الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام النفقات \ خروج الزوجة من بيتها
 الأمر الخامس
 مقتضى إطلاق الدليل عدم الفرق بين الحاضر والغائب الذي يمكن إبلاغه ولو كان يتهرب لكي لا يصل إليه الطلب من الحاكم بالإنفاق أو الطلاق وليس علة حرمة الخروج ووجوب الاستئذان منافاة الخروج لحق الاستمتاع حتى يفرق بين الحاضر والغائب وإن احتمله صاحب الحدائق إلا أنه استظهر أخيرا عدم التفصيل عملا بالإطلاق.
 قال في الحدائق: (ويحتمل التخصيص بالحضور ، نظرا إلى أن العلة في المنع إنما هو من حيث منافاته للنكاح متى أراده ، وهذه العلة منتفية بالغيبة ، والظاهر الأول عملا بالإطلاق ) [1] .
 الأمر السادس
 في حكم المفقود زوجها وسيأتي في مبحث العدة وإن كان ما ذكره في المتن من وجوب الصبر مع العلم بحياته وإن لم يكن له مال ينفق عليها منه يدل عليه
 ما رواه سماعة قال: (سألته عن المفقود فقال : إن علمت أنه في أرض فهي منتظرة له أبدا حتى يأتيها موته أو يأتيها طلاق ، وإن لم تعلم أين هو من الأرض ولم يأتها منه كتاب ولا خبر فإنها تأتي الإمام عليه السلام فيأمرها أن تنتظر أربع سنين فيطلب في الأرض فإن لم يوجد له خبر حتى يمضى الأربع سنين أمرها ان تعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تحل للأزواج فان قدم زوجها بعد ما تنقضي عدتها فليس له عليها رجعة وان قدم وهي في عدتها أربعة أشهر وعشرا فهو أملك برجعتها ) [2]
 وسيأتي بحثه في مسائل العدة.
 مسألة(1407): ( لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها فيما إذن زوجها فيما إذا كان خروجها منافيا لحق الاستمتاع بها بل مطلقا على الأحوط فأحوط فإن خرجت بغير إذنه كانت ناشزا ولا يحرم عليها سائر الأفعال بغير إذن الزوج إلا أن يكون منافيا لحق الاستمتاع ).
 تعرض السيد الماتن في هذه المسألة إلى أمور ثلاثة:
 الأول: حرمة خروج المرأة من بيتها من دون إذن زوجها ناف حق الاستمتاع أم لم يناف فتوى في الشق الأول واحتياطا وجوبيا في الثاني.
 الثاني: اعتبار المرأة الخارجة من منزل الزوج بلا إذن ناشزة وبالتالي تسقط نفقتها.
 الثالث: عدم حرمة أي فعل آخر غير الخروج من دون إذن الزوج إذا لم يكن منافيا لحق الاستمتاع.
 الأمر الأول:
 قال العلامة في منتهى المطالب: ( لا تحج التطوع إلا بإذن الزوج فإن أذن لها في الخروج خرجت وإلا فلا ولا نعلم فيه خلافا لأن حق الزوج واجب فليس لها تفويته بما ليس بواجب ) [3] .
 وقال الشهيد الثاني في المسالك: ( ومن حقوق الزوج على الزوجة عدم خروجها من منزله بغير إذنه ولو إلى بيت أهلها حتى عيادة مرضاهم وحضور ميتهم وتعزيتهم ) [4] .
 وقال المحقق النراقي في المستند ( بلا خلاف يعرف كما في الذخيرة بل الإجماع كما في المدارك بل لعله إجماع محقق ) [5] .
 وقال المحقق البحراني في الحدائق بعد نقله لروايات حقوق الأزواج: ( وظاهرها وجوب تلك الحقوق المذكورة وأنها تؤاخذ بتكرها ) [6] .
 ومن جملة الحقوق عدم الخروج من منزله بغير إذنه.
 وكذلك يظهر من الجواهر وغيره بل هو ظاهر الأصحاب ولم يفرقوا بين المنافاة وعدمها وإن كان بعض عبائر القوم قد ربط حرمة الخروج لعدم إمكان استيفاء الزوج حقه.
 وأما العامة:
 قال ابن قدامة: ( وللزوج منعها من الخروج من منزله إلى ما لها منه بد سواء أرادت زيارة والديها أو حضور جنازة أحدهما ) [7] .
 وحكي عن الشافعي جواز منعها من الخروج إلى المساجد ثم قال وظاهر الحديث يمنعه لقول النبي صلى الله عليه وآله لا تمنعوا إماء الله مساجد الله.
