الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام النفقات \ نفقة الزوجة\أدلة ملكية الكسوة
 تحصل الى الان عدم وجود دليل مقنع لإثبات كون نفقة القوت على نحو التمليك
 الجهة الثانية: في الكسوة وما شابهها في الفراش والغطاء
 اختلف العلماء في كيفية انفاق الكسوة وما شابهها على قولين قول بالتمليك وقول بالإمتاع
 فعن الشيخ في المبسوط والعلامة في غير الارشاد والتحرير أن المرأة تستحق الكسوة بعنوان التمليك وهو الظاهر من الشرائع.
 وعن القواعد والروضة والمسالك وكشف اللثام أنها امتاع ومال إليه فوائد الشرائع وفي الرياض أنه أشهر وفي الجواهر لعله كذلك.
 وتردد العلامة في التحرير وتوقف صاحب الحدائق في المسالة
 قال صاحب الحدائق : ( والمسألة عندي محل توقف وإشكال لعدم النص القاطع لمادة القال والقيل )
 وكذلك اختلف علماء العامة على قولين في كل من مذهب الحنفية والشافعية والحنبلية والزيدية
 فقهاء العصر
 وأما فقهاء العصر فذهب الإمام الخميني قد إلى أنها بنحو الإمتاع وكذلك السيد محسن الحكيم والسيد الكلبايكاني والشيخ صافي والشيخ فاضل اللنكراني والسيد السبزواري بل ادعى عليه إجماع فقهاء الملة.
 وذهب السيد الشهيد الصدر إلى أنها بنحو التمليك كالسيد الماتن وكذلك السيد السيستاني والسيد محمد الروحاني والشيخ اسحاق الفياض والسيد صادق الروحاني والسيد الهاشمي والشيخ مكارم الشيرازي وتأمل الشيخ وحيد في المسألة إذ علق على قول السيد الماتن بأن الأقرب كالأول أي كالقوت الذي هو بنحو التمليك عند السيد الماتن بقوله في كونها تمليكا أو إمتاعا تأمل.
 أقول: مقتضى اطلاقات الأدلة وصدق الإنفاق المأمور به على إعطائها الكسوة من دون تمليك هو استحقاقها للكسوة الأعم من التمليك وعدمه فمن يدعي الفرد الخاص وهو التمليك عليه أن يأتي بالدليل بعد أن كان دليل البراءة عن وجوب التمليك تام بعد عدم وجود دليل واضح يدل على التمليك
 ولكن القائل بالتمليك استدل بعدة أدلة لا تخلو من إشكال
 الدليل الأول: قوله تعالى { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن}
 وتقريب الاستدلال بأن يقال إن الكسوة معطوفة على الرزق ومقتضى العطف التسوية في الحكم وهو في الرزق التمليك فيكون كذلك في الكسوة
 وأجاب عنه في المسالك فقال: (لمنع اقتضاء العطف التسوية في جميع الأحكام وجميع الوجوه . سلمنا ، لكن المعتبر الاشتراك في الحكم المذكور دون صفته وكيفيته ، فإن قولنا " أكرم زيدا وعمرا " يقتضي اشتراكهما في أصل الإكرام لا التسوية فيه من كل وجه ، والظاهر من الحكم هنا كون الرزق مستحقا عليه فتكون الكسوة كذلك ، وأما كيفية الاستحقاق فأمر آخر خارج عن أصل الحكم ، ومن الجايز أن يريد بقوله " وكسوتهن " جعلهن مكسيات وهو يتم بالإمتاع ) [1]
 ولتوضيح كلامه نقول إن مقتضى العطف المشاركة في الحكم المثبت للمعطوف عليه فأي حكم يثبت للمعطوف عليه في مدلول الكلام سوف يثبت للمعطوف وأما الأحكام الأخرى الثابتة للمعطوف عليه من خارج الكلام فلا وبما أن الحكم الثابت للمعطوف عليه هو وجوب الإنفاق فالعطف يقتضي المشاركة معه في ذلك أما أنه بنحو التمليك فهو ثابت بالإجماع من خارج الدليل فلا يستلزم ارادته من الآية نعم بناءا على مسلك السيد الماتن من استفادة الملكية من التركيب في الآية فإنه يمكن استفادة الملكية بمقتضى العطف كما لا يخفى إلا أنه سابقا لم يتم هذا الكلام وعليه فلا يمكن استفادة التمليك من الآية حتى لو كان الرزق بنحو التمليك على أساس الإجماع أو خبر شهاب بن عبد ربه
 الدليل الثاني: الاستدلال بالنبوي ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )
 بتقريب أن اللام تفيد الملكية
 وأجيب: كما سابقا بأننا لا نسلم إفادة اللام للملك وذلك لأنها تفيد بحسب مواردها عدة معاني أوصلها ابن هشام في مغني اللبيب إلى اثنين وعشرين معنى ولا يتعين إرادة واحدة منها إلا بالقرينة الخاصة المحفوفة بالكلام والظاهر أن المراد منها ما يفيد الاستحقاق وليس الملكية بالخصوص وحكي عن الكشف بأن الأصل في اللام الاختصاص وهو يتحقق بالإمتاع أيضا.
 الدليل الثالث: أن إعطاء الزوجة شخص الكسوة وفاء عن الكلي الثابت في الذمة بعد تحقق شرط وجوب الانفاق نظير المدفوع وفاء للدين واللازم منه صيرورة المدفوع ملكا لها.
 وفيه: أن ذلك يتم فيما لو كان وجوب انفاق الكسوة مقتضيا لثبوت مال لها في ذمة الزوج وأما إذا كان خطابا شرعيا نظير خطاب نفقة الأقارب فلا يفيد لأن إعطاء العين الشخصية الخارجية إنما هو لكونها متعلقا لحق الزوجة ولها أن تنتفع بالكسوة وهذا لا يقتضي الملكية
 الدليل الرابع: دعوى أنه يجب على الزوج في انفاقه أن يملك الزوجة الكسوة على وجه إن لم يملكها إياها لم يكن منفقا فيكون التمليك شرطا في إنفاق الكسوة شرعا
 وفيه: أنه لا دليل يدل على اشتراط ذلك بل هو مخالف للسيرة المستمرة من انفاق الأزواج الكسوة بدون الالتفات إلى التمليك وهذا هو المتعارف المحمول عليه الأدلة.
 فتحصل إلى الآن أنه لا دليل على التمليك في إنفاق الكسوة طالما إن إنفاقها بنحو الإمتاع يصدق عليه المعاشرة بالمعروف فإن الأمر بالماهية يكفي في امتثاله الإتيان بجزئي من جزئياتها كما هو واضح .
 ثم إن هناك ثمرات بين القول بالملك وبين القول بالإمتاع تأتي.


[1] - مسالك الأفهام ج 8 ص 464