الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام النفقات \ وجوب التكسب على الزوج
 كان الكلام في وجوب التكسب على الزوج لنفقة زوجته وقلنا أن الماتن تعرض لأمرين
 الأول: وجوب التكسب على القادر عليه من أجل نفقة زوجته مع تقييده باللائق بحاله
 الثاني: وجوب الاستدانة عليه سواء علم بالتمكن من وفائه أو احتمل التمكن من الوفاء
 الأمر الأول:
 أجمع الأصحاب على وجوب التكسب على الزوج لنفقة زوجته ولم يخالف في ذلك أحد من علماء لا قديما ولا حديثا وان احتمله بعض فقهاء هذا العصر في بعض كتبه
 وذهب بعض العامة إلى عدم وجوب التكسب لأن نفقتها كالدين فكما أنه في الدين ينظر إلى ميسرة ولا يحبس ولا يدفع إلى الغريم ليؤاجره فكذلك في نفقة الزوجة
 قال الزحيلي في الفقه الإسلامي ( ويجب على الزوج لزوجته وعلى الإنسان لقريبه التكسب ليؤدي النفقة الواجبة عليه )
 قال صاحب الجواهر: (وكذا يجب عليه التكسب لنفقة زوجته لوجوبها عليه معاوضة ، ولوجوب
 الإنفاق عليها اتفاقا ، مع أن الغالب في الناس التكسب ، والأصل في الواجب الإطلاق ) [1]
 و قال الشيخ في المبسوط في باب نفقة الأقارب: (وإنما قلنا إنه إذا كان قادرا على الكسب يلزمه أن يكتسب وينفق عليه ، هو أن القدرة على الكسب بمنزلة المال في يده ) [2]
 وصرح في التحرير: (تجب نفقةُ الأقارب على الموسر ، وهو الّذي فضل له عن قوت يومه شئ ، ويباع عقارُهُ وعبدُهُ في نفقة الأقارب ، ولو قدر على التكسب ، وجب عليه التكسب للإنفاق عليهم ) [3]
 فإذا كان كذلك في نفقة الأقارب ففي نفقة الزوجة من باب أولى لأن الوجوب فيها مطلق غير مقيد بالغنى واليسار كما مر
 دليل وجوب التكسب
 الأول: إن نفقة الزوجة كالدين ومن كان عليه دين وجب عليه السعي في قضائه ولو بالتكسب
 قال الشهيد الأول في الدروس: (ويجب التكسّب لقضاء الدين على الأقوى بما يليق بالمديون ، ولو كان إجارة نفسه ) [4]
 وقال ابن حمزة في الوسيلة: (وإن كان المستدين معسرا صبر عليه من له الدين حتى يجد ، فإن كان مكتسبا أمر بالاكتساب ) [5]
 وقال في المسالك: ( ولو قيل بوجوب التكسب بما يليق بحاله كان حسنا )
 وعن جامع الشرائع ومجمع البرهان الأمر بالاكتساب
 وفي المختلف : (وقول ابن حمزة جيد ، ونمنع من إعسار المكتسب ) [6]
 وفي الجواهر: (وأن المشهور منها عدم وجوب التكسب حتى بالتقاط مباح لا يحتاج إلى تكلف ، فيكون وجوب الوفاء عندهم مشروطا باتفاق حصول اليسار ، ولا يجب عليه تحصيله وإن تمكن منه ، تمسكا بالأصل وظاهر الآية والرواية المعتضدة بما سمعت ) [7]
 وذهب عامة فقهاء العصر إلى وجوب التكسب لأداء الدين بنحو الاحتياط الوجوبي فيمن لم يكن شغله التكسب وأما من كان شغله التكسب فأكثرهم قوى الوجوب .
 والصحيح هو الوجوب إذ مع إطلاق دليل وجوب وفاء الدين وقضائه ووجوب مقدمته لا معنى للتمسك بالأصل وأما الآية فيمكن أن يقال أن المتمكن من وفاء الدين بالتكسب لا يعد عرفا من أصحاب العسرة فلا يكون مشمولا الآية .
 أو يقال إن غاية ما تدل عليه الآية هو عدم جواز إعسار المديون أي عدم جواز مطالبة المعسر ولا نظر لها إلى وجوب التكسب وعدمه فلا مانع من الالتزام بعدم جواز المطالبة مع وجوب التكسب عليه لتحصيل الميسرة
 وما ورد في بعض الأخبار: والتي استدل بها من ذهب إلى عدم وجوب التكسب كالمرسل المتضمن أن عليا لم يحبس العاجز عن الإنفاق على عياله ولا أمره بالتكسب
 فيمكن الجواب عنه: مضافا إلى ضعف سنده أنه قضية في واقعة إذ لعلى الإمام ع كان عالما بعجزه عن التكسب
 ويؤيد وجوب التكسب خبر غياث أن عليا ع كان يحبس الرجل فإذا تبين له حاجة وإفلاس خلى سبيله حتى يستفيد مالا
 إذ الظاهر أن لفظة حتى تعليلية فكأنه قال إنما يخلي سبيله لأن يستفيد مالا ويكتسب
 ولو كانت حتى للغاية فإنه وإن لم تدل على وجوب التكسب إلا أنها لا تدل على عدم الوجوب كما لا يخفى والمتحصل أن لا دليل على عدم وجوب التكسب لوفاء الدين وبما أن الدين واجب الوفاء فتجب مقدمته إلا إذا كان في التكسب حرج وعسر فينتفى وجوب الاكتساب
 وقد أجاد السيد اليزدي في ملحقات العروة حيث قال: (وبالجملة : فحال أداء الدين حال نفقة العيال في وجوب التكسّب لأجلها مع التمكّن ، وكذا سائر التكاليف الموقوفة على المال إذا كان وجوبها مطلقاً) [8]
 بل لازمه جواز إلزامه وإجباره على العمل إذا كان متوانيا بل قد يصل إلى حد يجوز إجارته واستعماله إذا لم يكن بعثه على العمل إلا بهذا الوجه ن أ


[1] - جواهر الكلام ج 31 ص 374
[2] - المبسوط ج 6 ص 31
[3] - تحرير الأحكام الحلي ج 4 ص 43
[4] - الدروس ج 3 ص 311
[5] - الوسيلة ص 274
[6] - مختلف الشيعة ج 5 ص 386
[7] - جواهر الكلام ج 25 ص327
[8] - العروة الوثقى ج 6 ص 495