن زكريا بن آدم قال: ( سألت الرضا عليه السلام عن طلاق السكران والصبي والمعتوه والمغلوب على عقله ومن لم يتزوج بعد فقال : لا يجوز ) [4]
 وهي ضعيفة السند لجهالة حال محمد بن سهل بن اليسع
 منها: ما رواه عبد الله بن جعفر في ( قرب الإسناد ) عن الحسن بن ظريف ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام قال: ( لا يجوز طلاق الغلام حتى يحتلم ) [5]
 وفيها: أن السند ضعيف لعدم ثبوت وثاقة الحسين بن علوان وعبارة النجاشي في ترجمة الحسين " أو أخوه الحسن يكن أبا محمد ثقة " ترجع إلى الحسن لا إلى الحسين
 كما القول أن الكلام المنقول عن ابن عقدة " بأن الحسن أوثق من الحسين " يستفاد منه التوثيق مردود لأن الناقل لكلام ابن عقدة وهو العلامة طريقه إليه مجهول وعليه فالرواية ساقطة سندا
 منها: وعن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسين عن عدة من أصحابه عن ابن بكير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( لا يجوز طلاق الغلام ووصيته وصدقته إن لم يحتلم ) [6]
 وفي نسخة أخرى يجوز فيدور الأمر بين الزيادة والنقيصة وقد كنا بالغنى عن بحثها لضعف السند بسهل بن زياد وبالإرسال إلا ان الكليني ذكر بعدها طريقا آخرا معتبرا قال: وعن محمد بن يحي عن أحمد بن محمد بن الحسين جميعا عن ابن فضال
 ولكن الموجود في نسخة الكافي الموجودة لدينا ( يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل ووصيته وصدقته وان لم يحتلم ) والمصحح لها زاد بين قوسين لفظة لا
 وهذا يعني أن هناك نسختين ولم يبين من أين أتى بالنسخة الثانية مع أن الشيخ في التهذيب رواها بلفظة يجوز من دون اللام ولكن مع إضافة "إذا كان قد عقل " كما هو الموجود في نسخة الكافي الموجودة الآن
 وعليه فإذا أراد صاحب الوسائل بقوله وفي نسخة يجوز إشارة إلى هذا المتن فهو لا يناسبه إلا لفظة الجواز إيجابا وليس نفيا وبالتالي فهي إما مضمون آخر لنفس الإسناد وإما اشتباه من صاحب الوسائل
 ومع التنزل والتسليم بوجود نسختين فأصالة عدم الزيادة لإثبات "لا" النافية لا يفيد لأن أصالة عدم الزيادة بلحاظ لفظة الواو قبل قوله " إن لم يحتلم " يؤدي إلى وجود اضطراب في الحديث وذلك لعدم المناسبة وبالتالي سوف يؤدي إلى الإجمال في الحديث
 ثم أنه بناء على أن الأصح بقرينة نقل الشيخ في التهذيب هو المضمون الموجود في نسخة الكافي الموجودة فعلا سوف تكون الرواية من الطائفة التي تجوز طلاق الصبي المميز وإن لم يبلغ عشرا بالإطلاق وكون السند غير صحيح لوجود سهل والإرسال غير مانع من الأخذ بها لوجود طريق آخر معتبر ذكره الكافي مباشرة بعد نقل المضمون
 فتحصل إلى الآن عدم وجود حديث معتبر دل على عدم نفوذ طلاق الصبي مطلقا
 الطائفة الثانية: ما دل على نفوذ طلاقه مطلقا
 منها: ما رواه الكليني عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألته عن طلاق الغلام ولم يحتلم وصدقته ، فقال: ( إذا طلق للسنة ووضع الصدقة في موضعها وحقها فلا بأس وهو جائز ) [7]
 ورواه الصدوق بإسناده عن زرعة ، عن سماعة ، ورواه الشيخ بإسناده عن سماعة وبإسناده عن زرعة ، وبإسناده عن محمد بن يعقوب
 وهذه الرواية موثقة ودلالته على النفوذ واضحة إلا أن في إطلاقها تأملا إذ يحتمل قويا أن يكون الإمام ع قد قيد الصبي بما إذا كان مدركا ويفهم ما يوقعه بقرينة " طلق للسنة ووضع الصدقة في موضعها وبالتالي تكون من أخبار الطائفة الثالثة
 الطائفة الثالثة: ما دل على نفوذ طلاقه إذا عقل
 منها: ما رواه الشيخ بإسناده إلى علي بن الحسن بن فضال عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج عن أحدهما عليهما السلام قال: ( يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل وصدقته ووصيته وإن لم يحتلم ) [8]
 وهي ضعيفة سندا لضعف إسناد الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال بابن الزبير الذي لم يوثق ومقيدة بالعقل أي فهمه للطلاق وإدراكه لما يترتب عليه من آثار
 الطائفة الرابعة: ما دل على نفوذ طلاقه إذا بلغ عشر سنين
 منها: ما رواه الكافي عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين ) [9]
 وهي ضعيفة بالارسال
 منها: ما رواه الشيخ باسناده عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحي عن احمد بن محمد ومحمد بن الحسن جميعا عن ابن فضال عن ابن بكير عن ابي عبد الله ع قال: ( يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين )
 قال صاحب الحدائق: ( وشيخنا الشهيد الثاني في المسالك نقل متن مرسلة ابن أبي عمير عن ابن بكير ، ونقل ذلك عن ابن أبي عمير أيضا قال في الكتاب المذكور - بعد قول المصنف : وفي من بلغ عشرا عاقلا فطلق للسنة رواية بالجواز فيها ضعف - ما صورته : الرواية التي أشار إليها رواها ابن فضال عن ابن بكير عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) " قال : يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين" وضعفها بالرجلين المذكورين فإنهما فطحيان ، ومع ذلك عمل بمضمونها الشيخان وجماعة من المتقدمين ، وقد روى في معناها ابن أبي عمير في الحسن مرسلا عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) " قال : يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين " وروى ابن بكير جواز طلاقه غير مقيد بالعشر أيضا عنه ( عليه السلام ) " قال : يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل ووصيته وصدقته وإن لم يحتلم) [10]


[1] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 32 ح 1
[2] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 32 ح 3
[3] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 32 ح 4
[4] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 12ح 12
[5] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 32ح 8
[6] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 32ح 5
[7] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 32ح 7
[8] - وسائل الشيعة كتاب الصدقات باب 15ح 2
[9] - وسائل الشيعة كتاب الطلاق باب 32ح 2
[10] - الحدائق الناضرة ج 25 ص 151