الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/05/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام النفقات \ نفقة الزوجة\أدلة ملكية القوت
 كان الكلام في الدليل على ان الزوجة تملك القوت وانتهينا الى رواية شهاب بن عبد ربه وقلنا ان هناك مشكلة في سندها الا ان هناك محاولتين لتصحيح السند.
 الأولى: أن يقال أن المشهور عملوا بهذا الخبر وعملهم موجب لجبر ضعف السند
 وفيه: ما تقدم مرارا من عدم التسليم بكبروية جابرية عمل المشهور للخبر الضعيف
 الثانية: عن طريق اثبات وثاقة نوح بن شعيب الخراساني وهناك طريقان .
 الطريق الأول: دعوى اتحاد البغدادي مع الخراساني وأنهما رجل واحد وبما أن البغدادي قد وثقه الشيخ نقلا عن ابن شاذان بناءا على وجود عبارة صالح ومرضي في النقل كما ربما يوهمه كلام العلامة في الخلاصة
 ومنشأ دعوى الإتحاد كون طبقتهما واحدة واتحاد الراوي والمروي عنه لإمكان أن يكون الشخص الواحد متولدا في بلد وساكنا في بلدا آخر فيتعدد العنوان بالخراساني تارة وبالبغدادي تارة أخرى
 وفيه: أن هذا لا يفيد سوى الظن بالاتحاد والظن لا يترتب عليه أثر مع أن أرباب الرجال كالشيخ وغيره عنونوهما بعنوانين النيشابوري والبغدادي وعليه فلا يمكن الاعتماد على الرواية بوجه
 الطريق الثاني: دعوى عدم استثناء ابن الوليد نوح بن شعيب من رجال نوادر الحكمة فإن محمد بن أحمد بن يحي الأشعري القمي الثقة وإن كان قد يروي عن الضعاف فإن له كتاب يسمى نوادر الحكمة وفيه روايات من أبواب مختلفة وقد ذكر النجاشي أن محمد بن الحسن بن الوليد كان يستثني من روايات نوادر الحكمة قسما منها وبما أنه لم يستثن نوح بن شعيب فإنه يستفاد توثيقه له كما هو المعروف عند بعض الأعلام .
 وفيه: أن اعتماد ابن الوليد على رواية شخص لا يكشف عن حسنه فضلا عن وثاقته إذ لعله كان يبني على أصالة العدالة ويعمل برواية كل شيعي لم يظهر منه الفسق فاعتماده على رواية شخص لا يعني توثيقه له
 وبالتالي لا يمكن الاعتماد على الرواية
 ثم إنه يوجد كلام للسيد الماتن حول استفادة ملكية القوت من قوله تعالى{ وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف }
 قال: (تنقسم النفقات إلى قسمين : - نفقة الزوجة ونفقة الأقارب . والمعروف والمشهور في الأولى بل لا يبعد دعوى الاجماع عليه كونها على نحو التمليك ، بخلاف الثانية حيث إن وجوبها حكم تكليفي محض لا يترتب على مخالفته غير العصيان والإثم . ويدل على الحكم في الأولى مضافا إلى ما سيظهر من بعض النصوص قوله : " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " فإن الرزق عبارة عما يرتزق به واسم للعين الخارجية مما يؤكل أو يشرب والكسوة اسم لما يلبس ، فيكون معنى الآية الكريمة أن على الرجل الطعام والشراب واللباس بالمعروف . وقد ذكرنا في مبحث النفقات من كتاب النكاح أن متعلق " عليك أو عليه " أو غيرهما مما يدل على الالزام ، إذا كان عينا خارجيا ، كان معناه التمليك ، فيقال : عليه الدينار أو الدرهم وما شاكل ذلك . وهذا بخلاف ما لو كان متعلقه الفعل كالصلاة والصيام ، فإن ظاهره الالزام به ووجوبه عليه تكليفا محضا لا غير . وحيث إن الآية الكريمة من قبيل الأول باعتبار أنها أثبتت نفس الأعيان الخارجية على الرجل ، كان ظاهرها ثبوت تلك الأعيان في ذمته وهو ما يعني ملكية الزوجة لها عليه . وتقدير الفعل في الآية الكريمة بدعوى كون المراد : عليه اعطاء الرزق والكسوة ، خلاف الظاهر ولا شاهد يعضده . واحتمال كون الرزق والكسوة مصدرين - كما جاء في بعض الكلمات - بعيد غايته ، فإن الأول من الأفعال المتعدية ومصدره الرزق - بفتح الراء - وأوضح منه فسادا الثاني فإنه اسم للعين وليس بمصدر جزما ، فإن مصدره الكسو ، إذن : فما ذهب إليه المشهور ، بل لا يبعد دعوى عدم الخلاف فيه من ملكية الزوجة لنفقتها هو الصحيح ) [1]
 وحاصل ما افاده أن الظاهر من الجملة الحكم الوضعي إذ جعل نفس الرزق والكسوة على المولود له ولا يصح جعل العين على المكلف إلا باعتبار الحكم الوضعي والرزق بحسب المفهوم وان كان عاما ولكن حيث قوبل بالكسوة يختص بالمأكول والمشروب .


[1] - كتاب المساقاة الأول ص 194