 وأما فقهاء العصر:
 فذهب السد محسن الحكيم والسيد الشهيد الصدر إلى حرمة خروج الزوجة بلا إذن الزوج مطلقا سواء ناف حق الاستمتاع أم لم ينافه وكذلك السيد السيستاني على الأظهر والسيد الماتن والسيد صادق الروحاني والشيخ التبريزي والشيخ اسحاق الفياض والشيخ وحيد الخراساني على الأقوى والإمام الخميني والسيد الكلبيكاني والشيخ صافي الكلبيكاني والشيخ مكارم الشيرازي والإمام الخميني والسيد الكلبيكاني والشيخ صافي الكلبيكاني والشيخ مكارم الشيرازي وإن كانت بعض العبائر بنحو الاحتياط الوجوبي بلحاظ عدم منافاة حق الاستمتاع كالسيد الماتن وبعض تلامذته كالسيد صادق الروحاني والشيخ إسحاق الفياض.
 وذهب السيد الهاشمي إلى حرمة الخروج بلا إذن إذا كان منافيا لحق الاستمتاع والأحوط الأولى عدم الخروج إلا بإذن لو لم يناف حق الاستمتاع.
 ولكي يتضح الحال فإن اللازم ذكر الأخبار الواردة في المقام
 منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيما امرأة خرجت من بيتها بغير الله صلى الله عليه وآله: أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتى ترجع ) [8]
 ومنها: صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ( جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه فقالت: يا رسول الله ما حق الزوج ع لى المرأة فقال لها: أن تطيعه ولا تعصيه ولا تتصدق من بيته تعصيه ولا تتصدق من بيته إلا بإذنه ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه ولا تمنعه نفسها وإن كان على ظهر قتب ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه وإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض وملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها ) [9]
 ومنها: ما رواه العزرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة؟ فقال: أكثر من ذلك. قالت: فأخبرني عن شيء منه قال: ليس لها أن تصوم إلا بإذنه يعني تطوعا ولا تخرج من بيتها بغير إذنه وعليها أن تتطيب بأطيب ...) [10]
 ومنها: ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( إن رجلا من الأنصار على عهد رسول صلى الله عليه وآله خرج في بعض حوائجه فعهد إلى امرأته أن لا تخرج من بيته حتى يقدم قال: وإن أباها قد مرض فبعثت المرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تستأذنه أن تعوده فقال: لا إجلسي في بيتك وأطيعي زوجك قال فثقل فأرسلت إليه ثانيا بذلك فقال: اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك قال فمات أبوها فبعثت إليه إن أبي قد مات فتأمر ني أن أصلي عليه فقال: لا اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك قال فدفن الرجل فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك ) [11]
 ومنها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عليه السلام في حديث المناهي عن النبي صلى الله عليه وآله فيه ( أنه نهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها فإن خرجت لعنها كل ملك في السماء ) [12]
 ومنها: مارواه حماد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قال: ( ولا تخرج من بيت زوجها ل: ولا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه فإن خرجت بغير إذنه لعنا الله عزوجل وجبرائيل وميكائيل) [13]
 ومنها: ما رواه عبد العظيم الحسين عن الجواد عليه السلام عن آبائه عن علي عليه السلام قال: ( دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدته يبكي بكاء شديدا فقلت له فداك أبي وأمي: ما الذي أبكاك فقال: يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد إلى أن قال وأما المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها ) [14]
 ومنها: معتبرة ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: ( سألته عن المرأة ألها أن تخرج بغير إذن زوجها؟ قال لا ) [15]
 


[1] - الحدائق الناضرة ج 23 ص 119
[2] - الوسائل باب 44 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح 2
[3] - منتهى المطلب ج 2 ص 658
[4] - مسالك الأفهام ج 8 ص 308
[5] - مستند الشيعة ج 11 ص 92
[6] - الحدائق الناضرة ج 23 ص 121
[7] - المغني ج 8 ص 129
[8] - الوسائل باب 6 من أبواب النفقات ح1
[9] - الوسائل باب 79 من أبواب مقدمات النكاح1
[10] - الوسائل باب 79 من أبواب مقدمات النكاح2
[11] - وسائل الشيعة باب 91 من أبواب مقدمات النكاح ح1
[12] - وسائل الشيعة باب 117 من أبواب مقدمات النكاح ح5
[13] - وسائل الشيعة باب 117 من أبواب مقدمات النكاح ح6
[14] - وسائل الشيعة باب 117 من أبواب مقدمات النكاح ح4
[15] - الوسائل باب 79 من أبواب مقدمات النكاح ح5