الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام النفقات \ نفقة الزوجة \أدلة ملكية القوت
 اقول لا يتوقف صدق الإنفاق المأمور به شرعا على الملك والفرض أن الباذل لم يقصد التمليك فلا سبب للملك شرعا ولا قصدا
 ولذا قيل أن الأصل يقتضي عدم الملكية ولا سيما أن بعض أدلة وجوب الإنفاق تقتضي التسوية بين نفقة الزوجة والأقارب فإذا لم تكن النفقة للأقارب بالاتفاق بنحو التمليك فكذلك في الزوجة فالقائل بالتمليك ولو بخصوص الطعام والشراب وما يتوقف الانتفاع به على ذهاب عينه لا بد من أن يبرز الدليل الدال على ذلك .
 دليل القائل بالتمليك
 استدل لذلك بعدة أدلة
 الدليل الأول: الإجماع المدعى في كلام بعضهم
 وفيه: أن الإجماع على تقدير تحصيله محتمل المدركية فلا يكون حجة
 الدليل الثاني: قوله تعالى { ولهن مثل الذي عليهن } بناءا على ظهور كلمة اللام في الملكية
 وفيه:
 أولا: أن اللام ليست ظاهرة دائما في الملكية إذ الاختصاص من أظهر معانيها
 ثانيا: أن الآية أجنبية عن المقام فإنه لو كانت اللام هنا للملكية وكانت إشارة للنفقة كان لازم ذلك المقابلة بالأمور المالية لتصح المماثلة مع انه لا نجد حقا ماليا للزوج على الزوجة
 بل الظاهر انها في مقام بيان ان لكل منهما حقوق على الآخر لا بد من مراعتها في الحياة الزوجية
 قال الأردبيلي في زبدة البيان: (أي ولهن حقوق واجبة على الرجال مثل حقوقهم عليهن في الوجوب واستحقاق المطالبة بها لا في الجنس ، لأن حقوق النساء على الرجال المهر : والنفقة والكسوة والمسكن والمضاجعة والدخول في الأوقات المقررة شرعا وترك الضرار كما روي أن الرجل كان يطلق فإذا قرب خروج العدة فيرجع وهكذا ، لئلا تتزوج وتستضر بعدم الزوج ، فنهى عن ذلك على ما فهم مما سبق ، وحقوق الأزواج عليهن في أنفسهن بأن يبذلن أنفسهن لهم ، ولا يمنعهم ولا يتزين لغيرهم ، ولا يخرجن عن البيوت بغير إذنهم ) [1]
 وفي مجمع البيان: (وإنما أراد بذلك ما يرجع إلى حسن العشرة ، وترك المضارة ، والتسوية في القسم والنفقة والكسوة ، كما أن للزوج حقوقا عليها مثل الطاعة التي أوجبها الله عليها له ، وأن لا تدخل فراشه غيره ، وأن تحفظ ماءه فلا تحتال في إسقاطه ) [2] .
 ويشير إلى ذلك خبر تحف العقول عن النبي ص أنه قال في خطبة الوداع: (إن لنسائكم عليكم حقا ولكم عليهن حقا ، حقكم عليهن أن لا يوطين فرشكم ولا يدخلن بيوتكم أحدا تكرهونه إلا بإذنكم وأن لا يأتين بفاحشة فان فعلن فان الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح ، فإذا انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) [3] .
 الدليل الثالث: ما روي عن النبي ص أنه قال: ( لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) بتقريب أن اللام تفيد الملكية.
 وجوابه ما تقدم في رد الدليل الثاني مضافا إلى ضعف سنده وعدم وجوده في كتبنا المعتبرة
 ومثله الاستدلال بمفهوم قوله ع إذا خرجت من بيتها بغير إذنه فلا نفقة لها.
 الدليل الرابع: خبر شهاب بن عبد ربه قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما حق المرأة على زوجها ؟ قال : يسد جوعتها ويستر عورتها ولا يقبح لها وجها .... وليقدر لكل انسان منهم قوته فإن شاء أكله وإن شاء وهبه وإن شاء تصدق به ) [4]
 وما في نسخة التهذيب فإني أقوت عيالي بالمد وليقدر لكل إنسان منهم لا يقدح في المطلوب لخروج الأولاد بالدليل
 وتقريب الاستدلال بأن يقال أن التصدق والهبة فرع الملكية لعدم صحة التصدق والهبة بملك الغير
 وفيه: مع التسليم ان التصدق والهبة لا يكون بملك الغير إذ لقائل أن يقول إن الدفع لو كان من باب الإباحة لأمكن التسلط على بيع المدفوع وصدقته وهبته
 ومن هنا قال السيد السبزواري فإن التصدق والهبة يجتمعان مع الإباحة المطلقة وإيكال الأمر إليها من كل جهة اللهم إلا أن يقال إن هذا خلاف ظاهر الرواية مطلقا فإن ظاهرها الهبة من قبل نفسها وهذا يناسب الملكية
 إلا أن الكلام في سند الخبر فإن الرواية لها طريق مرسل وطريق مسند وفي سنده نوح بن شعيب الخراساني وهو لم يوثق او أنه مردد بين البغدادي الذي قال عنه الفضل بن شاذان أنه كان فقيها عالما صالحا مرضيا وبين الخراساني الذي لم يوثق ومع الاشتراك تسقط الرواية عن الاعتبار


[1] - زبدة البيان ص 592
[2] - مجمع البيان ج 2 ص 100
[3] - الوسائل باب 6 من أبواب النفقات ح 2
[4] - الوسائل باب 2 من أبواب النفقات ح 2